إيران تدرس الخيارات السلمية بدلاً من الحرب.. لماذا تراجع "نظام الملالي" الآن؟

كتب : سها صلاح

خلال الأسابيع الماضية، رغم ما يظهره قادة إيران من تحد للدول العربية وأمريكا، إلا أن السياسة التنفيذية والسلوك الحقيقي لطهران يكشف وجود مخاوف كبيرة لدى قادة النظام الإيراني من الدخول في إي مواجهة عسكرية معروفة النتائج، فإيران لا تمتلك القوة العسكرية الكافية التي تمكنها من خوض الحرب العسكرية المباشرة مع جيش نظامي لأي قوة إقليمية أو عالمية، فآلياتها العسكرية ضعيفة، وقواتها ودفاعاتها الجوية غير قادرة مطلقا على صد أي هجوم بطائرات أو صواريخ أميركية متطورة، وصواريخها تفتقد للتكنولوجيا الموجهة، وقدرتها التفجيرية ضعيفة جدا، لدرجة أن بعضها يمكن استخدامه كألعاب نارية في المناسبات والأعياد، وهي حقيقة يعلمها رجال النظام الإيراني جيدا، ولهذا السبب لا يريدون الخوض في حرب عسكرية، ويلجأون تهديدهم إلى أذرعهم الإقليمية أمثال حزب الله والحوثيين والقاعدة والميليشيات الطائفية في العراق.

ولقد اصبح خضوع إيران واستسلامها لإرادة المجتمع الدولي قريبا جدا، بعد أن وصلت الأوضاع في الداخل الإيراني إلى مستوى ينذر بوقوع زلزال اقتصادي ومالي واجتماعي ينهي عمر الفريق الحاكم لإيران، بالإضافة إلى العزلة السياسية والوهن الاستراتيجي الذي تعاني منه طهران حاليا نتيجة للعقوبات والضغوطات الأميركية التي بدأت تتجه نحو العسكرية إذا ما أصرت إيران على سياساتها العدائية وسلوكها التخريبي في المنطقة، وتهديدها لأمن واستقرار الملاحة البحرية وخطوط إمداد التجارة الدولية.

اقرأ أيضاً.. سياسي عراقي: إيران تهيمن على مراكز صنع القرار منذ الغزو الأمريكي

إن نتائج المواجهة الحالية بين أميركا وإيران، باعتبارها مسألة استراتيجية هامة أصبحت أكثر وضوحا أكثر من أي وقت مضى، بعد بروز العديد من المؤشرات على نجاح العقوبات الاقتصادية على طهران والحظر الأميركي على صادراتها النفطية، وذلك عكس توقعات المسؤولين الإيرانيين الذين وضعوا آمال من جهة على الآلية المالية الأوروبية الخاصة "إينستكس"، ومن جهة أخرى أكدوا كثيراَ أن صادرات النفط الإيراني لن تقل عن مليون برميل يوميا، وأن دول مثل الصين والهند واليابان ستستمر في شراء النفط، لتعلن جميع هذه الدول التزامها بالعقوبات الأميركية.

فإيران تعلم حقائق مرعبة عن قدرات الولايات المتحدة العسكرية، كما أنها تدرك جيدا أن مسألة بقاء الحرب أمر صعب في حال دفعت بهذه الأذرع الإرهابية إلى حرب بالوكالة عنها، ما يعني أن قضية حسم الحرب وفرض الاستسلام على إيران سيكون أمر سهل، وربما خلال أيام معدودة من بدء هذه الحرب، لأن استمرار الحرب من غير الإستسلام، سيقود إلى تدمير القوات الإيرانية البحرية والبرية والجوية بشكل كامل.

اقرأ أيضاً.. إيران ترفض مقترحا فرنسيا لإحياء الاتفاق النووي.. وتتهم أوروبا بعدم الالتزام به

بالإضافة إلى إن إيران تدرك جيدا أن نشوب إي مواجهة عسكرية بينها وبين الولايات المتحدة أو قوى إقليمية وعالمية، سيقود إلى تساقط أتباعها وأذرعها في المنطقة كما تتساقط أحجار الدومينو، بدأ من الميليلشيات العراقية ومرورا بقوات الأسد وحزب الله في سوريا ولبنان وحتى الميليشيات الحوثية في اليمن، ثم إن إيران تعلم جيدا أن لا حليف لها، ولن تبقى روسيا أو الصين إلى جانبها، وأن لا تحالف إقليمي ولا دولي يمكن لطهران أن تستند إليه في أي مواجهة عسكرية محتملة مع الولايات المتحدة وحلفائها، ما يعني أن الحشد العسكري الأميركي في المنطقة قد تحول في الحقيقة إلى كابوس لإيران.

اقرأ أيضاً.. "بولتون" عن النظام الإيراني: حكم إرهابي يجب إنهائه

النتيجة أن إيران تعلم جيدا أن المواجهة صعبة جدا، بل أنها مستحيلة، ولا يمكنها الصمود أمام حرب اقتصادية داخلية وحرب عسكرية خارجية، وينبغي عليها أن لا تراهن أو تنجر وراء تهور بعض قادة الحرس الثوري والتيار المتشدد، فهي ليست في موقع يسمح لها الاختيار بين الأرباح، بل أنها أصبحت في موقع يفرض عليها أن تختار بين أقل الخسائر، بعد أن أوصلها أصحاب القرار إلى هذه النقطة نتيجة السياسيات الخاطئة داخليا وخارجي

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الجيش الإسرائيلي: لن يذهب أي وفد منا إلى أمستردام