17 عاما مروا على واقعة فساد دونت ضمن الملف الاقتصادي الذي كلف الدولة أكثر من ملياري جنيه، وتعود القصة لعام 2002 عندما خُصخصت شركة الأهرام للمشروبات، عبر بيعها بـ308 ملايين من الحكومة لصالح المستثمر أحمد الزيات، والتي نجح في بيعها بـ1.1 مليار جنيه، حيث قام ببيع 98% من أسهمها لمجموعة «هنكين» العالمية المتخصصة فى بيع الكحوليات، ولم تقدر حكومة الدكتور عاطف عبيد قيمتها بالشكل المطلوب، وهو ما دفع المستثمر المصري والأجنبي على حد سواء بالنظر لها كصيد ثمين يسهل التربح بمئات الملايين من الجنيهات من ورائه.
اقرأ أيضا.. بشرى سارة.. انخفاض أسعار جلود الأضاحي ينعش صناعة الأحذية في مصر
ويقول الدكتور أشرف شرقاوي، وزير قطاع الأعمال الأسبق، إن هذه الواقعة تمت في عام 2002، وهو تولى حقيبة الوزارة في عام 2007 أي بعد الواقعة بخمس سنوات.
وأكد وزير قطاع الأعمال الأسبق، في تصريح خاص لـ«أهل مصر»، أنه غير مسئول عن هذه الواقعة، ولا يعرف شيء عنها.
وتقول حنان رمسيس، خبيرة سوق المال، إن الشركة بدأ تأسيسها عام 1897عندما سجلت شركة «كراون بريوري» نفسها في مملكة بلجيكا، لتبدأ عملياتها في الإسكندرية، ثم دخلت الشركة في اتفاقية مساعدة تقنية مع شركة «هينكن» الألمانية، وفي عام 1963 تأممت الشركة، وفي عام 1985، تم تغيير اسم الشركة إلى شركة الأهرام للمشروبات.
وبسبب الإصلاحات الاقتصادية في التسعينيات بدعم من المؤسسات المالية والاقتصاديين الدوليين، والتي كانت تهدف لتحرير الأسواق وتقليص دور الدولة في الاقتصاد، وكانت الركيزة الأساسية لهذه الإصلاحات في كل مكان هي خصخصة الأصول المملوكة للدولة، وفي الوقت الذي بدأت فيه الحكومة الخصخصة كان الاقتصاد تحت سيطرة 32 من هؤلاء الحيتان، ومنهم أحمد الزيات، على رأس مجموعة الأقصر، وفي عام 1996 قررت الحكومة خصخصة شركة الأهرام للمشروبات، وكانت المحتكر الوحيد لتصنيع البيرة في مصر.
وقدم الزيات عطاءً منافسًا من شركة كونسورتيوم الشركة المالية مصرية، برئاسة رجل التطوير العقاري فريد سعد في عام 1995، وكان لتلك المجموعة ما يكفي من الصلات، لتخفيض كبير في قيمة العطاء الذي خفضته لـ400 مليون جنيه، ولم يكن لدى أحمد الزيات من المال ما يكفي لشراء شركة الأهرام للمشروبات، لكنه كان يمتلك المواهب التي أقنع بها شركة الأهرام للمشروبات بطرح أسهمها لأول مرة في بورصة لندن، واستحوذت «مجموعة الأقصر» على الفور على 74.9% من تلك الأسهم بسعر 68.5 جنيه للسهم، وبعد ثلاثة أشهر انقسم السهم إلى اثنين، وتمكنت «مجموعة الأقصر» من بيع جميع الأسهم بسعر 52.5 جنيه للسهم، محققة أرباح صافية بنسبة 36%، والتي مكنت الزيات من شراء شركة الأهرام للمشروبات بمبلغ 231 مليون جنيه في الشهر التالي.
