هي حقًا تستحق أن تكون جوهرة التاج، بما تضفيه من سعادة حقيقية على وجوه الكبار قبل الصغار، فجوهرة التاج قديماً أو ما نُسيمها الآن بـ«حديقة الحيوان» بدأت تستعيد نظافتها خلال الثلاثة أعوام الماضية، وهو تقدم يُحسب للقائمين عليها، خاصة وأنها دخلت في برنامج التطوير بتكلفة تصل إلى 350 مليون جنيه محاولة للعودة مرة أخرى لعضوية الاتحاد العالمي لحدائق الحيوان.
في السطور القليلة القادمة، نستعرض برنامج تطوير حديقة الحيوان مع اللواء الدكتور محمد رجائي مدير الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، الذي أكد على مصرية التطوير 100% واعتماده على الجهد الذاتي، واتباع أساليب جديدة لحماية الحيوانات المهددة بالانقراض ولإسعاد الجمهور. وإلى نص الحوار..
نقلا عن العدد الورقي.
في البداية.. ما مدى صحة وجود شركات غير مصرية لتطوير الحديقة مقابل حق الانتفاع؟
جميعها شائعات ومعلومات غير صحيحة، فعملية تطوير حديقة الحيوان مصرية 100% وجهد ذاتي ولا يوجد أي شركات تتبنى فكرة التطوير، لنا عملنا وجُهدنا المبذول وعُمالنا ووُرشنا الخاصة، فضلاً عن وجود تعاون من منظمات المجتمع المدني.
ماذا تضم أعمال التطوير بالحديقة؟
منذ توليت المسئولية نسعى لتحقيق محورين رئيسيين وهما السبب في إسعاد الجمهور وسمعة الحديقة، الأول ما يخص الحياة البرية والحيوانات بالحديقة، وبالفعل حدث تطوير في نظم التغذية والرعاية البيطرية ومحاكاة البيئة بالنسبة للحيوان وهي عملية فنية، وهذا الجهد يُثمر عن تكاثر وتزاوج الحيوانات تضاعف أعدادهم فالحيوان البري غالي الثمن وذو قيمة مالية كبيرة ومن الصعب تعويضه لذلك فالتكاثر والتزاوج هو ثمرة التي يتم بنائها وهناك لمعان في جلود الحيوانات وهذا دليل على أنهم بصحة جيدة ورعاية بيطرية فلا يمكن تعويض الحيوانات مرة أخرى إذا لم يحدث إكثار، المحور الثاني فيما يخص خدمات الجمهور، وتم الاهتمام بكل ما يُسعدهم خاصة منظومة النظافة كانت من أكبر التحديات فضلاُ عن عمل دورات مياه حديثة وصيانة شاملة ومنها تخص المعاقين على مستوى عالي، كما تم عمل استراحات في كل أنحاء الحديقة عبارة عن مقاعد خشبية بدلاً من الجلوس في الأرض، بالإضافة إلى عمل منطقة ترفيهية للأطفال بدلا من المراجيح المكسورة القديمة، ووجود طفطف لنقل كبار السن وللأطفال مجانًا، كما تم عمل كافتيريات بشكل جديد تم تعميمه على الحديقة، وتم وضع بجع وبط في البحيرات ويعمل على نظافة المياه لأنه يأكل الفطريات وعمل نافورة مياه وتطوير السينما.
كما لدينا مصدرين للمياه أولها المياه العكرة أي من النيل ولكنها لا تستكمل ساعة ولا تستطيع تجديد مياه الحديقة الراكدة، ومصدرها الثاني الآبار، فالحديقة لديها 8 آبار رئيسية، كما أن بحيرات فرس النهر من أكبر الكوارث بسبب المخلفات وعدم وجود صرف وري وكانت روائحها تصل للعمارات المجاورة للحديقة وتمثل كارثة بيئية.
دور مركز البحوث الزراعية في حديقة الحيوان؟
يتم تهذيب الأشجار ورعايتها بعدما كانت تمثل خطورة شديدة على الزوار بسبب أمراض الأشجار وسقوطها، وتم عمل لجان تنعقد كل 6 شهور مع مركز البحوث الزراعية، فلديهم قسم ناخرات الأخشاب وقسم أمراض الأشجار وعمل توصيات بتهذيب أو إزالة لحماية الجمهور.
هل جميع الحيوانات دون استثناء موجودة بالفعل؟
لا، ولكن لدينا عدد كبير، فهناك الزرافة وسبع البحر والمفترسات كالأسود وغيرها والطيور والقردة والفيل، ولكن لا يوجد خرتيت أو وحيد القرن.
