يقول المولى سبحانه وتعالى في سورة النساء : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ۖ ولو ردوه إلى الرسول وإلىٰ أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ۗ ، وتحمل هذه الآية إشارة ربانية إلى قوم أشار لهم المولى عز وجل بقوله : لعلمه الذين يستنبطونه منهم ۗ ، فمن هم هؤلاء القوم؟ من الذين أشار القرآن الكريم لهم بأنهم الذين يستنبطونه ، وهم القوم الذين وصفهم الله بالعلم ؟ هل المقصود بالآية أن يرد الأمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ نعم من الطبيعي أن يرد المسلمين في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرسول؟ ولكن ماذا يفعلون بعد وفاة النبي ؟ من هم المقصود بضمير منهم ، هل يردون الأمور إلى أولي الأمر؟ لكن أولى الأمر في اللغة لا ينطبق عليهم شواهد الآية، أولى الأمر في اللغة ليسوا العلماء وإلا لقال الله تعالي العلماء ولله المثل الأعلى ؟ ولا يستقيم عقلا أن نقول إن ولى الأمر ، الحاكم أو السلطان مطالب بالاجتهاد ، فمن المقصود هنا بالاستنباط والاجتهاد؟
من يحق له الاجتهاد وعلى من يعود الضمير في منهم ؟
يقول ابن حزم حول التفسير الدلالي من شطر الآية في قوله تعالى : من المعنى، فقد إعتبر الضمير في لفظة " منهم " في شطر الآية أولي الأمر منهم لعلمه، غير عائد إلى الرسول وأُولي الأمر، بل يرجع إلى الرادين، وبالتالي يكون المستنبطون منهم ليس هم أُولي الأمر والرسول، بل ناس من بين القوم الذين يتساءلون عن أمور في دينهم، واعتبر ابن حزم أن هذا ما يبدو من الظاهر من الآية بدون محاولة الالتفاف على المعنى ودلالات اللغة ، فالضمير في منهم يعود على أقرب فاعل وهو الرادين ، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه في الاجتهاد أو تحصيل العلم لكل المسلمين وليس لشخص النبي صلى الله عليه وسلم فقط ولا لمن يتم وصفهم بعلماء الدين، وهي صفة غير موجودة في تراث السلف ، سواء أعتبر ذلك عن طريق ما يسمى بالإجتهاد أو عن طريق إستخراج المعنى.