جثث ممدة فوق أسرة متعددة الأدوار داخل غرف باردة تفوح منها رائحة الفورمالين، جثث يتم العثور عليها ملقاة في صناديق القمامة، وفي الشوارع المظلمة وفي المناطق المهجورة، دون معرفة أسباب وفاتها أو أسماء أصحابها. أصبحت الجثث المجهولة أمرا يؤرق الأجهزة الأمنية إلى جانب النيابة العامة، لحل لغز العثور على هذه الجثث، والتعرف على أهليتها وأسباب وفاتها طبيعية كانت أم جنائية، ثم ترحيلها إلى مثواها الأخير لتدفن.
«أهل مصر» ترصد مصير هذه الجثث، وكواليس العالم الخفي الذي تعيشه منذ العثور عليها حتى دفنها بمقابر أهلها أو بمقابر الصدقة.
في البداية قال اللواء دكتور سيد محمدين، مساعد وزير الداخلية السابق، والمحاضر بأكاديمية الشرطة، إنه يتم التحفظ على الجثة من قبل المباحث، لحين وصول فريق عمل من المعمل الجنائي، الذي يقوم بفرض كردون أمني لمسرح الجثة حتى لا يتم طمس الآثار التي قد تدل على صاحب الجثة.
ويضيف «محمدين» في تصريح خاص لـ «أهل مصر»: يتم تصوير الجثة، ثم تفتيش صاحبها والتحفظ على كل متعلقاته التي يمكن التعرف عليه من خلالها، ويتم استدعاء الطب الشرعي، ونقل الجثة للمشرحة، للتعرف على طريقة الوفاة.
وفي حالة الشبهة الجنائية، أوضح أنه يتم البحث في مسرح الجريمة عن الآثار التي قد تدل على الجاني أو المجني عليه، والبحث في بلاغات الغياب، والتعرف على مواصفات المبلغ بغيابهم، ومطابقتها بالجثة المعثور عليها.
وتابع «محمدين»، في حالة مطابقة الجثة لأحد البلاغات، يتم استدعاء الأهل وعرض الجثة عليهم للتعرف عليها، وإذا كانت الجثة مشوهة وغير معلومة المظهر، يتم أخذ عينة DNA، ومطابقتها بالعينات التي تم أخذها من أصحاب بلاغات الغياب المتعرفين على الجثة، مؤكدًا أن أكثر من 90% من هذه الجثث يتم التعرف على أهليتهم، وتسليمها إلى ذويهم لدفنها.
فيما يوضح مصدر قضائي، أنه يتم إخطار النيابة العامة من قبل الأجهزة الأمنية فور العثور على الجثة، ثم تنتقل النيابة لمناظرة الجثة، واتخاذ كافة الإجراءات للتعرف على شخص المتوفى، بأخذ بصمات أصابع المتوفى، وإرسالها إلى مصلحة الأدلة الجنائية، للتعرف عليه إذا وجد له فيش محفوظ، أو نشر معلومات عن الجثة في الصحف من صورة للجثة وملامحه والملابس وما يعثر معه من أوراق.
اقرأ أيضا: النيابة تأمر بتشريح جثة سيده متفحمه بمصر القديمة
ويضيف المصدر في تصريح خاص لـ «أهل مصر»: في حال كانت هناك شبهة جنائية في الوفاة، يتم إخطار الطب الشرعي للتشريح والتعرف على الأسباب التي أدت للوفاة، والتحفظ على الجثة بالمشرحة لحين الانتهاء من التحقيق في الواقعة، أما في حالة عدم وجود شبهة جنائية، يتم الاكتفاء بمفتش الصحة، والتحفظ على الجثة حتى الوصول لاسم صاحبها.
واستطرد المصدر، أن القانون لم يحدد مدة للانتهاء من إجراءات النشر للجثة، ولكن ترك للنيابة تحديدها مع الأخذ في الاعتبار عدم تحلل الجثة، على أن يتم دفنها في إحدى مدافن الصدقة الخاصة بالدولة، إذا لم يتم التعرف عليها.
وأكد المصدر، أن النيابة هي الجهة المسئولة عن هذه الجثث المجهولة، وفي حالة الاطمئنان لعدم وجود شبهة جنائية أو أهلية يتم التصريح بالدفن، وإذا تم التعرف على الجثة من قبل الأهل يتم عمل محضر تعارف في النيابة، وتصدر النيابة قراراً بإجراء تحليل الحامض النووي للشخص المتعرف على الجثة، وفي حالة تطابق الجثة مع العينات يتم صدور قرار من النيابة بتسليمها لذويها والتصريح بدفنها.
ومن جانب آخر قال الدكتور أيمن حسان مسئول إدارة التشريح بمصلحة الطب الشرعي، في تصريح خاص لـ «أهل مصر»، إنه حين وصول الجثة للمشرحة، يتم التحفظ عليها وعدم إبداء أي تصرف بها بدون قرار من النيابة العامة، لأنها صاحبة القرار والمسئول عن تلك الجثث.
وأضاف «حسان» أن مصلحة الطب الشرعي، تقوم بإجراء احترازي بشأن الجثث مجهولة الهوية، بنشرها على موقعها الرسمي، صور وبيانات لتعرف ذويهم عليها ودفنها بمعرفتهم، وأن دار التشريح تتسلم الجثث المجهولة، والتي تقوم مصلحة الطب الشرعي بإخطار النيابة بها، والتعامل معها بالتشريح وتحديد سبب الوفاة في تقرير رسمي بعد تصويرها وترقيمها وإجراء تحليل الـ"DNA" .
وأوضح، أنه بعد مرور فترة زمنية معينة يتم إخطار النيابة بعدم التعرف على الجثة المجهولة، وطلب استخراج تصاريح الدفن الخاصة بها، ثم دفنها في مقابر الصدقة، وفى حالة ظهور أهلية المتوفى، يتم سحب عينة منهم لإجراء تحليل الـ"DNA" ومقارنتها بالعينة المأخوذة من الجثة قبل دفنها وفى حالة تطابقها فيكون الخيار لأهليته باستخراج الجثة ودفنها في مقابر العائلة أو الإبقاء على الجثة فى مدافن الصدقة.