هي ابنة واحد من عظماء دولة التلاوة، فمن منا لا يعرف الشيخ محمود خليل الحصري ولا يميز صوته بين القراء عندما يذاع على إذاعة القرآن الكريم، فلقد أعطاه الله صوتا مميزا ومتفردا فكان من عشاق القرآن الكريم لذلك أوصى باستثمار أمواله في خدمة القرآن وأهله.
ياسمين محمود خليل الحصري العاشقة لزهرة الياسمين ذو الرداء الأبيض الذي تعشقه ولا تريد أن تفارقه، هي من أسست وترعى جمعية الشيخ الحصري الذي وصى والدها بالاهتمام بها، فالجمعية لها أعمال خيرية كثيرة ومتشعبة، لذلك هي تحوى أسرارا وحكايات عن أبيها شيخ القراء فكان لجريدة «أهل مصر» هذا الحوار الشيق.. وإلى نص الحوار
من أين أتت فكرة جمعية الشيخ الحصري؟
أتت فكرة الجمعية بعد وفاة الوالد الشيخ الحصري، لأن الوالد أوصى بثلث التركة لأعمال الخير وبنى في حياته مسجدين ومعهد أزهري وفؤجنا بعد وفاته أنه كان يكفل مجموعة كبيرة من الأيتام هذا إلى جانب أعمال خيرة متنوعة، فأردنا أن نوثق هذه الأعمال وأن تتم بشكل تنظيمي أكثر فأوصى الشيخ الحصري أن يكون هذا تحت جمعية تحمل اسمه، وبدأت الجمعية بعد وفاته بفترة حتى عمل التراخيص اللازمة، وبدأنا في الجمعية بالأعمال التى كان يوصي بها دائما خاصة كفالة الأيتام وأهل القرآن، لأن هذين الفئتين الكل يغفل عنهما وقليلي الحيلة.
ولا شك أن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، وبالتالي هناك عظماء تخرجوا من الكتاتيب، والكتاب دائما له الريادة وشيخ الكتاب كان رجلا له قدسيته عند أهل القرى وكان البعض يقوم بتحفيظ القرآن نظير أجر يجمع من أهل القرى، ولكن هذه العادات بدأت في الاختفاء فكان من واجب الجمعية الاعتناء بهذه الفئة، لأن كثيرا منهم لا يجد دخلا شهريا ثابتا وبالتالى يعاني مع متاعب الحياة، وكان الشيخ الحصري هو من طالب بإنشاء نقابة للقراء من أجل أن ترعى مصالحهم حتى تم إشهار النقابة.
ماذا تشعرين عندما يطلق عليك الكثير لقب أم الأيتام؟
هذا اللقب أطلق علي من قبل القريبين منى وأفخر بهذا اللقب وأتشرف به وهذا شيء طيب، وأتمنى أن أواصل خدمتى للأيتام دائما.
مسابقة القرآن الكريم العالمية الأخيرة كانت باسم الشيخ الحصري.. اوصفي لنا فرحتك بهذا القرار
الشيخ الحصري كان من ضمن وصيته الاهتمام بالقرآن وأعطى لوزارة الأوقاف مبلغا لتشرف هي بنفسه وكان وقفا، وأرى إطلاق اسمه على المسابقة الأخيرة من باب البر به وهى تنبأت الفترة الأخيرة لمثل هذا الأمر والاهتمام بالقراء وأعلن وزير الأوقاف عن إطلاق اسم قارئ على كل مسابقة قادمة، ومن المعلوم أن الشيخ كان معينا في وزارة الأوقاف وكان موفدا لها في كثير من الدول لنشر الإسلام الوسطي، وكان الشيخ له شعبيته في كثير من البلاد العالمية.
والشيخ الحصري له باع طويل في خدمة كتاب الله فكان عضوا بمجمع البحوث الإسلامية وشيخا لعموم المقارىء وموفدا للأوقاف في كثير من الدول وقارئا بإذاعة القرآن الكريم، وأعتقد أنه يستحق أن يطلق اسمه على المسابقة الدولية للقرآن الكريم التى أقامتها الأوقاف.
حدثينا عن علاقاته مع رؤساء وملوك العالم؟
الشيخ الحصري بدأ الجمهور يعرفه مبكرا خاصة بعد افتتاح إذاعة القرآن الكريم، والتحق بالإذاعة عن طريق مسابقة أجريت للمتقدمين وكان هذا في عام 1945 وكان وقتها في عهد الملكية، وهذا التواجد في الإذاعة أعطاه الانتشار الواسع في جميع الدول العالمية وكان مميزا جدا في إتقان تجويد القرآن.
ولقد سافر الشيخ مع الرئيس عبد الناصر إلى الهند وقرأ القرآن أمام حاكم الهند «نهرو» وجميع البلد التى سافر إليها كان يحرص الملوك والرؤساء على الاحتفاء به، ولقد أسلم على يديه أشخاص كثر، ولقد قرأ القرآن في مصر وأزل في مكة، والقراء المتميزين في العالم كلهم مصريين.
