عروس بالإكراه.. جريمة بلاعقوبة.. قانونيون: الزواج باطل لعدم القبول.. والعقد مزور لفقده شروط صحته.. الإيجاب والقبول بإرادة حرة أهم ما يميز الزواج عن العبودية.. والشهود مسئولون عن الجريمة

جرائم قتل بشعة سببها الإكراه على الزواج، كان آخرها جريمة القليوبية، حينما كشفت أجهزة الأمن غموض مقتل تاجر أراضٍ بشبرا الخيمة، ليتبين أن وراء ارتكاب الواقعة ابنته بسبب إجبارها على الزواج من شخص يكبرها بـ15 عامًا.

وقائع القضية للأسف مكررة، تحدث بسبب عادات وتقاليد موروثة تتمسك بها بعض العائلات حين تحرص على عدم تزويج الفتاة خارج العائلة، ولأن الشرط الأول لإبرام عقد الزواج هو الإيجاب والقبول ورضا الفتاة فإن فرض الأمر الواقع دون اكتراث لحالتها النفسية، يمكن أن يؤدي إلى نتائج وخيمة تصل أحيانا إلى القتل، فالفتاة لا تتصور أن يجمعها سقف واحد مع شخص لا تشعر تجاهه بأي عاطفة، ومع إجبارها على الزواج يرتفع شعورها إلى الكراهية الحادة مما يؤدي إلى تدمير بنية الأسرة قبل تكوينها.

المشكلة أن المشرع القانوني رغم وضعة شروطا لصحة الزواج فإنه لم يضع عقوبة رادعه لمخالفة بعضها وأهمها إجبار أي فتاة على الزواج من عريس تبغضه أو على الأقل لا تريد معاشرته.

ركن من أركان العقد

المستشار محمد الأعصر، رئيس محكمة جنايات الجيزة، قال إنه لا يوجد أي مبرر لتخفيف العقوبة عن جريمة قتل سواء أكان الزواج برضا الفتاة أو رغماً عنها لعدة أسباب، أهمها أن الشرع والقانون كفلا لها الاعتراض في وقت العقد على إتمام الزواج، والتحدث بصراحة عن أنها ترفض العريس زوجاً لها، وبالتالي فإن الزعم بالإجبار مرفوض لأن القانون وفر لها حماية كاملة.

وأضاف الأعصر في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر": إذا رضخت الفتاة لتقاليد العائلة أو خافت من المعارضة فإن هذا لا يبرر ارتكاب الجريمة مهما كانت الظروف، مشيرًا إلى أن الفتيات الآن لديهن الجرأة للرفض أكثر مما كان عليه الحال قبل ذلك.

وأوضح أن رفض الفتاة أو إجبارها على الزواج يعني أن ركنا من أركان العقد مفقود، وهو الإيجاب والقبول ما يؤدي إلى بطلان الزواج من الأساس، وليس ولي أمرها فقط هو المسئول بل إن الشهود المكلفين بأخذ رأي الفتاة في الزوج، والوكيل عنها في عقد الزواج مسئولون أيضًا، وبالتالي فإن سؤالهم في التحقيق أصبح لازما لأنهم شهدوا على رضا الفتاة عن هذا الزواج.

وتابع: لو أجبرت الفتاة الرشيدة على الزواج من شخص لا تحبه فإنها أولا لابد أن تثبت أنها كانت مجبرة على هذا الزواج، ولو كان الزواج من أجنبي وثبت بالدليل أن البنت تزوجته رغم أنفها فإن هذا يعتبر جريمة اتجار بالبشر خاصة لوثبت أن ولى أمر البنت أخذ مقابلاً مادياً نظير إتمام الزواج، ولكن لو تم الزواج من مصري وكان زواجا عاديا وثبت أن الفتاة كانت مجبرة فإن القاضي يمكن أن يفرق بينهما بعد إقامة دعوى طلاق مثلا، ولكن لا توجد عقوبة معينة على ولي الأمر الذي أجبر الفتاة على الزواج.

اقرأ أيضًا.. مطلقة ولكن لا تعلم.. الطلاق الغيابي أوجاع والآم.. حيلة الرجل لحرمان الزوجة من الميراث وإيقاف عداد النفقة.. سيدة اكتشفت أن زوجها طلقها قبل وفاته بـ10 سنوات.. "القومي للمرأة": قهر وظلم وانتهاك لحقوقها

وأضاف الأعصر أن المادة ۳۲۷۰، عقوبات تختص بكل من وقع عقدا بالإكراه وتضع عقوبة لذلك سواء أكان الإكراه تهديدا بالقتل أو غيره مثل من أرغم على تحرير إيصال أمانة مثلا أو التوقيع على شيك وثبت أن التوقيع تم بالإكراه فإن هذه جريمة ولها عقوبة، ولو أن النيابة اعتبرت إجبار الفتاة على توقيع عقد الزواج يدخل ضمن هذه الجرائم فإنه في هذه الحالة يمكن معاقبة ولى الأمر الذي أجبر الفتاة على ذلك.

