المستشار الإعلامي وولي النعم

المستشار الإعلامي في أى وزارة وظيفته الأساسية هى توضيح الحقائق للرأى العام، وبناء جسور بين الوزارة والرأى العام، ومواجهة الشائعات عن طريق نشر الحقائق. هذا ما يحدث في كل دول العالم؛ فالمستشار الإعلامي شخص من المفترض أنه خبير في الإعلام، ويقوم بمهمة تماثل مهمة الموظف العام، خاصة وأنه يتسلم راتبه من خزانة الدولة. وما يحصل عليه من راتب هو في حقيقة الأمر مال عام، يحصل عليه من أجل القيام بوظيفته؛ لتحقيق الأهداف الإعلامية للوزارة التي تتحمل راتبه، وهى أهداف لا يمكن أن تكون بخلاف توضيح الحقائق للناس وبناء جسر من الثقة بين الوزارة والرأى العام.

لكن ما يحدث في الحقيقة أن بعض مستشاري الوزراء في مصر ظنوا أن وظيفتهم هي تلميع الوزير، الذي اختارهم للوزارة، وذلك على اعتبار أنه ولي النعم الذي اختار المستشار الإعلامي، فلا يهمه إلا تلميع الوزير في الصحف والمواقع الإلكترونية، وهو يعمل بمنطق "انصر الوزير ظالمًا أو مظلومًا". فكل مهمته التي يحصل على راتبه من خزينة الوزارة مقابلها، هى تلميع الوزير وتبرير قراراته، والتأكد من أن كل الصحف لا تنشر عن الوزير إلا ما يرضيه شخصيًّا، وليس ما يحقق مصلحة الوزارة، حتى لو كان ما ينشره المستشار الإعلامي يصدم الرأى العام، ويضع الوزارة في مأزق، ليس فقط أمام الرأى العام، بل ويظهر الوزارة وكأن لديها أولويات تختلف عن أولويات الدولة.

حسنًا، سوف نفترض حسن النية، ولن نقول إن المستشار الإعلامي في بعض الوزارات قد تَحوَّلَ إلى بوق، مهمته تبرير تصرفات الوزير، وتصويره على أنه الوزير الخارق، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. سوف نفترض أن المستشار الإعلامي قد يفعل ذلك في بعض الأحيان بحسن نية. لكن عندما يترك وظيفته المفترض عليه القيام بها، وتكون مهمته هى إلغاء التصاريح للصحفيين الذين تنشر صحفهم أخبارًا لا تُرضي الوزير، هنا نقول إن حسن النية ليس متوفرًا، وإن المستشار الإعلامي لم يعد أكثر من بوق يمجد في الوزير ولي نعمته.

والمستغرب فى الأمر أن غالبية مستشارى الوزراء الإعلاميين فى الأصل صحفيون، وينتمون لمؤسسات صحفية وإعلامية، ويجمعون غالبًا بين الصفتين، فيتم إبداء الاهتمام بمواقعهم وجرائدهم، وخصُّها بما لا يحصل عليه الآخرون، وينسون كيف وهم صحفيون كانوا يناطحون؛ حتى يمارسوا عملهم. ولكن ما إن يجلسوا على كرسي المستشار، حتى يكون همهم الأول المحافظة على العائد المادى المجزى، الذى يتقاضونه مقابل عملهم. وهذا طبعا لا يتأتى إلا بإرضاء ولى النعم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً