يقول المولى سبحانه وتعالي في سورة آل عمران: وشاورهم في الأمر، ويقول المولى سبحانه وتعالى في سورة الشورى : والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورىٰ بينهم، بل أن القرآن الكريم يوجد به سورة كاملة أسمها سورة الشورى، وسبب نزول الآية الكريمة في سورة آل عمران والتي فيها شطر الآية وشاورهم في الأمر، أن النبى صلى الله عليه وسلم كان قد استشار المسلمين قبل الدخول في معركة " أحد " في كيفية مواجهة العدو واستقر رأي الأغلبية منهم على أن يعسكر المسلمين عند جبل " أحد " فكان ما كان من رأى الأغلبية، وأما سبب نزول الآية الكريمة في سورة الشوري التي فيها شطر الآية الكريمة وأمرهم شورىٰ بينهم، فقد أخرج الطبري عن سبب نزول هذه الآية أنها نزلت في الأنصار لأنهم كانوا قبل قدوم النبى صلى الله عليه وسلم وقبل الإسلام وقبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة؛ إذا كان بينهم أمر، أو أرادوا أمرا اجتمعوا فتشاوروا بينهم فأخذوا به، فأثنى الله عليهم خيرا.
هل الاجتهاد يمتد لأمور العقيدة ؟ ماذا فعل الأنصار ؟
ولكن كيف تتم الشوري؟ عندما يجتمع أشخاص أو أقوام ويتشاورون كيف تتم هذه الشورى، الشورى تتم بأن يجتهد كل شخص ويقول رأيه، ومن جملة هذه الآراء يأخذ الجميع بالقرار، وهذا ما حدث وفقا لما ينقله القرطبي في صفحة 37 من الجزء السادس عشر من طبعة دار الكتب المصرية عندما قال عن سبب نزول هذه الآية : هو تشاورهم حين سمعوا بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم، وورد النقباء إليهم حتى اجتمع رأيهم في دار أبي أيوب على الإيمان به والنصرة له، وقيل : تشاورهم فيما يعرض لهم، والشورى هنا تستلزم الإجتهاد من حيث أن نتائجها قد تخطئ الواقع في كل ما يتعلق بالمصالح الدنيوية، ولكن هذا الاجتهاد لا يقتصر على الشئون الدنيوية فقط بل في الشئون الدينية بل في شئون العقيدة نفسها، لأن الأنصار أنفسهم والذين نزلت فيهم هذه الآية لم يكن تشاورهم الذي استلزم الاجتهاد يختص بشأن من شئون العقيدة نفسها والاختيار بين الكفر وبين الإيمان، وهو ما أثني الله سبحانه وتعالى عليه، فعندما اجتهد الأنصار في شأن العقيدة وتشاورا حولها استحقوا ثناء الله سبحانه وتعالى في قرآن كريم يتلي حتي قيام الساعة.