بعد يوم من الذكرى السادسة لإطاحة حكم جماعة الإخوان المسلمين، في مشهد بدأ بتحرك شعبي واسع في 30 يونيو 2013، اعقبه بيان بخريطة مستقبل من 10 نقاط، أعلنها وزير الدفاع المصري حينها "عبد الفتاح السيسي"، كان أبرزها تعطيل العمل بالدستور، والبدء في التجهيز لانتخابات برلمانية ورئاسية جديدة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة البلاد لفترة انتقالية، حيث جمعت حركة تمرد أكثر من 22 مليون توقيع من المواطنين ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين،منذ ذلك التاريخ، بقي هناك جدلاً حول تفسير المشهد، ولكن ماذا حدث بالفعل في 3 يوليو 2013؟ هذا ما أجاب عنه المعهد الفرنسي في كواليس لأول مرة.
ماذا حدث في 3 يوليو 2013؟
قبل 30 يونيو 2013 بأيام بدأ الشعب المصري في التحرك نحو الشارع مرة أخرى في ثورة مهيبة للإطاحة بحكم الجماعة المحظورة،حيث عاشت مصر خلال تلك الفترة تدهور في الأوضاع الاقتصادية والخدمات العامة وانتشار حالة من الانفلات الأمني،ورغم عدم انقطاع المظاهرات المستمرة سواء من المؤيدين أو المعارضين، فإن المحطة المفصلية جاءت مع ظهور "فكرة تمرد"، التي تأسست في أوائل مايو 2013، وسعت إلى جمع توقيعات من المواطنين لإقالة مرسي، وأعلنت حينها أنها جمعت أكثر من 22 مليون توقيع، لتقود في النهاية مسار الاحتجاجات الواسعة ضد الرئيس.
وقال المركز الفرنسي للدراسات والأبحاث والتحليل السياسي،، لقد كنا حاضرين في هذا المشهد بأكمله من خلال مراسلينا، وتناقشنا حينها مع شخصية بارزة كانت على علاقة بجماعة الإخوان المسلمين أكدت لنا أنهم لا يأهبهون لحركة تمرد وقدرتها على الحشد خاصة مع استعداد أنصار مرسي للخروج في أي تظاهرات للحفاظ على شرعية الرئيس كما يطلقون عليها.
اقرأ ايضاً.. آخر تقاليع الإخوان.. قيادي بالجماعة يصف محمد مرسي بعمر بن الخطاب
واضاف المعهد الفرنسي لقد راهنوا على دعم قوات الجيش لهم، حتى بعد إعلان القوات المسلحة في 23 يونيو 2013 مهلة أسبوع للقوى السياسية في مصر للوصول إلى توافق يُخرج البلاد من مأزقها السياسي،حينها بالفعل أمهل وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي الرئيس مرسي 48 ساعة للتوصل إلى تفاهم مع المعارضة التي طالبته بالتنحي عن السلطة.
ورفضت الرئاسة مهلة الجيش، وهو ما تزامن مع تقديم عدد من الوزراء والمستشارين والمحافظين استقالاتهم من مناصبهم، لتدخل البلاد حينها في مرحلة "فارقة" بتعبير الكاتب الصحافي الراحل محمد حسنين هيكل، تطلبت معها على حد وصفه البحث عن "قائد الضرورة".
وفي 3 يوليو عام 2013، جاء بيان القوات المسلحة بعد ساعات من خطاب مرسي، تعهد فيه بالدفاع عن الشرعية بحياته، ومع غروب شمس ذلك اليوم، تناقلت الشاشات بيان القوات المسلحة، الذي قضى بعزل مرسي وتعطيل العمل بالدستور.
اقرأ أيضاً.. لأول مرة.. أسرار جديدة عن القميص الواقي لمحمد مرسي بالتحرير
بيان الجيش في هذا اليوم كان بناءاً على رغبة المواطنين
في المشهد الذي تضمن 15 شخصية، أبرزهم وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، ورئيس الأركان صدقي صبحي، ورئيس "جبهة الإنقاذ" محمد البرادعي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، والبابا تواضروس الثاني، وأمين عام حزب "النور" جلال المرة، وعدد من قيادات الجيش وآخرون، جاءت أولى كلمات السيسي، "إن القوات المسلحة لم يكن في مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التي استدعت دورها الوطني، وليس دورها السياسي على أن القوات المسلحة كانت هي بنفسها أول من أعلن، ولا تزال، وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي. ومن ثم فقد تم التوافق على خريطة طريق من 10 بنود".
وحينها نصت خريطة المستقبل على "تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، وتأدية رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة رئيساً مؤقتاً للبلاد، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية، ووضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة، وتشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية".
اقرأ أيضاً.. أسامة كمال: السيسي سبب إنقاذ مصر من نفق الإخوان المظلم فى 3 يوليو
وبعد أيام من الحدث، أكد وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي، أن القوات المسلحة لم تخن الرئيس السابق، وحذّرته مرات عدة من تداعيات سياساته ومحاولات جماعته الاستحواذ على السلطة والحكم في البلاد وإقصاء المعارضة، وكانت تلك حقيقة وفقاً لمعهد الدراسات الفرنسي، حيث أرسل الرئيس السيسي حالياً إلى مرسي الذي كان رئيساً في هذا الوقت مبعوثيين برسالة واحدة ليقوم بعمل استفتاء لكن رفض رفضاً قاطعاً.
وأضاف معهد الدراسات الفرنسي أن من أطلقوا على ماحدث "انقلاباً" وقعوا في خطأ توصيف ماجرى في مصر، حيث نظروا إله من منظورالديموقراطية الإجرائية، متصورين أن ما حدث هو تغيير غير دستوري للحكومة ومخالف الإجراءات والقواعد الانتخابية، وأنه كان على مرسي أن يستكمل فترته وفقاً لتصورهم، بينما التكييف الحقيقي لما حدث هو ثورة تكشفت معالمها في حركة الجماهير الغفيرة بالشوارع والميادين، فكانت تعبيراً عن الديموقراطية التشاركية.
واشار إن الأحداث الفارقة في تاريخ الدول لا يمكن فهمها في أوقاتها وتحت ضغوط سياسة الشارع، إنما تتطلب فترة من الزمن لمعرفة نتائجها، وعلينا دائماً أن نتذكر "حركة تمرد"، التي كانت بمثابة ترمومتر لقياس وتوصيف ما حدث، إذ وصل عدد الموقعين على سحب الثقة من نظام الإخوان إلى نحو 22 مليون توقيع، وتجسد هذا العدد في اتساع النطاق الجغرافي للاحتجاجات والتظاهرات.