مع اقتراب الانتخابات التونسية، بدأت تبوح توازنات المرحلة والاتجاهات العامة لخطوط السير السياسي بأسرارها،وتجرى الانتخابات الرئاسية في 17 نوفمبر2019 بينما تسبقها الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر 2019.
وتقف الأحزاب التونسية ذات التوجه المدني على حقيقة ثابتة، وهي ضرورة تجميع صفوفها والتحالف من أجل التصدي للتمدد الإخواني داخل البلاد وإغلاق المنافذ أمام الأحزاب الدينية.
وصادقت كل من الكتلة البرلمانية لحركة النهضة الإخوانية والائتلاف الوطني التابعة لحزب "تحيا تونس"، اليوم على الفصول المعدلة لقانون الانتخابات في تونس بـ124 صوتاً.
وتضمنت هذه الفصول منع رؤساء الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإعلامية من الترشح للانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في 6 أكتوبرالمقبل،وذلك بسبب تمتعهم بالشهرة السياسية في السنوات الماضية، كما أقرت رفع العتبة الانتخابية إلى 3% (حذف القوائم الانتخابية التي لا تتحصل على 3% من مجموع أصوات الناخبين).
ويتضمن محتوى هذه التعديلات بمنع رجل الأعمال نبيل القروي، الذي يترأس الجمعية الخيرية "خليل تونس"، من ممارسة حقه في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، كما تُقصي المرشحة التونسية المقيمة بباريس ألفة التراس، التي تترأس جمعية "عيش تونسي".
واتهم القروي، الذي حصل على المرتبة الأولى بـ23%، بحسب استطلاعات للرأي أجرته شركة "سيجما كونساي"، كلاً من رئيس الحكومة يوسف الشاهد والإخوان بتفصيل قانون على المقاس، لإقصائه وحرمانه من حقه في ممارسة النشاط السياسي، معتبراً في حوار مطول لمجلة "جون افريك الفرنسية" أن ذلك يعتبر ضرباً لمبادئ الديمقراطية.
وتواجه هذه التعديلات رفضاً من قبل خبراء القانون الدستوري في تونس والعديد من السياسيين، نظراً لأنها تتعارض مع المبدأ الانتخابي الذي يمنع إدخال تعديلات على القانون الانتخابي قبل عام من الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وقال نبيل بافون، رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات،إن "هذه التعديلات ستُربك سير العملية الانتخابية، وطرحها في هذا التوقيت غير مناسب".
وقالت صحيفة الجزائر اليوم أن ما قامت به حركة النهضة هو انقلاب دستوري على مبادئ المنافسة العادلة في الانتخابات، مذكراً أن الإخوان هم أكثر من استفادوا من الدعم الخارجي القطري والتركي منذ سنة 2011 ويجب أن تشملهم المحاسبة قبل غيرهم.
وأضاف أن الذهاب إلى موعد 6 أكتوبر المقبل بقوانين لعبة على مقاس الائتلاف الحاكم، هي فضيحة للديمقراطية التونسية.
وفي سياق متصل، قالت الصحيفة أن "الديمقراطية التونسية دخلت ابتداء من اليوم في نفق مظلم بعد وضع فصول غير دستورية، وتضرب مبدأ حق كل المواطنين في ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية.
يذكر أن هذه التعديلات حذرت من إجرائها العديد من المنظمات التونسية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة التونسية للمحامين ورابطة تونس للحقوق الديمقراطية.
واعتبرت هذه المنظمات في بياناتها أن إدخال أي تعديلات على القانون الانتخابي قبل 4 أشهر هي عملية "تحايل" على الديمقراطية وخطوة إلى الوراء، الهدف منها نسف المسار التعددي.
مع اقتراب الانتخابات التونسية، بدأت تبوح توازنات المرحلة والاتجاهات العامة لخطوط السير السياسي بأسرارها.
وأمدت الصحيفة أنه من بين 217 حزبا في تونس يوجد حوالي 150 حزبا يشتركون في نفس المرجعية المعارضة للإخوان.
وأضاف أن التصور الأغلب لمناهضة الإسلام السياسي ما زال يبحث عن وعاء سياسي يجمعه ويدفعه إلى أن يكون قوة سياسية كاسحة، مذكرا أن هذه التجربة نجحت في انتخابات 2014 عندما فاز حزب الباجي قائد السبسي بالانتخابات التشريعية والرئاسية بأغلبية الأصوات.
وأوضح أن نداء تونس كان بإمكانه أن يكون نقطة التقاء للعديد من الأحزاب الجديدة لولا الصراعات الداخلية التي نشبت بين قياداته وأدت إلى تفتت الحزب وخسارة أغلبيته البرلمانية من 86 مقعدا 2015 إلى 34 مقعدا في شهر مايو الجاري.