"ذوو الاحتياجات الخاصة" أو "المعاقون".. كلمات رغم قسوتها وما تحمله من معاني الضعف، فإنها كثيرا ما تمثل لأصحابها دافعا لتحدي تلك النظرة القاتلة من بعض أفراد المجتمع، وتحويلها لنظرة أمل وقوة وصلابة، لإثبات أن العجز ليس في الجسد، بل العجز في الروح والإرادة والتفكير.
بذلك المعنى تعاملت "وفاء" ابنة مدينة رشيد التابعة لمحافظة البحيرة، مع الحياة، لكي لا ترى نظرات الشفقة أو الشماتة من البعض، فحولت مهنة صناعة المشغولات اليدوية التي فرضت عليها، إلى سلم تصعد عليه يوماً بعد يوم للوصول إلى حلمها والقضاء على تلك النظرات القاتلة، وجعلت من مهنتها رسالة لأفراد المجتمع بأن ذوي الاحتياجات الخاصة بالفعل يطلق عليهم ذلك اللقب لأنهم متميزون وليسوا عاجزين.
بدأت "وفاء محمد" التي تعاني من عجز في قدمها اليمنى، تروي قصة حياتها بكلمات مليئة بالبهجة والعزيمة، وكيف تحدت الإعاقة لكي تحقق أحلامها، وقالت في رسالة مؤثرة: "تحرري من قيود المجتمع أيا كانت تلك القيود اقتصادية أو فكرية أو سياسية أو غير ذلك، واصنعي لنفسك عالما آخر لا يعرف المستحيل، تظل فيه الشمس مشرقة لا تغيب أبدا، ولا يعرف غير التحدي و النجاح".
اقرأ أيضا: وزير الثقافة عن "ذوي القدرات الخاصة": رعايتهم واجب تربوي فهم "أصحاب الهمم"
وأوضحت وفاء أنها تعمل في صناعة المشغولات اليدوية في أحد المراكز التابعة لوزارة الشباب والرياضة بمدينة رشيد التابعة لمحافظة البحيرة، حيث قامت باستغلال مهاراتها في الأعمال اليدوية لكي تعمل على تدريب الفتيات والسيدات طرق عمل المشغولات اليدوية وكيفية تسويقها حتى تتحرر من قيود العائد المادي وتصبح قادرة على تحقيق حلمها، لافتة إلى أن بداية الفكرة كانت للفتيات والسيدات اللاتي تعانين من الإعاقة أو من يطلق عليهن نسبة الـ5%، لكن بعد ذلك قررت أن تتوسع وتشمل الفكرة جميع السيدات والفتيات دون استثناء.
وأضافت أنها في البداية واجهت صعوبات كبيرة منها بعض نظرات الاستهزاء، ولكنها ظلت مستمرة في طريقها للوصول إلى حلمها حتى استطاعت أن تفتتح أول منفذ لبيع المنتجات اليدوية التي تم إنتاجها بيد السيدات والفتيات اللاتي تم تدريبهن على يديها، ومع مرور الوقت تحول الحلم من مشروع للحصول على أموال إلى منافسة بينها وبين المحترفين في المسابقات والاحتفالات لعرض المشغولات اليدوية.
وأشارت إلى أن طبيعة المدينة التي تعيش فيها ساعدتها على الوصول إلى حلمها حيث تتوافر المواد الخام بأقل الأسعار ومن تلك المواد الجريد، القش، الخوص، مشيرة إلى أنها تقوم بتصنيع المتعلقات الشخصية، والتحف وأدوات الزينة المنزلية أيضاً.
وقالت وفاء إنها بالفعل قامت بإنتاج العديد من المنتجات من خام النخل سواء الجريد أو القش أو الخوص بأشكال عديدة منها التحف الفنية التي تحمل طابع التراث الثقافي القديم المحبب لدي المصريين مثل "دورية البدو، سبت الهانم، حاملة العرب" بالإضافة لصناعة بعض الأدوات المنزلية مثل الكراسي والترابيزات.
وأكدت أنها لا تقوم بصناعة المشغولات اليدوية فقط لبيعها ولكن أيضا قامت بالمشاركة في العديد من المعارض على مستوى المحافظة وحصلت على مراكز وجوائز عديدة، لكي تعطي حافزا لكل فتاة تريد أن تتحرر من القيود وتستغل كل ما حولها في العمل، لافتة إلى أنه ليس فقط الفتيات من يرغبن في التدريب والعمل، بل كل سيدة ترغب في مساعدة زوجها في المعيشة من خلال منتجاتها اليدوية.