لم يبخل النهر العظيم على مصرييه، فكان دائما على عهده ووفائه معهم، لهذا السبب قدسه أجدادنا الفراعنة بشكلٍ خاص، وكانوا يقدمون له القرابين في موعد الفيضان كل عام، وعلى مدار آلاف السنين لم يبخل النيل على المصريين حتى اليوم.
خصص الفراعنة للنيل الإله حابى رمز الخصوبة، ومن أجله كان المصرى القديم يقدم القرابين فى موعد الفيضان كل عام، في 15 أغسطس تزامنا مع بدء السنة المائية مع بداية أغسطس. وحول هذا التقديس والعلاقة الفريدة بين المصري ونهر النيل، اشتهرت قصص وأساطير مستوحاه من هذا الواقع كحكاية عروسة النيل الذي توقع الكثيرين صحتها بأن المصري القديم كان يقدم للنيل فتاة بكر لكى ينعم عليهم كل عام بالماء الوفير ليسقوا أراضيهم و زرعهم ، ولكن حقيقة الأمر هى مجرد اضحية عادية من شاة او طعام و ما شابه.
دلائل عدم وجود عروس نيل في تاريخ الفراعنة
الفراعنة أنفسهم لا شئ فى تاريخهم المدون يذكر أنهم كانوا يقدمون قرابين بشرية لآلهتهم ، و اللوحات التى تصف الاحتفالات النيلية تذكر كل تفاصيل الاحتفال و لا يوجد بها أى عروس نيل ، حيث كان يبدأ الاحتفال عادة بذبح عجل أبيض و أوز و بط و دجاج كقربان ، ثم تلقى فى النيل رسالة مكتوبة على ورقة من أوراق البردى ، تتضمن بعض الصلوات و المدائح فى النيل ، اعترافا بفضله و ابتهالا له لمواصلة الفيضان فى كل عام.
قد عثر على بعض البرديات التى ألقيت فى النيل و تحمل دعوات و لم يذكر فيها أى عروس ! و أن عروس النيل الحقيقية هى مصر .
عروس النيل ليست سوى خرافة، ذكرها لأول مرة المؤرخ أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحكم فى كتابه "فتوح مصر و المغرب" و روى فيه قصة حدثت فى عهد الفاروق عمر بن الخطاب هى :
بعد فتح عمرو بن العاص لمصر أتاه أهلها ، قائلين إن النيل لا يجرى إلا عندما يلقوا به فى الليلة الثاية عشر من الشهر جارية بكر ترتدى أفضل الحلى و الثياب، و عندما أصبح النيل لا يجرى ، قررا الناس الرحيل ، فبعث عمر بن الخطاب بورق لابن العاص ليلقيها فى النيل ، مذكور فيها :
" من عبد الله أمير المؤمنين إلى نيل مصر ، أما بعد ، فإن كنت كنت تجرى من قبلك فلا تجر ، و إن كان الله الواحد القهار هو الذى يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك" . و عندما ألقاها بن العاص فى النهر زاد 16 ذراعا ً فى ليلة واحدة ، و نقل هذة الحكاية عن بن الحكم الكثير من المؤرخين على أنها معلومة تاريخية مؤكدة عند المقريزى و الكندى و السيوطى.