يثير بعض كارهي الإسلام الشبهات حول الدين الإسلامي وحول تراث الفقه الإسلامي، ومن هذه الشبهات أن الإسلام يسمح بزواج المحارم، وجاءت هذه الشبهة من إجازة الإمام الشافعي للرجل بأن يتزوج من ابنته من الزنا، وحيث ذهب فقهاء من الشافعية إلى أن ماء الزنا لا يحرم كما يحرم ماء النكاح، لأنه لا حرمة له، وهو مذهب الشافعية وقول ابن الماجشون من المالكية ، ومذهب الإمام الشافعي في هذا القول إن ابنة الزنا لا تحرم المخلوقة من ماء الزاني عليه، فيجوز له أن يتزوجها، وهذا مذهب الشافعي، ودليله أنها أجنبية عنه، وليست بنتا له في الشرع، إذ لا حرمة لماء الزنا؛ بدليل انتفاء سائر أحكام النسب من: إرث ونفقة وولاية، وغيره عنها .
اقرأ أيضا : لماذا نشكر الله على نعمة العقل والسمع والبصر وهي أمور ضرورية ؟زواج الرجل بابنته من الزنا لماذا أجازه الإمام الشافعي ورفضه جمهور العلماء ؟
وأما القول الثاني الذي ذهب له جمهور أئمة المسلمين، كأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد وأصحابه، ومالك وجمهور أصحابه، وهو قول كثير من أصحاب الشافعي ، واستدل الجمهور بقول الله تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم [النساء: 23]. وهذه بنته؛ فإنها أنثى مخلوقة من مائه. هذه حقيقة لا تختلف بالحل والحرمة. ويدل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم، في امرأة هلال بن أمية، في حديث اللعان: انظروه- يعني ولدها- فإن جاءت به على صفة كذا، فهو لشريك بن سحماء . يعني الزاني، لأنها مخلوقة من مائه. وهذه حقيقة، لا تختلف بالحل والحرمة. ولأنها بضعة منه، فلم تحل له، كابنته من النكاح الشرعي. وتخلف بعض الأحكام، لا ينفي كونها بنته، وقد اختار ابن القيم قول الجمهور قائلا: "وقد دل التحريم بلبن الفحل، على تحريم المخلوقة من ماء الزاني دلالة الأولى والأحرى؛ لأنه إذا حرم عليه أن ينكح من قد تغذت بلبن ثار بوطئه، فكيف له أن ينكح من قد خلق من مائه نفسه بوطئه؟ وكيف يحرم الشارع بنته من الرضاع لما فيه من لبن كان وطء الرجل سببا فيه، ثم يبيح له نكاح من خلق بوطئه ومائه نفسه؟ وهذا من المستحيل" .
واستدل ابن القيم بما يلي:
1. أن الله تعالى أنطق الرضيع ابن الراعي بقوله: أبي فلان الراعي . وهذا الإنطاق لا يحتمل الكذب.
2. أجمعت الأمة على أن ابن الزنا: تحرم أمه عليه، وخلقه من مائها وماء الزاني- خلق واحد، وإثمهما فيه سواء. وكونه بعضا لأبيه، مثل كونه بعضا لأمه. فكما يحرم ابن الزنا على أمه، تحرم بنت الزنا على أبيها .
الترجيح: من الواضح أن قول الشافعي بحل نكاح ابنته من الزنا فيه من البشاعة ما فيه. والصواب الأخذ بقول الجمهور في التحريم بالزنا للفرع مهما نزل، وهذا اختيار ابن تيمية .
_________________________ _