عندما يرتفع سعر برميل النفط في البُورصات العالمية بأكثر من 6 % في دقائقٍ بعد إطلاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغريدة تهديدية أكد فيها "أن إيران ارتكبت خطأً جسيمًا بإسقاطها طائرة تجسس أمريكية مسيرة فوق "مضيق هرمز"، وعندما تُعلن القيادة الإيرانية حالة التأهب القُصوى في صُفوف جميع قواتها، فإن هذا يعني أن احتمالات المُواجهة الأمريكية الإيرانية أصبحت قريبة، لكن ماحدث صباح اليوم اثار الجدل حيث أتخذ الرئيس الأمريكي قراراً بضرب نظام الصواريخ "S-125 Neva Pechora" الروسي، وقبل القصف بـ10 دقائق أوقف الأمر، لكن ماهي أسباب التردد؟، وهل يرفض "ترامب" الخيار العسكري؟.
إسقاط إيران للطائرة، أمس لم يكن متوقعاً له أي رد سوى ضربة عسكرية، خصوصاً أن الجانب الأمريكي أكد في تصريحاته، ومن خلال ما نُشر من أدلة، أن الطائرة أُسقطت في المجال الجوي الدولي بعيداً عن الأجواء الإيرانية بأكثر من 30 ميلاً، لكن ماذا حدث ليغير ترامب هذا الرأي، هل بالفعل لم تكن الضربة مرضية له كما نشر في تغريدة له على "تويتر" ان هناك أمراً آخر.
اقرأ أيضاً.. "نيوزويك" تكشف تفاصيل الضربة الأمريكية الملغاة ضد إيران
قالت الدكتورة "كارين فون هيبل" مستشارة سابقة في وزارة الخارجية الأمريكية أن هناك شخصاً قد أثر على قرار ترامب، بعد تلقيه رسالة من روسيا تفيد أنها لن تدع حليفها الإيراني في مواجهة النيران وحدها، وهذا الشخص هو " تاكر كارلسون" الصحفي في "فوكس نيوز" الذي بعث برسالة خطية للرئيس الأمريكي يعلمه بالوضع الذي سيكون عليه الأمر، إذا تم اتخاذ قرار متسرع، وفق لصحيفة الاندبندنت البريطانية.
ولكن هل الأمر يتوقف عند مخاوف "ترامب" رغم تفوقها العسكري على روسيا من تحالفتها من إيران، لا الأمر ليس كذلك بشكل كبير.
في سياق متصل، قال اللواء أشرف أمين الخبير العسكري في تصريحات لـ"اهل مصر"أن "ترامب" الآن يبدو كحمامة محاطة بالصقور أمثال مستشار الأمن القومي "جون بولتون"، ووزير الخارجية "مايك بومبيو"، وغيرهما من الجمهوريين أمثال السيناتور "طوم كوتون" الذي طالب بتوجيه ضربة عسكرية لإيران بعد استهداف ناقلتي النفط السعوديين.
وأضاف أنه وفق ما تم تداوله من الوكالات العالمية فإن الاجتماع الذي عقدته امريكا لاتخاذ قرار توجيه ضربة عسكرية شهد موافقة بولتون وبومبيو وجينا هاسبيل مديرة المخابرات المركزية الأمريكية على ضرورة توجيهها، لكن كبار مسئولي البنتاجون تحفظوا على أساس الضربة المحدودة قد تؤدي لتصعيد عسكري مفتوح يمثل مخاطر كبيرة على القوات الأمريكية في المنطقة، دون جدوى من أنها ستؤلم إيران.
وأكد أنه يبدو أن ترامب غير رأيه، بعد دراسة الوضع استراتيجياً ولوجيستياً، لذا اختار تأجيل الضربة وليس إلغائها أو ضربها، لتحديد منطقة أكثر وجعاً لإيران، كما أن من الواضح أن "ترامب" بعد تلقيه تهديدات من روسيا اراد مشاورة حلفاءه في الخليج لشن ضربة موحدة قوية مرة واحدة في عدة مناطق حيوية لإيران.
اقرأ أيضاً.. ترامب: لن نسمح لإيران امتلاك سلاح نووي
وعلى جانب آخر، قال الدكتور "محمد عوة" الخبير في الشرق الأوسط في تصريح لـ"أهل مصر"، يبدو أن "ترامب" يعارض العمل العسكري من البداية ولكنه كان يجب اتخاذ تلك الخطوة التهديدية لـ"حفظ ماء وجه" أمريكا.
واضاف أن ترامب يبحث الأمور دائماً بعقلية رجل الأعمال، فهو لا يريد حرب مع غيران لأسباب تتعلق بالشق الاقتصادي من ناحية ومن جهة أخرى يتعلق الأمر بانتخابات الرئاسة الأمريكية العام القادم من ناحية أخرى، فالمواجهة العسكرية، ستكون لها عواقب اقتصادية خطيرة؛ وستؤثر على"مضيق هرمز" وسترتفع أسعار النفط بشكل فلكي.
اقرأ أيضاً..ترامب: ألغينا العملية ضد إيران لأنها لم تكن مٌرضية.. وانتظروا الرد قريباً
واكد "عودة" أن الاقتصاد هو الورقة الرابحة التي يلعب عليها "ترامب" للفوز بولاية ثانية في انتخابات 2020، وفقاً لتصريحاته السابقة التي قال فيها "أنا أو اقتصاد البلاد.. فحافظوا على أمريكا عظيمة" خلال خطابه في ولاية فلوريدا منذ عدة أسابيع.
أما عن الوضع بالنسبة لدول الخليج، فغيران سوف تستهدف مصالح السعودية والإمارات سواء بشكل مباشر أو من خلال وكلائها في اليمن والعراق وسوريا، إضافة للحليف الأبرز إسرائيل الذي ذكرت وسائل إعلامية هناك اليوم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ربما يكون اتصل بترامب ليثنيه عن الضربة العسكرية المحدودة بسبب مشاكله الداخلية، كل تلك العوامل تجعل من الصعب ماذا قد يكون قرار ترامب في النهاية للتعامل مع هذا الصراع المعقد، فعقوباته الاقتصادية حشرت إيران في الزاوية وجعلتها تسعى للتصعيد العسكري الذي لا يريده ترامب.