يسأل بعض المسلمين هل يقع الطلاق إذا وقع الرجل على وثيقة الطلاق ولم يلفظ بلفظ الطلاق ؟ حول هذا السؤال ذهبت دار الإفتاء المصرية أن الرجل ما دام قد وثق طلاقه أمام المأذون، فإنه لا يجوز له الرجوع في ذلك الطلاق؛ لأن الواقع لا يرتفع، ولأن الطلاق من باب الإنشاء، شأنه شأن العقود، وهو عقد من عقود الفسوخ، وأيضا لتعلقه بحقوق أخرى ستترتب على ذلك العقد؛ كاثار له لأطراف أخرى؛ مثل حقوق المطلقة وجواز زواجها وغير ذلك، ولا يجوز تعديل الوثيقة إلا بحدوث خطأ مادي؛ كأن سبق قلم المأذون فكتب ثلاثة بدلا من واحدة أو اثنتين، أو في حالة التزوير من المأذون، أو نحو ذلك من أنواع الخطأ المادي أو الإكراه المادي.
هل يقع الطلاق إذا وقع الزوج وثيقته عند المأذون
وقالت دار الإفتاء أن ذلك مبني على أن إشهاد الطلاق حجة بما ورد فيه؛ لأنه وثيقة رسمية تحمل إقرارا قضائيا، وهذا الإقرار القضائي له حجيته التي لا يجوز التعرض لها أو إعادة النظر فيها إلا من خلال القضاء، وورقة الإشهاد حينئذ تكون معتدا بها شرعا، ويلزم الكافة احترامها؛ لأنها لا تصدر إلا بعد قيام المأذون بتفهيم المطلق، والتأكد من أهليته لإيقاع الطلاق، والتأكد مما إن كان اللفظ الذي صدر منه يعد من الألفاظ التي يقع بها الطلاق أو لا، والتأكد من عدد الطلقات المحتسبة؛ ولذلك كان إشهاد الطلاق الرسمي -بما حمله من بيانات وضمانات- حجة شرعية على المقر لا يصح الرجوع فيه؛ لتعلقه بحق الغير.
ويتضح من ذلك: أن إشهاد الطلاق الرسمي لا يكون كذلك إلا إذا كان يحمل في مضمونه إقرارا قضائيا معتدا به شرعا، وهو ما أعد الإشهاد الرسمي لإثباته وتوثيقه في السجلات الرسمية، كما اعتبرت دار الإفتاء المصرية أن صفة الرسمية التي يتحصن بها إشهاد الطلاق -والتي تجعله حجة شرعية- إنما تنتج من توفر عناصرها؛ وهي: النموذج المطبوع في مطابع الدولة والمخصص من قبلها لكتابة بيانات بعينها، والذي يحمل رقما مسلسلا في سجلاتها، مع لزوم ملء بيانات الوثيقة بواسطة الموظف العام المنوط بذلك وهو المأذون الشرعي، وخاتم الدولة الخاص بالجهة المصدرة للورقة. فإذا لم تتضمن الورقة إقرارا وكان ما فيها مجرد توقيع على غير مضمون، فإنها لا تكون رسمية؛ لانعدام ما ينصب عليه التوثيق ابتداء.