نظمت وزارة الأوقاف ندوة علمية كبرى بمسجد ” الصباح” بمحافظة الجيزة، تحت عنوان : ” أهمية الوقت” حاضر فيها كل من: الشيخ عبد الفتاح عبد القادر جمعة مدير مركز الأوقاف للدراسات والبحوث الدينية، والشيخ محمود سالم إمام وخطيب بإدارة أوقاف الهرم، والشيخ محمود عابدين إمام وخطيب بإدارة أوقاف الهرم، وحضر الندوة جمع غفير من المصلين حرصًا منهم على تعلم أمور دينهم.
وفي كلمته أكد الشيخ عبدالفتاح عبدالقادر جمعة أن وزارة الأوقاف من خلال الندوات الدينية والبرامج الدعوية عبر مساجدها ومنابرها الإعلامية تستهدف كل القضايا الدينية والمجتمعية التي تشغل الأذهان، وذلك في خطوة تجديدية وبتوجيهات صريحة ومتابعة متواصلة من وزير الأوقاف، فالمسجد لم يقتصر على أداء العبادة فحسب، بل أصبح يؤدى رسالة تنويرية وتثقيفية من خلال المدارس العلمية والقرآنية، بما يظهر الصورة المشرقة للإسلام ويقطع الطريق على المتاجرين بالدين والمشوهين لمقاصده وتعاليمه السمحة.
وعن موضوع الندوة أكد أن للوَقْت أهميَّة عَظيمة على المُسلِم أنْ يُدرِكها، وأنْ يَحرِص على اغتنام وقتِه بِكُل ما يَعود عليه بِالمَنفعة، وأنْ يُسارِع إلى استثمار أوقات فراغه، يقول سيدنا رسول الله (صلّى الله عليه وسلَّم) : “لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ”، موضحا أن الانتفاع بالوقت من أجل الخصال التي ينبغي على الإنسان أن يحرص عليها؛ لأن الحرص على الانتفاع بالوقت هو حرص على الانتفاع بالعمر، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :” نِعمَتَانِ مَغبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، الصِّحَّةُ والفَرَاغ” ، مؤكدا أن بركة الوقت باستثماره في العمل الصالح الذي يرجع بالنفع على الفرد والمجتمع حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "سبعٌ يَجري للعبد أجرُهنَّ وهو في قبره بعد موته: مَن علَّم علمًا، أو أجرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجدًا، أو ورَّث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته”، كما أن تنظيم الوقت يعد أقصر طريق لعدم إضاعته .
وفي كلمته أكد الشيخ محمود سالم أن الوقت من أعظم النعم التي أنعم الله (عز وجل) بها على عباده، وتفضل بها على خلقه، ولبيانِ أهمية الزمن أقسَم اللهُ تعالى به في مختلفِ أطواره، في آياتٍ عدة، فأقسم: بالفجر، والليل، والنهار، والضحى، والعصر، فمن ذلك قوله: {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، وقوله: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى . وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} وقوله : {وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}، وقوله: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، والله لا يقسم بشيء إلا لعظمته، وقد شدد النبي (صلى الله عليه وسلم) على ضرورة استغلال الوقت واستثمار، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) :” “اغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ، حَياتَكَ قَبلَ مَوتِكَ، وصِحّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وفَراغَكَ قَبلَ شُغلِك، وشَبابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ وغِنَاكَ قَبلَ فَقْرِك“، فالوقت أثمن ما يملكه الإنسان، وهو مادة حياته، ودونَه لا يُمكن فعل أيِّ شيء؛ فهو رأسُ مال الحياة وأساسُها، فمن أمضى يومه في غير حق قضاه، أو فرض أداه، أو مجد بناه، أو خير أسسه فقد عق يومه وظلمه.
وفي كلمته أكد الشيخ محمود عابدين أن الوقت منحة من الله تعالى لخلقه، ينبغي أن يستغله الإنسان في طاعة الله (عز وجل)، وإذا نظرنا إلى أركان الإسلام نجد أن جميع العبادات مؤقتة بتوقيت محكم، فالصلاة المكتوبة لها أوقات معينة، والزكاة المفروضة يتم إخراجها بعد مرور عام كامل على نصابها الشرعي، وكذلك صيام الفريضة له شهر كامل هو شهر رمضان، وأداء فريضة الحج في وقت معين دون غيره من أيام السنة، قال تعالى : ” الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ”، كما أشار إلى أن كل إنسان يسطر حياته من خلال أوقاته التي يقضيها في رضى الله (عز وجل) أو عكس ذلك ، فالوقت أمانة والعبد مسئول أمام ربه يوم القيامة، لذلك كان الوقت كالذهب بل هو أثمن منه، يقول سيدنا عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه): “ما نَدِمتُ على شيء ندمي على يَومٍ غَربت شمسُه ونقصَ فيه أجلي ولم يَزدد فيه عمَلي” ، وقال الإمام الشافعي : “الوقت كالسيف فإن لم تقطعه قطعك، ونفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر”.