"بلد البشوات"، هكذا تعرف مدينة ملوي الواقعة جنوبي محافظة المنيا، بعد أن عاش فيها الكثير من حملوا ذاك اللقب؛ لتكون ملوي الغنية بتاريخها الطويل وصاحبة النصيب الأكبر من الآثار القديمة، فلا يخلو شارع داخلها إلا ويعكس لمعة من تفاصيل عصور مضت جعلت ملّوى تحصل على لقب "بلد البشوات".
القصور العريقة التى انتشرت في أرجاء المدينة، تحكى تاريخ البشوات الذين عاشوا فيها حتى بعد مماتهم، فمنهم عائلة عبد المجيد باشا سيف النصر التى يصل نسبها إلى الصحابي الجليل الزبير بن العوامر، حيث شجل التاريخ تلك العائلة في تاريخ مدينة ملوي.
"أهل مصر" عاشت يوما كاملا داخل القصر التاريخى الخاص بعائلة عبد المجيد باشا سيف النصر؛ لمعرفة السيرة الكاملة عن العائلة والقصر، فكان اللقاء الأول مع اللواء حسن سيف النصر أحد أبناء العائلة، ليسرد لنا الحقيقة التاريخية التى تحكي تاريخ عبد المجيد باشا، حيث بدأ بنسبه، قائلا: "عبد المجيد باشا بن محمد الريدي بك بن خليفة السويفي بن نصر بن الحاج حامد بن الريدي الكبير وهو الشقيق الأصغر لأشقائه، موالد قرية ديروط أم نخلة عام 1306، وشيد قصره عام 1333 ونقش على وجه السلامك لوحة من القص مكتوب عليها أبيات شعرية.
وتابع "سيف": "يطل القصر على أربعة شوارع، الباب العمومي يطل علي شارع سيف النصر ومن الناحية الشمالية، وشارع سبيل القصر والمعروف حاليا بشارع الشهداء ومن الجنوب، شارع رياض بك ومن الخلف، وشارع محمد محمود باشا، كما يتكون القصر من من 3 طوابق غير البدروم السرى، في أعلاه قبه ومنارة يعلوها نسر وبها زخرافة داخلية وخارجية لا مثيل لها؛ حيث أحضر عبد المجيد باشا متخصصين أجانب لها وشيده علي مساحة أكثر من 2500 متر وهى تعادل 16 قيراطا وبه سبيل لشرب المياه، ونقش على حائط السبيل.
القصر استقبل العلماء الدولة.. وشهد على محاكمة خط الصعيد
وأضاف ابن العائلة، كان عبد المجيد باشا سيف النصر يستقبل العلماء وكبار رجال الدولة داخل قاعة كبيرة في الطابق الأول مخصصة لاستقبال المسؤلين، حيث شهدت القاعة أكبر قضية داخل الصعيد وهى محاكمة خط الصعيد والحكم عليه بالإعدام، وكانت برئاسة القاضي مصطفي سيف النصر باشا، كما تعتبر هذه المحاكمة الأولي من نوعها كونها عقدت بعيدا عن قاعة المحكمة، ويعتبر القصر من أهم مبانى مدينة ملوي بعد أن شهد اجتماعات كبار الدولة أثناء التدبير لتقسيم مصر إلى قسمين وكان الاجتماع الأخير داخل القصر.
صورة بالفحم الميراث الحقيقي لحفيد سيف النصر باشا
على أحد جدارن القصر في الطابق الثانى تجد صورة مرسومةً بالفحم لعبد المجيد باشا سيف النصر؛ وذلك كنوع من أنوارع إظهار كل معالم الصورة بشكل واضح وفريد من نوعه وقتها، لتصبح الصورة صاحبة العمر الطويل بعد وفاة عبد المجيد باشا سيف النصر.
ويقول اللواء حسن سيف النصر، إن هذه الصورة من أكثر الأشياء التى تعجبني نظرا لتصميها الفائق للحدو واستخدام الفحم الطبيعى وإظهارها بشكل جعلني حرصت على الاحتفاظ بها في الجزء الخاص بي، حتى أعيش علي ذكريتها الجميلة التى اعتبرتها الميراث الحقيقي الذي يحكى تاريخ جدي عبد المجيد باشا سيف النصر.
استدعاء مهندسين من فرنسا وإيطاليا لبناء القصر
استدعى عبد المجيد باشا سيف النصر بعض الفنانين التشكالين من فرنسا وإيطاليا لعمل الفنون الزخرفية للقصر، والإبداع فيه على الطراز الأروبي، وضمت تلك الرسومات سيدات عاريات والزخارف المصممة على الشكل الأسود الضخم، وفي عام 1992 باع أحفاد عبد المجيد باشا نصف القصر إلى إحدى العائلات، حيث يقيمون داخله في شهر رمضان من كل عام سهرة رمضانية قرانية؛ استمرارا لعمل عبد المجيد باشا صاحب الخيرات، حيث كان عضوا في مجلس النواب عن مدينة ملوى بين عامين 1931 إلى عام 1952، كما حصل على البشاوية عام 1944 وعرف بصاحب الكرم بملوي لما قدمه للمواطنين من بناء مستشفي الصدر على مساحة 5 أفدنة، وخلفها من الناحية الجنوبية مستشفي المصحة الوقائي للأطفال التى تغير اسمها للرمد لحاليا، وبناء مدرسة ثانوية عسكرية، والثانوية بنات، وجمعة الشبان المسلمين، إضافة إلى بناء مسجد المجيدي الغربي بمستفي ملوى العام الذي وصي أن يدفنه فيه.
رويات اغتيال مصمم القصر بين الحقيقة والخيال
وداخل مدينة ملوى تجد الرويات المختلفة حول مصمم هذا القصر، فهناك رويات توكد اغتيال مصمم القصر حتى لا يتم تصميم قصر آخر بنفس الطراز، كما قال البعض إن هذه المعلومة من وحى الخيال لا أساس لها.