البعض يستغرب ظهورك دائما بالملابس البيضاء.. ما سر ذلك؟
أنا أرتدي الملابس البيضاء منذ وقت التزامي واعتزالي وكان هذه توجهي بإخلاص لله عز وجل، وقطعت عهدا على نفسي ألا أنشغل بشهوات الدنيا، واللون الأبيض لون محايد يلبس في كل الظروف ويحمل سمت الوضوح، إضافة إلى أن دراستى الفلسفية تغلب على في بعض الأمور فلذلك أختار الأشياء البسيطة والمتواضعة لكي لا أنشغل بمتعلقات الدنيا وهناك راحة نفسية لذلك، وأيضا يأتي هذا التزاما لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم باستحباب لبس الأبيض.
كيف كانت طقوس الشيخ الحصري في بيته؟
كان الشيخ منظما جدا فكان يعطى كل شيء حقه وكان متقنا لشغله جدا، لذلك كان في سفره كان مشغولا بتعليم القرآن بطريقة صحيحة، إضافة إلى أن حياته كانت كلها كفاح وجدية وبذل جهدا كبيرا ويحب العلم والعلماء.
كانت المهمة الأساسية في البيت للأم نظرا لسفره ومشغولياته، وهي من كانت بتقوم بتنفيذ تعاليمه ولكن البيت كان مملكتها، ولكن هذا لا يخفى تأثيره أبدا فكنا نراه قدوة وابتسامته كانت لا تفارقه أبدا وكانت شخصية فيها هيبة ووقار وكنا دائما نجتهد أن نرضيه وكان يأمرنا بالخلق وحفظ القرآن.
حديثنا عن علاقة الشيخ الحصري بالقراء من جيله؟
كان البيت لا يفرغ من العلماء أبدا فيجتمعون داخل المنزل وسط ود وترحاب شديدين، وجميع رموز الدولة كانت تتواجد وكنا نتعلم منهم ومن علمهم وأدبهم.
ما هي وصية الشيخ الحصري لك قبل وفاته؟
كان دائما يوصينا بالإتقان والإخلاص لله عز وجل، فكنا نجتهد أن نصل إلى مرتبة الإحسان وهي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهذا ما نسعى إليه في جمعية الشيخ الحصري، لذلك أتعجب ممن يحبون الظهور أمام الكاميرات.
البعض يقول أن هناك اتجاها بتكثيف إذاعة القرآن بصوت الشيخ الحصري في الإذاعة.. كيف تردين على ذلك؟
هو موجود أصلا في الإذاعة بحكم أن له تسجيلات صوتية كثيرة بأكثر من رواية فيذاع له بجميع القراءات وهو منفرد بذلك فالبتالى تذاع له، فمن الممكن أن تسمعه صباحا برواية حفص وبالليل برواية أخرى عن ورش بن نافع وهكذا، فالبعض تخيل أن هناك تعليمات بذلك ولكن هذا ليس صحيحا.
قلت قبل ذلك إنك لست مع تسجيل القرآن بصورة المرأة.. لماذا؟
لا بالعكس أنا موافقة، لكن كان هناك فترة من الفترات كثرت فيها المتنطعون من الذين يقولون صوت المرأة عورة، لكن بالعكس نحن لدينا في جمعية الشيخ الحصري كم من المحفظات للقرآن الكريم، فمن تجد في نفسها قدرة على تسجيل القرآن لا مانع أبدا شريطة أن يكون صوتها حسن، فكثير من المشايخ تتلمذوا على أيدي سيدات، ولن الأعم من قراءة القرآن تطبيقه في القول والفعل لذلك كان شعار الوالد «القرآن حياة».
ما رأيك في موجة الهجوم الأخيرة على الشيخ الشعراوي؟
يجب أن نقتنع بقوله تعالى «إن الله يدافع عن الذين آمنوا»، وهناك قامات يجب الحفاظ عليها وتربية الأجيال على احترامها لأن العالم كله يباهى بهذه القامات ومن يهاجمه هم الجهلة، فمن يعى ذلك لا ينال من الرموز إطلاقا لأنهم أهل وخاصته وهو من يحميهم، فلا يوجد عاقل يهاجم قامة مثل الشيخ الشعرواوي، فالشعراوي كان محبا للوالد وكانا أصدقاء فلذلك أنا أفخر به كثيرا.
من تسمعين من المشايخ في الوقت الحالي؟
أعتقد أن جيل والدي كان متفردا في القراءة وكان كل واحد له بصمته المختلفة فنحن نتميز بهؤلاء القراء ولا بد من الحفاظ عليه، ولذلك أخاف ظلم أحد من القراء إذا اخترت أحدا لأن كلهم مميزون.
نقلا عن العدد الورقي.