تكثر المدن الجديدة في القرن الواحد والعشرين، ولا يبقى إلا الأصل، وتعتبر الأحياء العتيقة في مصر القديمة جواهر بنت المُعز المحروسة، مهما مرت العقود والقرون عليها تبقى مهد وأصل تاريخ الشعب المصري والشاهد على أصالته.
وأحيانًا تعجز الكلمات عن وصف تلك الأحياء الشعبية القديمة لما لها من عظمة وعراقة، وجمال ينُم عن أصل كل جانب من جنبات تلك الأحياء بمبانيها القديمة حيثُ تأخذك إلى ما وراء العقود لعصر المماليك مثلا، وتتذكر أسماء شهيرة حُفرت في التاريخ كانت
تقطن بها لترتبط أسمائها بتلك الأحياء وتصبح جزء من تاريخها.
حي المغربلين، من أهم وأعرق أحياء القاهرة القديمة، وسُمى شارع المغربلين بهذا الإسم لشهرته بحرفة "الغربلة" وهي إحدى الحرف المرتبطة بتجارة الحبوب، خلال عملية تنظيفها من الشوائب.
وكان من يتولى غربلة الحبوب بواسطة الغربال بهدف تنظيفها مما بها من شوائب، ويقع حي المغربلين بين السيدة زينب وسيدنا الحُسين، وبمجرد دخوله تشعر برائحة التاريخ تفوح من زوايا الشارع، ومرورًا بحي الخيامية والسروجية حيثُ توجد المشربيات تزين المنازل على جانبي الطريق، وأصحاب الحرف القديمة يسرجون الخيام لتشعر أنك في العصر المملوكي.
ويقع شارع المغربلين في منطقة الدرب الأحمر قلب القاهرة الفاطمية، نسبة لعصر الدولة الفاطمية وما تمثله من امتداد إلى شارع المعز، أكبر متحف إسلامي مفتوح في العالم، بحوالي 37 أثر.
ويمتد تاريخ الحي لـ 700 سنة وهو في أحضان القاهرة القديمة، ومن أشهر مواليد حي المغربلين الفنان محمود المليجي، والكاتب المسرحي بديع خيري، والقارىء الشيخ محمد رفعت، والأديب يوسف السباعي، والعلاّمة حامد جوهر “برنامج عالم البحار”، والمطرب الشعبي شفيق جلال والمونولوجيست محمود شكوكو.
وللأسف، يواجه الحي إهمال شديد من وزارتي الآثار والسياحة رغم أنه أحد الأحياء الهامة في قلب القاهرة الفاطمية ولا يقل أهمية عن شارع المعز الذي جددته الحكومة وحافظت عليه وأنفقت في ذلك الملايين.
وتعتبر حدود "المغربلين" تتوسط 6 أحياء من ضمن 14، يضمهم قسم الدرب الأحمر وهي:
من الجهة البحرية يوجد حارة الروم ، ثم على مقربة منها من الجهة الشرقية يوجد حي الدرب الأحمر وسوق السلاح، والحد القبلي السروجيه، أما الحد الغربي الداودية والقريبية.
وحدود المنطقة من الشوارع هي:
فيوجد من الحد البحري شارع الدرب الأحمر إبتداءً من قبالة ميضة رضوان حتى تقابله مع شارع التبانة، والحد الشرقي شارع التبانة سكة المرداني حتى جامع المرداني، والحد القبلي درب الدالي حسين بضفتيه حتى تقابله بشارع المغربلين، والحد الغربي شارع المغربلين بضفتيه.
يعتبر جامع الأمير جاني بك من أشهر جوامع المنطقة وأبرزها، ويشغل مساحة مستطيلية الشكل، ويُحي به 4 إيوانات أكبرها يوان القبلة يوجد بداخله المحراب وأسقف خشبية مُزخرفة بزخارف هندسية.