زواج القاصرات، أو ما يسمى بزواج السنة، ظاهرة انتشرت بمحافظات الصعيد، وتوجهت أصابع الاتهام فى انتشاره إلى جبابرة زواج السنة المأذونين الشرعيين وغير الشرعيين ومنتحلى الصفة مستخدمي دفاتره ووثائق زواج تنسب لمحافظات أخرى، ومختومة بخاتم المحاكم المصرية.
وبحسب إحصائيات صادرة للاتحاد الإفريقي خاصة بانتشار زواج القاصرات فهناك أكثر من ١٥٤ مليون حالة زواج قاصرات شهدها العالم خلال الفترة الماضية، وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي التي شهدته مصر إلا ٱنها مازلت تقدم ضحاياها من أبناء الصعيد.
تقول "م. ل"، تزوجت وأنا لم أبلغ السن القانوني وحدثت خلافات مع أسرة زوجي فألقى علىّ زوجي يمين الطلاق وأخرجني من المنزل ولم أتمكن من العودة مرة أخرى أو إثبات زواجي منه، ومضى ثلاثة أشهر على انفصالنا وتزوج من أخرى زواجا شرعيا، ولم أتمكن من رفع دعوى قضائية بالمحاكم أو الزواج مرة أخرى ممن يتقدم لى.
وتقول «ه ح» كان زوجي أكبر مني بنحو ١٥ عاما وتزوجت بعقد زواج عرفي بعلم الأسرتين وسافرت معه إلى إحدى الدول العربية وحملت منه ثم توفي فى حادث وعقب ذلك عدت إلى بلدتي ولم أتمكن من إثبات زواجي أو إثبات طفلى منه لكون زوجي حينما توفي لم أكن قد بلغت السن القانوني للزواج ولم أتمكن أيضا من الحصول على معاش يساعدني على المعيشة وعدت من جديد فى بيت والدي أقوم بتربية نجلى من مال أبي.
يقول إسلام محمد فرغلى، المحامى بالمجلس القومي للمرأة فرع المنيا، إن زواج القاصرات منتشر بنسبة كبيرة فى محافظة المنيا خاصة مركز ملوى، لافتا إلى المجلس يقوم بإعداد وتنظيم قوافل توعوية للحد من إنتشار زواج القاصرات بقرى المركز، مشيرا إلى أن المأذون يتقاضي مبالغ مالية بزواج القاصرات أكبر من المبالغ التى يتقاضاها بالزواج العادي والتى عادة تبدأ من ٣ آلاف جنيه، فضلا عن قيام المأذون بالحصول على إيصالات أمانة على بياض موقعة مع أسرة الزوج والزوجة تظل مع المأذون لضمان استمرار الزواج ويظل مأذون القرية مصدر ثقة للأهالى.
وأضاف أن هناك العديد من الأزمات تنجم عن زواج القاصرات، ففي بعض الحالات ينتهي الزواج بانفصال غير رسمي لعدم وجود تفاهم بين الزوجين وعدم إدراك الطفلة لماهية الزواح ومسؤولياته حينها يكون الزوج هو الأقوى، وعندها يقع الضرر فقط على الطفلة التى لم تبلغ السن القانوني للزواج، فضلا عن حدوث بعض الأزمات عقب زواج القاصرات من بينها وفاة زواج الطفلة القاصر والتى تضع مولودتها ولا توجد وثيقة تثبت المولودة عندئذ يقرر والد الزوجة الطفلة إثبات الحفيدة باسمه وتصبح ابنته الصغيرة التى تزوجت زواج قاصرات هى أم وأخت لطفلتها ويكون الجد هو والد الحفيدة بالأوراق الرسمية الثبوتية.
فيما تقول سمية بهاء، عضو المجلس القومي للمرأة، إن زواج القاصرات ينتشر بنسبة كبيرة بمركز ملوى جنوب محافظة المنيا، موضحة أن قرية الشيخ شبيكة التابعة لدائرة المركز تحتل المرتبة الأولى فى انتشار زواج القاصرات، وذلك عن طريق مسح تم إجراؤه بالمركز، إذ أن نسبة انتشار زواج القاصرات بها وصلت إلى ٩٥٪.