بماذا ترد على من يقول أن الفيلة وبعض الحيوانات الأخرى تموت في الحديقة بسبب الإهمال؟
لا يوجد إهمال ولكنها تموت بسبب كبر السن، فالخرتيت نفق منذ وقت قريب بسبب كبر سنه الذي تخطى 56 عامًا، ولم يعد لدينا آخر، ومنذ أكثر من عامين الفيل نفق بسبب مشكلات بالجهاز الهضمي وكان إهداء للزعيم الراحل جمال عبد الناصر وكان عجوزًا، ووحيد القرن مات لكبر سنه، والآن لدينا فيل واحد بالحديقة.
كيف تهتم الحديقة بصحة الحيوانات؟
من ناحية الحيوانات كان بها مشكلة كبيرة، ففي حالة موتها لا يوجد بديل، وبالتالي قمنا بعمل خطة إكثار على أعلى مستوى تعتمد على التغذية الجيدة، الرعاية البيطرية وخطة التحصينات، لأن وباء واحد قادر على نفوق قطيع بأكمله، والتحصين دوري أي على مدار 3 أشهر، 6 أشهر وسنوي، وخطة للفيتامينات بالإضافة إلى الإثراء البيئي لجعل الحيوان والطائر يعيش في بيئة مناسبة وإذا توافر كل هذا سيتم وجود ولادات وإكثار.
تم الاهتمام بالمبايب الخاصة بالحيوانات كبيت السباع مثلا تم الاستعانة بطلاب كلية التربية الفنية لعمل رسومات وأشكال.
ماذا عن فكرة شراء حيوانات من الخارج؟
بالفعل تم إدخال حيوانات جديدة في الحديقة عن طريق البدل وليس الشراء، فلدينا مشكلة حقيقية، فمنذ 7 سنوات في وزارة المالية لا يوجد بند لشراء الحيوانات من الخارج، ففكرنا خارج الصندوق، وذلك عن طريق عرض الحيوانات الزائدة على حدائق عالمية لاستبدالها بحيوانات ناقصة، وقمنا بتوفير حيوانات عن طريق البدل ولها تقييم مالي، ومنها الكانجرو الأحمر، والمها العربي وهو مهدد بالانقراض من الطبيعة وتم توفير ولادة منه في الفيوم، والدب الروسي، وبيت الزواحف تم ملئه بأنواع جديدة من الثعابين النادرة، ودخول فصائل جديدة في بيت الضباع والنمور، وكان لدينا زيادة في فرس النهر «سيد قشطة»، لأن مساحة البحيرة صغيرة ولمنع حدوث الصراعات بينهم تخلصنا من الزيادة، والكبش الأروي، والبجع عن طريق البدل، فالبدل ساعد على توفير الكثير من الحيوانات داخل الحديقة بسبب عدم وجود أموال للشراء.
ماذا عن الحيوانات التي تعاني من نقص في حديقة الحيوان؟
لدينا نقص في الحيوانات الواحدة أي يوجد حيوان واحد فقط منها في حديقة الحيوان مثل الفيل والزرافة وإنسان الغاب «أنثي»، وسبع البحر 2 ذكور، كما لا يوجد لدينا وحيد القرن الذي انقرض من الحديقة، فكان واحد فقط وعجوز، بالإضافة إلى عدم وجود خرتيت بعد نفوقه مؤخرًا وكان الوحيد في الشرق الأوسط، وجاء أكثر من خبير في الاتحاد الأفريقي والدولي لحدائق الحيوان وشكروا الحديقة على الاعتناء به لأن الخرتيت الأبيض مهدد بالانقراض على مستوى العالم، فهذه الحيوانات لها اتفاقيات دولية تحكمنا مثل اتفاقية «سايتس» العالمية للحيوانات المهددة بالانقراض.
لماذا لا يوجد بروتوكول تعاون مع الهند وجنوب شرق آسيا لتوفير الفيلة؟
نحاول في الأمر ولكن بيت الفيل لدينا به مشكلة، حتى إذا أمكن ذلك ستأتي لجنة من الخارج لمعاينة بيت الفيل لأنه أثري ومساحته ضيقة، وسيواجه الطلب بالرفض وبالتالي يجب التطوير لعمل بيت بمواصفات معينة جديدة يسمح بها الاتحاد الدولي.
