على الرغم من أن الدولة حاولت بطرق عديدة تقديم خدمات طبية مميزة للمرضى ممثلة في مبادرات صحية لمواجهة الأمراض، إلا أن أساس المنظومة الصحية «الطبيب» يعاني من مشكلات عديدة تجعله غير قادر على أداء عمله مما تسبب في نقص عدد الأطباء حتى خرجت الدولة بقرار جديد يتضمن بحث تخريج دفعات استثنائية لكليات الطب لسد العجز في المستشفيات.
قرار الحكومة وصفه الجميع بـ«الكارثة»، لذا قررت «أهل مصر» إلقاء نظرة أكثر عمقًا على المشكلات التي تتسبب في تقديم الأطباء استقالتهم وسفرهم لدول الخليج، لوجود تسهيلات كثيرة منها مقابل مادي مغري وتوفير الإمكانيات الطبية للتدريب والتعليم، فضلاً عن الهروب من الضغوطات النفسية، وتقديم الحلول الواجب تنفيذها لحل مشكلات القطاع الطبي في مصر.
وجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بدراسة تخريج دفعات استثنائية من خريجي كليات الطب، في ظل العجز الشديد في أعداد الأطباء، وكذا زيادة أعداد الطلاب المقبولين بكليات الطب، كما كلف بسرعة الاتفاق مع الجامعات الخاصة بشأن إتاحة المستشفيات الحكومية لها، وتدريب طلابها بهذه المستشفيات؛ وذلك للاستفادة من الإمكانات والبنية الأساسية التي تمتلكها وزارة الصحة، مع تيسير إنشاء كلية طب بهذه الجامعات، وتوفير مستشفى جامعي لها، طبقاً للاتفاقات التي ستتم مع وزارة الصحة.
كما كشف الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أنه يوجد تكليف من رئيس الجمهورية بالنظر في أعداد العاملين في القطاع الصحي، موضحًا أن أعداد الخريجين من كليات القطاع الطبي الحكومي والخاص خلال الفترة من 2014 حتى 2018، بلغ نحو 47 ألف خريج، إضافة إلى وجود 30 كلية طب في مصر، كما استعرض خطة التطوير في القطاع الطبي والتي تقوم على عدد من المحاور أهمها؛ التوسع في إنشاء كليات طب بشري جديدة حكومية أو خاصة أو أهلية، وضرورة العمل على أن يزيد عدد الطلاب الذين يتم قبولهم بكليات العلاج الطبيعي بالجامعات الحكومية والخاصة على الأقل لمدة 10 سنوات.
"عبدالحميد": إحنا مش في حرب.. ومرتباتنا أقل من "السودان والصومال"
من جهته كشف الدكتور محمد عبد الحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء، ورئيس قسم جراحة المسالك البولية بمستشفى التحرير العام بإمبابة، أن إقرار دفعات استثنائية في كليات الطب سيتسبب في كارثة، لأن دراسة الطب تلتزم بدراسة نظرية وعملية محددة بساعات وسنوات معينة وبالتالي لا يمكن تقليلها، مشيرًا إلى أن تخريج كليات استثنائية يمكن أن يتم بكليات الحربية في أوقات الحرب فيمكن تلخيص دراستهم في سنة وإعطائهم الأساسيات وإرسالهم على الجبهة أو مكان الحرب، كما حدث منذ زمن في السبعينيات ولكن الطب مختلف تمامًا، ولا يجوز فيه ذلك، ثانيًا في حالة إذا تم تخريج دفعات استثنائية مع فتح كليات طب خاصة، واستخدام المستشفيات الحكومية كمستشفيات جامعية لتدريب الطلاب وهو ما يعود على المنظومة الصحية بالخراب – حسب قوله.
وتساءل «عبدالحميد» أنه إذا تم كل ذلك ماذا يضمن للدولة أن كل هؤلاء الطلاب سيظلون يعملون داخل الدولة ولن يسافروا إلى الخارج؟، مجيبًا أن عوامل الطرد ما زالت موجودة ولم تسعى الدولة لحلها وهي الأسباب الرئيسية في مشكلات القطاع الصحي، في مصر ومنها قلة المرتبات وبيئة العمل وانخفاض بدل العدوى، والاعتداء على الأطباء والمستشفيات، بالإضافة إلى عدم وجود قانون المسئولية الطبية.
اقرأ أيضًا.. تنطلق خلال أيام.. تفاصيل حملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي أول يوليو المقبل
الأطباء سيختفون من مصر قريبا بعد الهجرات الجماعية إلى الخليج
وأشار «عبد الحميد» في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر» إلى أن المهم هو أن تنظر الحكومة أولاً لأسباب قلة عدد الأطباء وهروبهم لدول الخليج وأن يتم حلها، مشيرًا إلى أن الدولة تحاول تصدير مشكلة المنظومة الصحية بالكامل للمجتمع وتلخيصها في العنصر البشري، أي «الأطباء» ولكنهم يمثلون جزء من كل ولا يشكلون المنظومة بالكامل.
وأضاف أن جميع التخصصات لدينا أصبحت تعاني من ندرة أو قلة بسبب سفر وهجرة الأطباء للخارج، مثل أطباء التخدير أو الرعاية مركزة أو الطوارئ وهناك محافظات كاملة لا توجد بها هذه التخصصات والذي يمثل كارثة، كما أن الأطباء الموجودين في مصر يقدمون استقالتهم من الحكومة للعمل في القطاع الخاص، ومن المتوقع ألا نجد أطباء في مصر خلال السنوات القليلة المقبلة خاصة أن عدد الأطباء الذين تقدموا باستقالاتهم خلال 3 سنوات نحو 6 آلاف طبيب، ففي 2016 تقدم 1044 طبيبا باستقالاتهم، و2549 في 2017، و2397 حتى نوفمبر 2018.
ونوه أمين صندوق نقابة الأطباء، أن الطبيب حديث التخرج يحصل على راتب شهري يتراوح من 1500 – 2500 جنيه، ويزيد تدريجيًا زيادة غير ملموسة وبعد 20 عامًا يظل راتبه أقل من 4000 جنيه، حيث جسد الأمر على نفسه قائلًا: «أنا متخرج من 1997م أي منذ 22 عام وأنا أعمل كطبيب في مصر ولم يصل راتبي حتى الآن إلى 4000 جنيه وأنا أخصائي ورئيس قسم جراحة المسالك البولية وإذا تم مقارنة الرواتب بأي دولة أخرى ولا نذكر دول الخليج لأنها تُقدر عمل الطبيب وتعطي رواتب مغرية، ولكن لا يوجد حتى وجه مقارنة بالسودان والصومال، فرواتب الأطباء لدينا لا تمثل حتى ربع مرتبات الدول المتدنية».
نقلا عن العدد الورقي.