لم تكن تعلم الحاجة "ربيعة محمد عصملي"، أن الله سوف يحقق لها أمنيتها التي ظلت تتمناها وتناجي ربها بها كثيراً، وهي أن تلاقي ربها وتدفن في بيت الله بعد أدائها فريضة الحج.
هي الحاجة ربيعة محمد عصملي المناعي، توفيت ليلة عرفات بمكة، أثناء تأدية فريضة الحج، ابنة قرية أبومناع بحري بمركز دشنا، شمال قنا، وكانت تقيم في منطقة المنشية بمدينة قنا، تزوجت ربيعة وهي في سن الـ 20 عاماً، من أحد أقاربها عبدالفتاح جاد مصطفى، حاصلة على دبلوم فني تجاري، وعملت في البداية في مديرية الشؤون الاجتماعية، وبعد أن أنجبت أطفالها انتقلت للعمل في التربية والتعليم، مدرسة إدارية بإحدى المدارس المجاورة لمنزلها، لمراعاة أطفالها وزوجها.
توفى زوجها في حادث وهي تبلغ من العمر 28 عاماً، وترك لها 5 أطفال أصغرهم كان يبلغ عمره 40 يوماً فقط، وكانت الكارثة الكبرى في حياتها، كافحت ربيعة لتربية أطفالها وتعليمهم دون مساعدة أحد لها مادياً، كما أنها رفضت أن يعيشو أطفالها في دشنا مع أعمامهم خوفاً عليهم من عدم الإهتمام بهم وتعليمهم لأن قرى الصعيد في ذلك الوقت كانت لا تهتم كثيراً بالتعليم، فظلت في منزلها مع أطفالها، ورفضت الزواج من رجل آخر، رغم أنها كانت صغيرة السن وعٌرض عليها كثيراً فكانت ترفض وبشدة وفضلت ترى مستقبلها في نجاح أولادها الخمسة.
أخرجت الحاجة ربيعة 5 نماذج مشرفة علمتهم معنى القيم وحب الآخرين وحب بعضهم البعض وأنهم يكونو أيدٍ واحدة، فالأكبر يدعي محمد، 40 عاماً، ويعمل مدرس أول اللغة الإنجليزية، ومصطفى، 39 عاماً، سائق تاكسي، وأحمد، 36 عاماً، مدير مبيعات في المصرية للاتصالات بسفاجا، ومحمود، 35 عاماً، طبيب بيطري، وعبدالله، 31 عاماً، مدرس لغة انجليزية، فقامت بواجبها معهم على أكمل وجه، فصممت على تعليمهم وكانت صديقة لهم بعد أمومتها، وقامت بتزويجهم جميعاً.
وقال نجلها الأكبر محمد، أنه منذ عرف الدنيا ويرى والدته تصوم كل اثنين وخميس، فكانت صوامة قوامة، كما ذكر أنه لا ينسى فضل والدته كانت تعود من العمل وهي حاملة أكياس الخضار لتحضير الطعام له ولإخوته، لذلك كان عوناً لها هو وإخوته ولم يغضبوها ولا يعصوها في شئ، وأضاف أنها كانت إجتماعية جداً وتحب التعامل مع الآخرين قريب وغريب، وقال أيضاً أنها لم تفرق يوماً بين أحد من أخوته فمثلما تشتري لأحد تشتري للآخرين بالمثل، كما أنها ساعدتهم جميعاً في شراء منزل لكل واحد فيهم خاص به تزوج فيه.
وذكرت أميمة زوجة نجلها الأكبر، أن الحاجة ربيعة، لما تعامل يوماً زوجات أبنائها كحمايا بل كانت تتعامل معهم كأم، ولم تفرق بينهم في شئ، فالله لم يكرمها بإنجاب أناثاً لها ولكن اعتبرت زوجات أبنائها بناتها.
كما قالت أنها دوماً كانت تتمنى أن تزوج نجلها الأصغر وتقوم بحج بيت الله وتلاقى ربها وتدفن فيه، ومن كثرت إلحاحها حقق الله لها أمنيتها حيث زوجت نجلها الأخير العام الماضي وقامت هذا العام بتأدية فريضة الحج وتٌوفيت يوم عرفة ودفنت في مكة.