تعهدت دولة باكستان بأنها ستتخذ أي إجراء ضروري للوقوف إلى جانب إقليم كشمير المتنازع عليه، والذي يستمر فيه انقطاع الاتصالات غير المسبوق بعد يوم من إعلان الحكومة الهندية أنها ستلغي الوضع الخاص للإقليم وتقسمه إلى قسمين.
وتم تعطيل جميع الاتصالات الأرضية وشبكة الإنترنت والهاتف المحمول في الإقليم اليوم الثلاثاء، في الوقت الذي تم فيه إلقاء القبض على قادة سياسيين بارزين يعارضون تحرك الحكومة الهندية.
حيث أعلنت الحكومة الهندية أمس الاثنين أنها ستغير بشكل جذري علاقات كشمير بدلهي، وإلغاء الحكم الذاتي الذي منحته للمنطقة مقابل انضمامها إلى الاتحاد الهندي بعد الاستقلال عام 1947. وقالت أيضًا إنها ستقسم ولاية جامو وكشمير إلى قسمين.
أثار هذا الإعلان غضب باكستان التي تطالب أيضًا بالسيادة على كشمير وخاضت حربين مع الهند على الإقليم. وقال قائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جافيد باجوا: "الجيش الباكستاني يقف بقوة إلى جانب الكشميريين في نضالهم العادل حتى النهاية"، مضيفاً: "نحن مستعدون وسنذهب إلى أي حد للوفاء بالتزاماتنا في هذا الصدد".
اقرأ أيضاً: باكستان تعلن استعدادها للحرب في حين تحويل "كشمير" إلى فلسطين أخرى
وفي معرض تسليط الضوء على الاضطراب الدبلوماسي الناجم عن هذه الخطوة، قالت بكين أيضًا إنها تعارض قرار الهند إلغاء الوضع الخاص لكشمير، قائلة إنه يقوض السيادة الإقليمية للصين.
وبحسب تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية نشرته على موقعها الإلكتروني، فإن المنطقة المتنازع عليها تقسم بين كلاً من الهند، التي تسيطر على وادي كشمير والمنطقة التي يهيمن عليها الهندوس حول مدينة جامو. وباكستان، التي تسيطر على الأراضي في الغرب. والصين، التي تسيطر على منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة في الشمال.
ودعت واشنطن أمس الاثنين إلى الهدوء على طول الحدود التي تقسم كشمير بين باكستان والهند.
كما أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بأن السياسيين قد احتُجزوا وحثوا على "إجراء مناقشات مع من يعيشون في المجتمعات المتضررة"، بينما ضغطت منظمة "هيومن رايتس ووتش" على قوات الأمن للتصرف بضبط النفس. وذلك بحسب تقرير الصحيفة البريطانية.
وقالت "ميناكشي جانجولي"، منسقة شؤون منظمة هيومن رايتس ووتش في منطقة جنوب آسيا، وفقا لـ"الجارديان": "بالنظر إلى الانتهاكات السابقة التي ارتكبتها القوات، بما في ذلك الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، وانعدام المساءلة على الرغم من مزاعم التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء، نأمل أن تطلب الحكومة من قوات الأمن احترام الحقوق".
ونقلت "الجارديان" عن رجل، طلب عدم الكشف عن اسمه، قوله إنه كان عائداً إلى سريناجار، أكبر مدينة في كشمير، من دلهي اليوم الثلاثاء، لأنه كان قلقًا على عائلته. وأضاف أن والده، وهو رجل أعمال متورط في التعامل مع منظمة من مجتمع مدني صغيرة، تم اعتقاله.
وتابع: "لقد عرّفت نفسي دائمًا على أنني هندي، لكنني أشعر اليوم بالخجل من هذه الهوية". وذكرت "الجارديان" أنه لم يتمكن من الاتصال بأقاربه منذ إعلان الأمر المتعلق بإلغاء الوضع الخاص لكشمير أمس الاثنين.
وبحسب ما ورد قُبض على اثنين من كبار الوزراء السابقين، وهما محبوبة مفتي وعمر عبد الله، وكذلك سجاد لون، رئيس حزب مؤتمر الشعب الباكستاني.