وأضافت، أن المجلس يولي اهتماما كبيرا بهذه الظاهرة ويعقد العديد من الندوات بالتعاون مع بيت العائلة المصرية ورجال الدين المسيحي والإسلامي لمجابهة الظاهرة التى تراجعت فى نسبة انتشارها قليلا عن الفترة الماضية.
من ناحية أخرى يقول الشيخ محمد صابر حبيب، عضو بيت العائلة المصرية ورئيس لجنة الفتوى بالمنيا: زواج القاصرات مشكلة قانونية فى المقام الأول قبل أن تكون شرعية، لافتا إلى أن زواج القاصرات متواجد بمحافظة المنيا ويفعله بعض المأذونين الجشعين وعدد من المحامين ويقومون بكتابة عقد صوري وتوقيع شيك على بياض يلتزم به الزوج والزوجة، موضحا أن هذا افتراء على الفتاة وضياع لحقها لكونها لم تستكمل أنوثتها لذا لا نعترف به كزواج قاصرات وإنما هو زواج للصغيرات.
واستكمل رئيس لجنة الفتوى: زواج القاصرات ينتشر بنسبة كبيرة جدا بمركز ملوى جنوب المحافظة، وعدد من المأذونين يأتون بدفاتر زواج من محافظة البحر الأحمر الذي يسمح لهم القانون بالزواج على ١٦ عاما نظرا لبلدانهم الحارة، والبعض يحمل دفاتر من محافظة مرسى مطروح على بياض ودفاتر أخرى قادمة من محافظة بني سويف مختومة بختم المحاكم، ونحن في لجنة الفتوي ترد إلينا حالات متضررة من زواج القاصرات وهروب الزوج وترك والد الزوج فى مأزق مع أسرة الزوجة حينها نقدم النصح والإرشاد.
على صعيد متصل نجحت الأجهزة الأمنية خلال الفترة الماضية من ضبط وثائق زواج قاصرات بمحافظة المنيا وباشرت النيابة العامة مأذوني حي غرب المنيا وقرى المطاهرة البحرية ودمشاو هاشم والبيهو التحقيق على خلفية البلاغات المقدمة لمباحث الأحوال المدنية بالمنيا من لجان فحص ومراجعة أوراق قيد المواليد الثبوتية بمكاتب الصحة، بالتنسيق مع مفتش صحة المنيا الدكتور هاني إسحق شحاتة وكذا مع السجل المدني المختص، ورصد وثائق زواج مزورة تحمل اسم مأذون بناحية صاقور ممهورة بخاتم شعار الجمهورية لمحكمة ديرب نجم للأحوال الشخصية، وأخرى تحمل أسم مأذون أخر بناحية العقدة ممهورة بخاتم شعار الجمهورية لمحكمة فاقوس للأحوال الشخصية.
وأمرت النيابة العامة بضبط وإحضار إثنين ممن تزوجا زواج قاصرات ووكيل الزوجة والشهود في كل واقعة في ضوء ما أكدته تحريات مباحث الأحوال المدنية في أن وقائع الزواج تمت بمعرفة مأذون الناحية بالمنيا وليس خارجها والاستعانة بدفاتر وثائق زواج مزورة تحمل توقيعات مأذونين وهميين من خارج نطاق محافظة المنيا في حين نفى مأذونو المنيا الاتهام بتزوير وثائق زواج القاصرات، وأنهم قاموا فقط بالإشهار وليس بالعقد أو التوثيق وقدموا إقرارات موقعة من الزوجين ووكلائهم والشهود بمسئوليتهم عن سلامة وثائق الزواج، وأنها تمت بمعرفتهم وتحت مسئوليتهم خارج نطاق محافظة المنيا.
كما ضبطت الأجهزة الأمنية مأذون شرعي موقوف عن العمل لاتهامه بمزاولة المهنة وزواج القاصرات بوثائق عقد قران مزورة عثر عليها داخل منزله بإحدى مراكز جنوب المنيا.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