الأعصر أشار إلى أن هذا الفرض ربما يكون مستبعدا لعدة أسباب أهمها أن المشرع القانوني عادة لا يحب أن يدس أنفه في خصوصيات العائلات، وثانياً لأنه سيعاقب ولي أمر وقد يكون "الأب" مثلا وربما كانت له رؤية، كأن يثبت له مثلا أن ابنته لا تدرك مصلحتها، وبالتالي فإن القصد الجنائي غير متوافر خاصة إذا لم يتربح من هذا الزواج.

عقد الزواج منعدم

من جانبه، قال الخبير القانوني أيمن محفوظ: الزواج هو نظام وضعته الأديان وأحاطته بقدسية عظيمة، ولعل أهم ما يميز الزواج عن العبودية التي تخضع المرأة فيه لسيدها دون إرادة منها، وضع شرط الرضا بمفهوم الإيجاب والقبول بإرادة حرة في اختيار الشريك.

وأضاف محفوظ، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، أن الركن الحقيقي للزواج هو رضا الطرفين، وتوافق إرادتهما في الارتباط، فإذا تم انتهاك حرية أحد الزوجين في اختيار الشريك سواء كان ذلك عن طريق الغش أو التدليس أو الإكراه فإن عقد الزواج يكون باطلاً، أي أنه انعدم وجوده من الأساس، ولا يترتب عليه ثمة أي حقوق لأنه في الأصل تم من العدم، ويجوز طلب الحكم بذلك بدعوى أصليه بالإجراءات المعتادة أمام محكمة الأسرة لاستصدار حكم ببطلان هذا الزواج.

وأوضح: الذي يجبر موكلت على الزواج يعد مرتكب جريمة التزوير في إحدى صورها، وهي جعل واقعة غير صحيحة وهي الزواج الباطل دون إرادة أحد الزوجين في شكل واقعه صحيحة بإتمام عقد الزواج، وتزوير إرادتها، ويعاقب طبقا لنص المادة 213، التي تنص على:

يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو بالسجن كل موظف في مصلحة عمومية أو محكمة غيّر بقصد التزوير موضوع السندات أو أحوالها في حال تحريرها المختص بوظيفته سواء كان ذلك بتغيير إقرار أولى الشأن الذي كان الغرض من تحرير تلك السندات إدراجه بها أو بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها أو يجعله واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها.

وتابع "محفوظ"، وأن كان المأذون سيئ النية يكون شريكا في الجريمة بالطبع ويكون له ذات العقوبة، وفقا للمادة 32، التي تنص على أنه إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد، والحكم بعقوبتها دون غيرها.

وإذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد، وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم.

وأكمل محفوظ: هناك قضية أخطر، وهي شروط صحة هذه الوثيقة وقد أصابها عوار، وفقدت شرطا مهما من شروط صحتها، وهو عدم رضا الفتاة عن الزواج، وبالتالي فقد أصبح العقد مزورا، ويمكن الطعن على هذه الوثيقة بالتزوير، إلا أن المشرع القانوني لم يتطرق إلى عقوبة معينة لأي ولى أمر يجبر فتاة على الزواج من شخص معين، إلا إذا أدخلت النيابة مثلاً شبهة التوقيع على العقد بالإكراه.

اقرأ أيضًا.. أبطال قهوة بورصة مصر.. علاء مرسي: تعددت الأزمنة والمكان واحد.. نجوى فؤاد: أقدم جزءًا حقيقيًّا من حياتي.. غادة حنفي تكشف سر تسميته

وأشار إلى أن المشكلة الأخطر أن زواج القاصرات رغم تشديد العقوبة مازال جاريًا حتى الآن، وهذا إجبار فعلي على الزواج لأن القاصر لا تزوج نفسها في القانون وليس لها زواج أصلا، كما أن المأذونين يتهربون من القانون بحيل مختلفة ويبرمون عقودا عرفية دون أن يوقعوا عليها أو يثبتوها في دفاترهم ثم يوثقون الزواج الرسمي عقب وصول الفتاة إلى سن الزواج، وهو ما يترتب عليه مشاكل كبيرة، منها إنكار الزواج من الأساس، بالإضافة إلى قضايا النسب، مؤكدا على أنه لابد من وضع ضوابط كفيلة بمحاصرة هذه الظاهرة والقضاء عليها.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
أبرزهم القرضاوي ووجدي غنيم.. أسماء المرفوعين من قوائم الإرهاب بعد قرار النائب العام (قائمة كاملة)