اقرأ أيضاً: الجيش الباكستاني مستعد للتحرك إلى أي مدى لتأكيد التزامه نحو كشمير
وقال جوهر سراج، وهو رجل أعمال غادر كشمير مساء أمس الاثنين، وفقاً لـ"الجارديان"، إنه بينما تم حظر الوصول إلى الطرق الرئيسية صباح أمس الاثنين، كان يمكن رؤية الناس وهم يتحدثون في الشوارع في المناطق السكنية، حيث يمارس المراهقون رياضة الكريكيت.
وأضاف: "كان السائقون يقولون:" يا إلهي، الآن الأمور ستشتعل، وستصبح عنيفة". لافتاً إلى أن الناس لم ينتابهم الخوف، بل قالوا: لقد رأينا كل شيء يمكنهم فعله، فما الذي يمكنهم فعله الآن؟".
وتابع "حظر التجول موجود والقوات والمتاريس في الشوارع".
وبعد زيارة إلى كشمير، نقلت وسائل الإعلام الهندية عن مستشار الأمن القومي "أجيت دوفال" قوله إن الوضع طبيعي وأنه "ليس هناك أي توتر". لكن تعتيم الاتصالات حال دون تقديم تقارير مستقلة عن الوضع في الإقليم.
يقول النقاد إن التعتيم يوحي بأن حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم يخشى أن يؤدي هذا الإعلان إلى اضطرابات في كشمير، التي استمر بها التمرد ضد الحكم الهندي لمدة ثلاثة عقود.
اقرأ أيضاً: الهند تلغي الحكم الذاتي في كشمير
ويحتل الإقليم وضعًا خاصًا منذ عام 1954. فبموجب المادة 370، مُنح دستوره واستقلاله في كل الأمور باستثناء الشؤون الخارجية والدفاع. وهناك مادة إضافية، وهي المادة 35، والتي منعت الناس من خارج الدولة من شراء الأراضي في الإقليم. ويعتقد الكثير من الكشميريين أن هذا أمر مهم لحماية ديموغرافية الإقليم الوحيد ذا الأغلبية المسلمة في الهند، وكذلك تقاليده وطريقة حياته.
يجادل حزب "بهاراتيا جاناتا" بأن مثل هذه الأحكام كانت تهدف دائمًا إلى أن تكون مؤقتة، وأن التغييرات ستجلب الرخاء إلى كشمير. حيث قال وزير الداخلية، أميت شاه: "سنجعل جامو وكشمير أكثر الدول تطوراً في البلاد ... أريد أن أخبر الشباب الذين لديهم ثقة بحكومة "ناريندرا مودي". لن يحدث أي شيء سلبي.
وقالت الحكومة إنها ستقسم الدولة إلى منطقتين اتحاديتين: جامو وكشمير، التي سيكون لها مجلس تشريعي؛ ولاداخ، التي ستحكمها مباشرة الحكومة المركزية دون تشريع خاص بها.
ووفقا لتقرير الصحيفة البريطانية، فإن الجوانب المقترحات لا تزال قيد المناقشة من قبل البرلمان، لكن من المتوقع على نطاق واسع الموافقة عليها.
اقرأ أيضاً: الهند تنشر 10 آلاف مقاتل إضافي في كشمير.. وأنباء عن مضاعفة هذا العدد قريبا
وقد اتُهم الحزب الحاكم في الهند بالإذعان لقاعدة الدعم القومي الهندوسية، وبتجاهل إرادة الشعب الكشميري وعدم احترام الدستور. وأدان آخرون الطريقة التي أصدرت بها الحكومة هذا الإعلان، والذي سبقه زيادة القوات في كشمير فضلاً عن أمر مثير يدعو إلى إجلاء الآلاف من السياح وزوار الأماكن المقدسة.
من جانبه، اتهم "راهول غاندي"، رئيس حزب المؤتمر الوطني الهندي المعارض، حزب بهاراتيا جاناتا بالتصرف بطريقة غير ديمقراطية. وقال على تويتر: "إن إساءة استخدام السلطة التنفيذية لها آثار خطيرة على أمننا القومي".