استند جمهور الفقهاء في تحديد دية المرأة بأنها نصيف دية الرجل لعدد من الأحاديث لم تثبت في صحيح مسلم ولم تثبت في صحيح البخاري، ومن هذه الأحاديث الحديث الذي أورده النسائي في سننه عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: عقل المرأة مثل عقل الرجل، حتى تبلغ الثلث من ديتها ، والمقصود بالعقل هنا هو البعير كناية عن الدية لأن العرب كانت تأخذ الدية بعدد متفق عليه من الإبل وليس مالا، والحديث فضلا عن غرابته وتناقض شطريه ففي الشطر الأول عقل المرأة مثل عقل الرجل، وفي الشطر الثاني حتي تبلغ الثلث من ديتها، وحتى النسائي نفسه فقد روى الحديث وضعفه، إشارة إلى أنه لا يحتج به، ولا سيما أن إسماعيل بن عياش هنا يروي عن الحجازيين، وقد اتفق المحققون على ضعفه في ذلك. ثم هو يروي عن ابن جريج، وهو -على فضله ومكانته- متهم بالتدليس، وخصوصا فيما رواه عن عمرو بن شعيب، فقد قال الإمام أحمد: لم يلق ابن جريج عمرو بن شعيب.
اقرأ أيضا : هل قيمة روح المرأة نصف قيمة الرجل هذا هو إجماع الفقهاء فمن يجرؤ على الاجتهاد هل قال النبي بتنصيف دية قتل النساء وهل أجمع عليه الجمهور
وبخلاف حديث عقل المرأة مثل عقل الرجل، على ضعفه، فقد احتج بعض الفقهاء بمبدأ الإجماع بين علماء المسلمين حول اعتبار أن دية المرأة هى نصف دية الرجل، وقال فقهاء محدثون، ومنهم الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر الراحل، أنه لا يمكن أن يثبت الإجماع في العصر الحديث لانه ليس في مقدور شخص أن يحيط بكل المجتهدين في العالم ولا طاقة لأحد بأن يفعل ذلك في العصر الحديث، ولا حتي في العصر الوسيطة، كما أن الإمام أحمد له (مفردات) في سائر أبواب الفقه قد انفرد بها عن الأئمة الآخرين، ونظمها بعض الحنابلة في كتاب معروف. ودعوى مخالفة إجماع الصحابة غير مسلّمة، فلم يثبت أنهم أجمعوا، بل لم يثبت عن واحد منهم تنصيف الدية للمرأة بسند صحيح صريح. كما سنبين بعد. وكذلك دعوى مخالفة سنة النبي صلى الله عليه وسلم في التفريق بين الرجل والمرأة: فقد بينا من قبل كلام أئمة الحديث المعتبرين: أنه لم تصح سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التفريق بين الرجل