حلقة جديدة من مسلسل التجاوزات القطرية، بحق دول مجلس التعاون الخليجي، تمثلت في برنامج "ما خفي أعظم" والذي يركز في مجمل حلقاته عن المملكة الخليجية، من أجل التدخل السافر في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين.
البحرين ردت سريعًا على الدوحة، وأعلنت على لسان وزير خارجيتها الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، أن قطر أصبحت الدولة "الأشد خطرا" على مجلس التعاون الخليجي، وذلك ردا منه على برنامج "ما خفي أعظم" حمل "أكاذيب واضحة ومغالطات فجة".
وأضاف الوزير البحريني أن البرنامج ما هو إلا "حلقة جديدة من سلسلة تآمر من دولة مارقة ضد مملكة البحرين، وضد أمن واستقرار المنطقة بأسرها".
وأشار إلى أنه هذه الدولة باتت الخطر الأشد على مجلس التعاون الخليجي، حيث تسعى بكل دأب لتقويض مسيرته، وإثارة الفتنة بين دوله، وشق وحدة الصف بين شعوبه"، مشددًا على ضرورة أن تعمل دول مجلس التعاون على "مواجهة تلك الممارسات والأعمال العدائية لهذه الدولة وتصرفاتها غير المسؤولة، واتخاذ كافة الإجراءات الحازمة التي تضمن ردعها".
كما أكد على ضرورة "إلزامها بالتجاوب، وبكل شفافية، مع المطالب العادلة للدول المقاطعة لها، وتنفيذ ما وقعت عليه من اتفاقات، ليستمر مجلس التعاون ويحافظ على منجزاته، ويحقق المزيد من التنمية والازدهار والتقدم لصالح دوله وشعوبه".
البرنامج المثير للجدل والمذاع على قناة الجزيرة القطرية، نشر أكاذيب على لسان شخص وصفه بأنه الضابط البحريني السابق ياسر شملان الجلاهمة، الذي ادعى أنه كان مسؤولًا عن فض اعتصام دوار اللؤلؤة خلال الاحتجاجات التي شهدتها البحرين العام 2011.
وأدلى الجلاهمة بما وصفه بـ "شهادته" بشأن فض الاعتصام، بصفته قائد القوات المنوط بها القيام بعملية الفض، بدون توضيح أي تفاصيل عن هذا الشخص ومن أين جاء وأين يقم حاليًا؟
لكن وثائق سابقة كشفت أن ياسر الجلاهمة هو عنصر من القوات المسلحة البحرينية قامت قطر بتجنيسه قبل سنوات، وهو ما ينسف مصداقية شهادته ضد المنامة وسط الأزمة الحالية بينها وبين الدوحة.
لكن تسريبات كشفت أن ياسر الجلاهمة هو بالفعل كان عنصر من القوات المسلحة البحرينية، ولكن مؤخرًا قامت قطر بتجنيسه قبل سنوات، الأمر الذي يجعل شهادته في قناة الجزيرة مجرد شائعات، خاصة في ظل الأزمة بين البلدين والتي كشفها بيان بحريني في نوفمبر 2017، فندت فيه البحرين تجاوزات قطر بحقها، المتمثلة في تجنيس الإرهابيين، حيث ففتحت الدوحة الأبواب لأكثر من 59 إرهابياً، ومنحتهم الجنسية القطرية منعاً لتسليمهم، وتفتح أيضًا المجال لتجنيس المزيد من الجماعات الإرهابية من مناطق الصراع المشتعلة لتكون قطر بذلك بؤرة لتجمع الإرهابيين، وإعادة تصديرهم للجوار بجوازات قطرية، ما يشكل تهديداً خطيراً على الأمن.
ووفقًا لما كشفته وثائق الاتفاق الخليجي، ثبت أن الجلاهمة من بين 12 عسكريًا بحرينيًا تم تجنيسهم في قطر.
ويعتبر تجنيس البحرينيين من بين أسباب الأزمات الخليجية، حيث تطالب المنامة جارتها الدوحة بالتوقف عن هذه السياسة التي تصفها بالخطيرة، وأنها تهدف إلى إحداث خلل متعمَّد في التركيبة المجتمعية للمملكة، عبر نهج مذهبي تخص بموجبه سُنَّة البحرين بهذا التجنيس المثير للجدل.
هذا بجانب الخلاف الحدودي البحريني القطري الذي يعود تاريخه إلى سنة 1937 حينما هاجمت القوات القطرية منطقة الزبارة التي كانت تابعة للبحرين، والواقعة ضمن شبه الجزيرة القطرية في الناحية الشمالية الغربية منها.
ووفقا للبحرين، فإن قطر لم تكتف بانتزاع الزبارة المقر الأصلي لآل خليفة الأسرة الحاكمة في البحرين، بل سعت للسيطرة على مجموعة جزر حوار وفشت الديبل وجزر أخرى صغيرة تابعة للبحرين تشكل في مجموعها ثلث مساحة البحرين.
من جانبه، قال الباحث السياسي عمرو منصور، إنه ليس غريبا أن تستخدم قطر أدواتها الإعلامية المختلفة في محاولة إثارة القلاقل والنعرات الطائفية والمذهبية في الدول العربية المجاورة لها وفي ظل الأزمة الخليجية المشتعلة بالفعل.
وأوضح منصور أن الحديث في البرامج عن اعتصامات الشيعة في البحرين يخدم المشروع الإيراني في المنطقة ويجسد الدور الذي تلعبه قطر وقناة الجزيرة في الترويج للمصالح الإيرانية، مشيرًا إلى أن هذه التصرفات تمثل خطورة على مجلس التعاون الخليجي، لأنه يعاني من دولة لا تدين بالولاء للدول العربية، وإنما تدين بالولاء لدولة تمثل المشروع الفارسي في المنطقة.
وأكد منصور أن الأزمة بين قطر والبحرين لا تمثل إلا جزء بسيط في السياسة القطرية التي تميل لإيران، معتبرًا أن التهديد الايراني لدول الخليج لم يتوقف على الضفة الأخرى لهذه الدول مثل اليمن وسوريا، بل بات التهديد في قلب دول الخليج العربي، من خلال الدور المشبوه الذي تلعبه قطر، مطالبًا جامعة الدول العربية باتخاذ موقف صارم تجاه آلاعيب قطر الاستفزازية والمشبوهة في المنطقة.
نقلا عن العدد الورقي.