وفي ذلك الوقت، كانت الشركة تحقق أرباحًا كبيرة، حيث كانت تحتمي بتعريفة 3% تفرضها الدولة على النبيذ المستورد، وتحقق هامش ربح 70% على مبيعاتها في 2002، تغير المحتكر مرة أخرى عندما باع الزيات شركة الأهرام للمشروبات بمبلغ 1.3 بليون جنيه، محققًا ربح مقداره 563% في خمس سنوات.
وأضافت خبيرة سوق المال في تصريح خاص لـ«أهل مصر»، أن شركة الأهرام تحتكر سوق المشروبات الكحولية فى مصر، فهى تصنع إلى جانب النبيذ مشروبات كحولية أخرى مثل الفودكا، والويسكى، والجين، وبيرة «سقارة» والبيرة الخفيفة «ستيلًا» التى يمكن أن يجدها المستهلك على طاولات المقاهي بالشارع أو داخل بارات الفنادق ذات الخمسة نجوم، فشركة الأهرام لا تمتلك فقط معامل التقطير، ومزارع الكروم، والمصانع وأماكن التوزيع، فهى مالكة أيضا لسلسلة متاجر «درينكزDrinkies»، حيث تباع منتجاتها، أو توصل إلى المنازل المستهلكين.
وفي عام 2003 طلبت شركة هنكين شراء السهم بسعر 14 دولار، وتم شطب السهم من البورصة في 2006، وكان للسهم كوبون سنوي يوزع أعلي من أي كبون آخر فقد وصلت في بعض الفترات 4 جنيهات، ولكن الطلب علي السهم كان ضعيف نوع ما لأسباب دينية، وكان المستثمرون العرب وصناديق الاستثمار العربية لا تجيز الدخول في هذا السهم، مما أضر بالسهم في التداولات، فعلى الرغم من عدم وجود طلب صريح علي السهم في شاشات التداول.
وتابعت «رمسيس»، كانت أي كمية تعرض من قبل المتعاملين يتم شرائها خاصة من قبل صناديق الاستثمار الأجنبية، ولا توجد إشكالية من قيدها في البورصة مرة أخري، موضحة أن الإشكالية الوحيدة أن الجانب الديني مستمر في عدم وجود طلب صريح علي السهم، فلا يجيز قيدها مرة أخرى، ولكن لو تم قيدها مرة أخرى ودخلت مؤشرات البورصة ستعزز من أداء المؤشرات ومتوقع احتلالها لوزن نسبي كبير.
وأضافت، أنه على الرغم من تنوع نشاط الشركة، لا يتذكر المتعامل إلا نشاط إنتاج البيرة، حيث يطلقوا عليها شركة البيرة، وهذا ما يعطل من نجاح الشركة واستمرارها في بورصة مصر.
ومن جانبه قال المحلل الفني، محمد عبد الهادي، إن شركة الأهرام للمشروبات كانت مقيدة في بورصة لندن، وغير موجودة أو غير مقيدة في بورصة مصر على الإطلاق.
وأضاف المحلل الفني في تصريح خاص لـ«أهل مصر»، أن بيع الشركة لأحمد الزيات كانت موضوع نصب حدث بين الزيات وعاطف عبيد وجمال مبارك حول سيطرة الزيات علي الشركة، وكان في هذا التوقيت الخصخصة هي الأمر السائد وقتها، لافتًا إلى أن نفس الأمر حدث بالفعل لشركة العربية لحليج الأقطان عندما تم بيعها لعائلة أباظة بسعر أقل بكثير مما هو مستهدف، أي أن بيع القطاع العام في هذا التوقيت بسعر رخيص جدًا، وتم بيع الشركة وحقق الزيات مكاسب خرافية.
وتابع «عبد الهادي»، أن الأرض مقر الشركة موجودة الآن في بين السريات بموقع ممتاز جدًا، ولا أحد يعرف مصيرها، مضيفا أنه في عام 2011 طالعتنا الأخبار عن استحواذ ساويرس عليها، ولكن هذا غير معلن، وتم ذلك بعد الثورة.
نقلا عن العدد الورقي.