ماذا عن مخلفات الحديقة وأين تذهب؟
هناك المخلفات الشجرية تباع عن طريق جهة تبيع المنتجات الحكومية وتقوم بعمل ما يسمى «لوط» لما يُباع ومنها أخشاب الأشجار، وهناك ما هو غير قابل للبيع وهي المخلفات اليومية وعربات القمامة التابعة للحي تأخذها، والمخلفات العضوية للحيوان نستخدمها لتسميد التربة ومنها مخلفات الفيل وفرس النهر، لأنها كميات كبيرة جدًا، وتم إصلاح المحرقة الرئيسية الموجودة بالحديقة، وكانت من الأشياء المزعجة بسبب وجود مخلفات لذبح حيوانات يومياً لإطعام الأسود، حيث كانت تُسبب مشكلة في التخلص منها وتصل درجة حرارتها الآن لـ750 درجة مئوية حتي تُصبح المخلفات رمادًا ولا تؤثر على البيئة.
كم تبلغ ميزانية حديقة الحيوان؟
حديقة الحيوان تصرف على نفسها، فالأموال تذهب لوزارة المالية ويُعاد تخصيصها مرة أخرى كموازنة، وفي النهاية الموازنة التي تضعها الدولة للحديقة هي من داخلها، ففي العام الماضي تم صرف 9,5 مليون جنيه للتغذية فقط للحيوانات كالأعلاف والخضروات والفاكهة واللحوم وغيرها، ولكن في النهاية الحديقة تغطى مصروفاتها ولكن لعمل أشكال عرض جديدة كالحدائق العالمية تحتاج مبالغ كبيرة.
ماذا عن دور العمال وهل يوجد نقص في عددهم؟
لدينا 150 عامل ويجب أن يكون العدد الموجود 300، فهم خبرات نادرة لا يمكن تعويضها، فهم يعرفون سلوكيات الحيوانات جيدًا ورغم إمكانية إعطاء دورات تدريبية في التعامل مع الحيوان ولكن ستكون غير المكتسبة على مدار سنوات فالمهم هو نقل الخبرة، ولكن لا يوجد تعيينات حكومية منذ 2012 والعمال أصبحوا كبار في السن فلابد من وجود شباب جديد للتعلم ويكون ملاصق للخبير طوال 5 سنوات لمعرفة سلوكيات الحيوانات وكيفية التعامل معها وعلامات الجوع والتعب وغيرها، واتوقع خلال 5 سنوات في حالة عدم وجود تعيينات جديدة أن تحدث مشكلة كبيرة في عدد العمال في الحديقة، كما أصبح لدينا نقص في الحيوانات بالحدائق الإقليمية بسبب نقص العمال، فحديقة طنطا تحتاج إلى سباع ولكن لا يمكن ارسالها لعدم وجود عامل لديه خبرة في التعامل معهم، فن يتعامل مع الفيل غير الزواحف والسباع وغيره فهناك تخصصات.
بالنسبة لعدد الأطباء البيطريين في حديقة الحيوان؟
نعاني من نقص في الأطباء البيطريين فلدينا 6 أطباء فقط، فكانت حديقة الحيوان صرح تعليمي لطلاب كليات الطب البيطري والحصول على دورات تخدير وغيرها ولكن اليوم نريد أطباء يكتسبوا الخبرات ولكن لا يوجد تعيينات، فلدينا كثرة في الإداريين ولكن العمال والأطباء هم الأهم في الحديقة.
هل هناك مشكلة في بيت السباع؟
لدينا مشكلة في بيت السباع وهي أن الاتحاد الدولي يرفض وجودها أسيرة ولكن سيتم تطوير الأمر لعمل بيت جديد وتصور بأن تكون في أماكن مفتوحة والجمهور يراها على الجانبين من خلال زجاج ويكون هناك تفاعل أكثر مع الجمهور، والتطوير الذي يجري يخدم أهداف الاتحاد الدولي بهدف العودة مرة أخرى لعضوية الاتحاد، وهو تطوير وفقًا لملاحظاتهم وليس عشوائي.
وتم عمل لجنة لرؤية حديقة الحيوان كما نتمناها، وسيصل المبلغ المراد للتطوير إلى 300 - 350 مليون جنيه، بهدف التطوير بجانب إصلاحات في البنية التحتية المتهالكة وهي مصروفات مهمة كالمواسير الموجودة تحت الأرض وغيره، وسيتم البدء بما تستطيع الدولة توفيره، وتم تحديد 25 مليون جنيه بشكل مبدأي لأعمال التطوير.