تطرح قضية الاجتهاد وفتح باب الاجتهاد نفسها مجددا كلما ظهر أن هناك نصوصا من الفقه الإسلامي لا تواكب الواقع، ولكن مع ذلك فإن الفقه الإسلامي يعاني من محددات تعيق تطوير الفقه الإسلامي بما يتواكب مع متغيرات العصر، ومن هذه المحددات ما يتعلق بضوابط الاجتهاد ومسألة القياس التي وضع بعض الفقهاء قيودا عليها تجعل من القياس ما يشبه المغامرة التي من الممكن أن تؤدي بالمجتهد للوقع في الإثم الشرعي، لكن مع ذلك فقد لجأ النبي صلى الله عليه وسلم للقياس مع وجود الوحى الذي يوحى له به من السماء، ولم يمنع نزول الوحي من السماء النبي صلى الله عليه وسلم من القياس وهو ما قد يكون رخصة تفتح الباب للجوء للقياس في القضايا التي تستجد في الواقع الإسلامي بدون التقيد بشروط تجعل الاجتهاد في مثل هذه الحالات مغامرة محفوفة بالمخاطر.
فتح باب الاجتهاد ولماذا لجأ النبي صلى الله عليه وسلم للقياس والوحي ينزل من السماء ؟
جاءت شواهد لجوء النبى صلى الله عليه وسمل من الحديث الذي روي عن عمر بن الخطاب من أنه سأل النبي فقال: إني اليوم - وهو يوم صيام - أتيت أمرا عظيما. فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : وما ذاك؟ فقال: هششت إلى أمرأتي فقبلتها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته أكان عليك جناح؟ قال: لا. قال النبي صلى الله عليه وسلم : فلم إذن؟! إذ قيل إن في هذا النص دلالة على القياس، حيث قاس النبي مقدمة الجماع على مقدمة الشرب، فمثلما أن المضمضة لا تفسد الصوم كذلك فإن القبلة لا تفسده ، ومثل ذلك ما روي عن النبي أنه قال في حديث طويل:.. وفي بضع أحدكم صدقة. فقال أصحابه: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال صلى الله عليه وسلم : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيه وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له ومثله ما رواه إبن عباس من أنه سألت النبي الجارية الخثعمية وقالت: إن أبي أدركته فريضة الحج شيخا زمنا لا يستطيع أن يحج، إن حججت عنه أينفعه ذلك؟ فقال لها: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك؟ قالت: نعم. قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق بالقضاء.