"لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، هكذا يردد حُجاج بيت الله الحرام حين يقفون على جبل "عرفة" في التاسع من ذي الحجة، ثم يتوجهون إلى "مزدلفة"، بعد أن تغيب الشمس لأداء صلاة المغرب والعشاء فيها ويبيتون هناك حتى الفجر، وفي العاشر من ذي الحجة -اليوم الأول من عيد الأضحى- يتوجهون إلى "مِنى" ورمي الجمرات.
والمشاعر المقدسة هي الأماكن المقدسة. حيثُ يطوف الحاج حول الكعبة فيشعر بمشاعر المُحب يطوف حول محبوبه، وأن يشعر وهو يسعى بين الصفا والمروة، بمشاعر الساعي المشتاق لوجه الله. وتتنوع المشاعر بتنوع الأمكنة، وتنوع النسك، فكل منسك له شعوره الخاص.
عرضنا خلال تقاريرنا عن كل ما يجب معرفته عن هذه الأيام العشر، ولكن يظل هناك تساؤل، عن سبب تسمية المشاعر المقدسة بهذا الاسم.
ما سبب تسمية المشاعر المقدسة إذن ؟
المشاعر هي الأماكن الثلاث التي يتردد إليها الحجاج في عرفة، لكل مكان طقوسه ومشاعره الخاصة، والواجب الذي سيؤديه الحاج في كل مكان منها.
"عرفة" المشعر الحلال
جبل عرفة أهم منسك في الحج إذ لم تتم الحجة إلا به، يقع مشعر عرفة على الطريق بين مكة والطائف شَرقي مكة بنحو 22 كيلومتر، وعلى بعد 10 كيلومترات من منى و6 كيلومترات من مُزدلفة.
مشعر عرفة هو سهل مُنبسط مُحاط بسلسلة من الجبال على شكل قوس كبير. وكما ذكرنا أمس إختلاف العلماء حول تسميته، منها أن آدم وحواء حينما أنزلهما الله من الجنة إلى الأرض، أنزلهما في مكانين مختلفين، فكان موقع جبل عرفات هو المكان الذي التقيا فيه، وتعارفا على بعضهما فيه. والسبب الآخر يقول البعض، أن جبريل كان يطوف إبراهيم عليه السلام ويعلمه المناسك والمشاهد، وكان يطوف به في الجبل، ويردد له قوله "أعرفت، أعرفت"، وكان يرد عليه بقوله "عرفت، عرفت".
مزدلفة المشعر الحرام
مزدلفة واجب على كل حاج، من تركه فعليه دم، وتقع مزدلفة بين مشعري منى وعرفات، ويبيت الحجاج بها بعد نفرتهم من عرفات، ثم يقيمون فيها صلاتي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً ويجمعون فيها الحصى لرمي الجمرات بمنى، ويمكث فيها الحجاج حتى صباح اليوم التالي يوم عيد الأضحى ليفيضوا بعد ذلك إلى منى.
يقوم فيها الحجاج بالتجمع والاقتراب إلى مِنى حيث يسمى هذا القرب ازدلافًا، فالحجاج يزدلفون إلى الله، أي يتقربون إليه من خلال وقوفهم في عرفة، وازدلافهم منها إلى منى، كما تسمى مزدلفة جمعاً، لأنه يتم فيها جمع النسك بين صلاتي المغرب، والعشاء.
"مِنى" مدينة الخيام البيضاء
مِنى "بكسر الميم وفتح النون" هي وادٍ تحيط به الجبال، تقع في شرق مكة، على الطريق بين مكة وجبل عرفة، وتبعد عن المسجد الحرام نحو 6 كم تقريباً.
سبب تسميتها بهذا الاسم لأن الحجاج أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة في الحج، وقيل لأن جبريل عليه السلام عندما أراد أن يفارق آدم عليه السلام قال له تمنَ! قال: أتمنى الجنة.
وفي منى رمى إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدية لابنه إسماعيل عليه السلام.