بعد أن كان عقد الزواج، ميثاق مقدس بين زوجين بالغين يافعين، لبناء أسرة تكون نواة لمجتمع سوى، تحول فى الكثير من قرى ومراكز الأقاليم لتجاره، لا يتجاوز ثمن الوثيقة الواحدة 500 جنيه، تباع بمقتضاها طفلة فى عمر الزهور، لرجل قد يكون فى عمر أبيها أو جدها، وتترامى أطراف تلك الجريمة ليشترك فيها الأب أو "الولي" والزوج، والمأذون، الذي بيده أن يتعس فتاة صغيرة ما تبقى من عمرها لمجرد الحصول على قروش بسيطه، وفى بعض القرى تصل لعشاء دسم في الزفاف.
فتلك الكارثة يطلق عليها "زواج السنة" ، واللافت للانتباه أن أطفالا في عمر الزهور وجدوا أنفسهم فجأة داخل عش الزوجية بموجب أوراق مزورة اعتمدها المأذون حتى انتشرت وقائع الزواج لصغار السن بشكل مخيف يهدد الأمن الاجتماعي ، وفي تعدٍ صارخ على حقوق الإنسان، ومن تلك النماذج بمحافظة الغربية، اكتشفت الأجهزة الأمنية منذ فترة قصيرة، مأذون يعقد مثل هذا الزواج تحت ستار، وكشفه ضحاياه.
تقول "أمينة سالم" من قرية بلوس، أعتاد "الشيخ هانى" عقد قران الصغيرات من فتيات القرية، على الرغم من أن العديد من أهالى القرية يعلمون أنه ليس مأذون، ولكن مؤهله الدراسى "شريعة وقانون" أى يستطيع أن يعمل مأذون، فالأب الذي بلغت طفلته الـ15 عامل يذهب بأوراقها للشيخ هانى، الذى يعقد الكتاب ويشهر أمام الجميع فى المسجد، ويحتفظ بالقسائم لحين وصول الفتاة للسن الشرعى، والضحية هنا هو ذاك الطفل الذي تلده لأمر الطفلة فى فترة عدم نضوجها، ففضلا عن تربيته والاهتمام به تحتاج هى من يربيها ويتابع صحتها، إلى جانب عدم استطاعتهم تسجيله بالصحة لمدة عام أو عامين.
وأضافت "أمينة"، عندما تم القبض عليه أكتشفت السلطات داخل منزله على العشرات من حالات زواج القاصرات، وتحفظت على 355 وثيقة زواج لقاصرات، بعضها مزور ومنها قسائم زواج عرفى، حيث كان يحصل على مبالغ مالية كبيرة من أسرة الشاب والفتاة لإتمام الزواج، وتحريره قسيمة زواج مزورة للزوجين، وضبطت القوات قسائم زواج مزورة قاصرات تحت سن 18، إلى جانب ضبط شهادات ميلاد بنات قصر تحت 18 سنة، ووثيقة زواج فارغة البيانات وممهورة بتوقيعات وبصمات للزوجين فقط، وشهادات صحية للزوجين دون أية بيانات وممهورة بشعار ختم الجمهورية، ووثائق شهادات طلاق غير مدون بها أي بيانات، وممهورة بأختام شعار الجمهورية، وعقود عرفي جاهزة لتحرير الزواج، وعقود زواج عرفي مدون بها بيانات الأزواج ومرفق بهم بطاقات رقم قومي وشهادات ميلاد، ودفاتر زواج مصطنعة ومقلدة، و أختام وأكلاشيهات مطموسة، وشهادات بيانات مصدرة ومنسوب صدورها من نيابة شبين الكوم لشئون الأسرة بدون بيانات وممهورة بأختام شعار الجمهورية، وتحرر عن ذلك المحضر رقم 5913 لسنة 2018 إداري السنطة.
وعلى صعيد متصل يقول "محمد سيد" من قرية محلة مرحوم، عندما بلغت أبنة عمى عامها الـ 14، أراد أخيها أن يزوجها ككافة فتيات القرية، إلا أن أبوها رفض ذلك، ولكن ذهب أخوها بها إلى مأذون معروف عنه التلاعب في الأوراق وقام باستخراج شهادة تسنين للبنت، بعمر أكبر من عمرها، إلى جانب نقل الولاية من الأب إلى الأخ وتم عقد القران، وهو ما يعد استغلال للدين والمتاجرة به، وبعد عام بلغت الفتاة، وهو ما علمناه بعد فترة طويلة أنها لم تصبح فتاة كاملة حتى تم الزواج، ولكن زوجها لم يمنعه عنها ذلك السبب وحملت بعد البلوغ مباشرة، وهو ما لم يتحمله رحم الفتاة حتى أنفجر.
وتابع "سيد" لم تتحمل الطفله كل ما حدث لها، وتوفيت بعدها فى الحال، حتى أن البعض أرادوا التدخل لأستخراج تصريح دفن بوفاة طبيعية، إلا أن طبيب الوحدة الصحية رفض ذلك، لمعرفته بالواقعة وقام بإبلاغ الشرطة والقضية مازالت منظورة أمام القضاء، أما الزوج تزوج مره ولم يبالى بالطفلة التى قتلت، وكل ذلك بسبب قلة الفهم والجهل والطمع، ففى بعض العقول مازالت الفتاة عار.