يبدو أن تجنب إيران، قبل أسبوعين، ضربة عسكرية أمريكية بعد أن ألغاها ترامب في اللحظات الأخيرة، رداً على إسقاط طائرة أمريكية مسيّرة، سيدفع طهران لمواصلة استراتيجيتها الإقليمية المعادية لأمريكا، وهو ما يعني أن ترامب مُهدد بأن يجد نفسه في موقفٍ مشابه مرة أخرى، رازحاً تحت ضغط اتخاذ قرار الحرب.
ماذا يعني ذلك؟
وفقاً لمجلة "ذا ناشيونال انترست" الأمريكية، فقد أصبح واضحاً جداً أن إيران أعادت تقييم استراتيجيتها تجاه امريكا في الأسابيع الماضية، فبعد أشهر من ضبط النفس في مواجهة حملة الضغط الأمريكية والانسحاب من خطة الاتفاق النووي،بدأت إيران مؤخراً في مسارٍ "عدواني" تضمن الهجوم على ناقلات نفط في خليج عُمان مرتين، ومحاولة إسقاط طائرات أمريكية من دون طيار مرتين وتخفيض التزاماتها المتعلقة بالأسلحة النووية بموجب الاتفاق النووي، ولم تُقابَل جهود طهران للرد على الحملة الأمريكية حتى الآن إلَّا بردٍ أمريكي صامت، كما تقول المجلة ذاتها.
فبدلاً من اتخاذ رد على أرض الواقع، تعهدت الولايات المتحدة بفرض مزيد من العقوبات على إيران، وعززت نشر مزيد من الأصول العسكرية في المنطقة.
وبعد الهجوم الثاني على ناقلات النفط في 13 يونيو الماضي، ذكر ترامب أن الناقلات لم يكن بينها أي سفينة أمريكية، وأشار إلى أن استهداف المصالح الأمريكية.
صحيحٌ أن جهود ترامب للحد من خطر تورط أمريكا في نزاعٍ آخر بالشرق الأوسط، قبل أشهر فقط من انتخابات عام 2020 الرئاسية، ليست مفاجئة، لكنَها تُشكِّل خطراً متمثلاً في إعطاء طهران انطباعاً بأن إدارة ترامب لا تعتزم الرد على الاستفزازات المستقبلية، كما تقول المجلة.
وهذا يعني أن إيران من المرجح أن تواصل موقفها العدواني الجديد، سواء في الخليج أو خليج عُمان أو أي ساحة أخرى، مع استئناف أنشطةٍ نووية.
ما الوضع المستقبلي المتوقع للأزمة؟
من المرجح جداً وقوع أحداث تُسبب اندلاع نزاعٍ عنيف في المستقبل بين إيران والولايات المتحدة، وربما قد يظهر الحدث التالي من هذا النوع في غضون أسابيع، بسبب البرنامج النووي الإيراني.
ففي 17 يونيو الماضي، أعلنت إيران أنَّها ستبدأ في تجاوز الحدِّ الأقصى المسموح به في الاتفاق النووي لمخزوناتها من اليورانيوم المنخفض التخصيب والماء الثقيل في غضون 10 أيام، وإن كان ذلك قد جاء رداً على قرار الولايات المتحدة إلغاء التنازلات التي كانت تسمح لإيران بتصدير إنتاجها الزائد على الحاجة من اليورانيوم المُخصب.
وأكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن المرحلة الثانية من تخفيض إيران لالتزاماتها النووية ستبدأ في 7 يوليو الجاري، وهي المرحلة التي الذي قد تشهد رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 5 أو 20%.
خطر التصعيد ما زال قائماً
تعد طهران، بموجب الاتفاق النووي الذي أُبرم في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ممنوعةً من زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم أعلى من نسبة 3.67%، التي تسمح باستخدامه في خطط الطاقة النووية، لكنَّها بعيدة كل البعد عن النسبة اللازمة لصنع الأسلحة النووية التي تبلغ 90%.
وفي هذه الأثناء، ستواصل أمريكا البحث عن شركاء أجانب يعتمدون على النفط والغاز الموجودَين في منطقة الشرق الأوسط، لمساعدتها في تقاسم عبء حماية الملاحة التجارية عبر مضيق هرمز الحيوي.
وستحاول كذلك السعي لفتح حوار مع طهران، وهو ما ترفضه إيران ما لم تخفف الولايات المتحدة من ضغط العقوبات أولاً ،وإن امتنعت الولايات المتحدة حتى الآن عن ضرب إيران وتعريض نفسها لخطر الانتقام.