تعرف على تاريخ صناعة كسوة الكعبة.. بدأت في حي "الخرنفش" بالقاهرة وظهرت الكتابة عليها في عهد العباسيين

كسوة شريفة سوداء تتلحف جدران الكعبة المكرمة، وتعتبر من أهم مظاهر التبجيل والتشريف لبيت الله الحرام، وللكسوة تاريخ ارتبط به أكبر فناني العالم الإسلامي، وتسابقوا لنيل هذا الشرف العظيم، وهي قطعة من الحرير الأسود المنقوش عليه آيات من القرآن من ماء الذهب، تكسى بها الكعبة ويتم تغييرها مرة في السنة وذلك خلال موسم الحج، صبيحة يوم عرفة في التاسع من ذي الحجة.

ويكون رفع كساء الكعبة المبطن بالقماش الأبيض في موسم الحج، إنما يُفعل لحمايتها من قطعها بآلات حادة للحصول على قطع صغيرة طلبا للبركة أو الذكرى أو نحو ذلك.

وكسوة الكعبة المشرفة مُستحبة لدى حكام المسلمين، لأن ذلك من تعظيم بيت الله الحرام، لقوله تعالى: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ، وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ، فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ". 

ويبلغ عدد العاملين في إنتاج الكسوة 240 عامل وموظف وفني وإداري، وتصنع كسوة الكعبة المشرفة من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون الأسود المنقوش عليه بطريقة الجاكار عبارة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، "الله جل جلاله"، "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"، "يا حنان يا منان". 

كما يوجد تحت الحزام على الأركان سورة الإخلاص مكتوبة داخل دائرة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية. 

الهدف من كسوة الكعبة 

كسوة الكعبة من الشعائر الإسلامية، والحكمة من كسوة الكعبة أنها تعتبر اتباع سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده، فقد ثبت أنه بعد فتح مكة في العام التاسع الهجري كسا الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الكعبة بالثياب اليمانية وكانت نفقاتها من بيت مال المسلمين. 

وعند فتح مكة، أبقى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام الكسوة القديمة التي كُسيت بها في عهد المشركين ولم يستبدلها ، حتى احترقت الكسوة على يد امرأة تريد تبخيرها فكساها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالثياب اليمانية. 

سار على دربه الخلفاء الراشدون من بعده، أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بالقباطي والبرود اليمانية، ثم كساها عثمان بن عفان رضي الله عنه بكسوتين أحدهما فوق الأخرى فكان هذا العمل الأول من نوعه في الاسلام.

في العصر العباسي 

ظهرت الكتابة على كسوة الكعبة المشرفة منذ بداية العصر العباسي فكان الخلفاء من الأمراء يكتبون أسماءهم على الكسوة ويقرنون بها اسم الجهة التي صنعت بها وتاريخ صنعها، كما هي العادة الجارية إلى اليوم.

في الدولة الفاطمية 

مع بداية الدولة الفاطمية اهتم الحكام الفاطميين بإرسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، وكانت الكسوة بيضاء اللون. لم يكن أي نقش 

في الدولة المملوكية

أما في عهد السلطان الظاهر بيبرس، أصبحت الكسوة ترسل من مصر، حيث كان المماليك يرون أن هذا شرف لا يجب أن ينازعهم فيه أحد حتى ولو وصل الأمر إلى القتال، فقد أراد ملك اليمن "المجاهد" في عام 751 أن ينزع كسوة الكعبة المصرية ليكسوها كسوة من اليمن، فلما علم بذلك أمير مكة أخبر المصريين فقبضوا عليه بالأغلال. 

فى عهد محمد علي باشا

توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذي حدث بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الأراضي الحجازية وقافلة الحج المصرية في عام 1807، ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة مرة أخرى بعد سقوط الدرعية على يد جنود محمد علي باشا، وعودة السيادة المصرية العثمانية على الحجاز.

وقد تأسست دار لصناعة كسوة الكعبة بحي "الخرنفش" في القاهرة عام 1233، وهو حي عريق يقع عند التقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة داخلها، واستمر العمل في دار الخرنفش حتى عام 1962، إذ توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة لما تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعتها.

حيث ظلت كسوة الكعبة المشرفة تُرسل إلى السعودية من مصر عبر القرون، باستثناء فترات زمنية قصيرة ولأسباب سياسية، إلى أن توقف إرسالها بشكل نهائي من مصر سنة 1381. 

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً