أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات الحكومة السورية دخلت مدينة رئيسية في شمال غرب البلاد، أمس الأحد، وسط قتال عنيف مع المسلحين وحلفائهم من المتمردين والذي خلف عشرات القتلى، موضحاً أن هذه القوات دخلت مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب لأول مرة منذ أن فقدوا السيطرة عليها في عام 2014.
وأضاف المرصد، الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له، أن القتال الأخير، الذي اندلع بين عشية وضحاها من السبت إلى الأحد، أسفر بالفعل عن مقتل 59 على الأقل من المسلحين والمتمردين المتحالفين معهم، بالإضافة إلى 28 من أفراد القوات الموالية للحكومة.
كانت القوات الحكومية تتقدم خلال الأيام القليلة الماضية في محاولة لتطويق خان شيخون من الشمال والغرب والاستيلاء على طريق سريع رئيسي.
يمر هذا الطريق عبر إدلب، ويربط دمشق التي تسيطر عليها الحكومة مع مدينة حلب الشمالية، والتي استعادتها الحكومة من المتمردين في ديسمبر 2016 بعد هجوم جوي مدعوم من روسيا.
وخان شيخون، التي تم إجلاء كل سكانها تقريباً الآن، كانت تأوي ما يقرب من 100 ألف شخص قبل بدء التصعيد العسكري الحالي، وكانوا معظمهم نزحوا من محافظة حماة.
وقال ديفيد سوانسون المتحدث الإقليمي باسم الأمم المتحدة عن الأزمة السورية لوكالة "فرانس برس"، أول أمس السبت: "إن العديد من هؤلاء السكان واجهوا حالات تهجير ما يصل إلى خمس مرات".
وأضاف أن "الاشتباكات المستمرة والقصف والغارات الجوية، بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة، تستمر بلا هوادة" وألحقت أضرارًا بالمدارس والمستشفيات.
اقرأ أيضاً.. عودة أكثر من 1000 لاجئ إلى سوريا من الأردن ولبنان خلال الـ24 الساعة الأخيرة
قبل الهجوم الحكومي المتوقع، فر سكان خان شيخون إلى مناطق آمنة نسبياً في الشمال. وخلال الليالي الأخيرة، ساعدت عناصر الدفاع المدني السوري المعروفون باسم "الخوذ البيض" في إجلاء العائلات المتبقية، وفق ما أفاد به موقع "The Defense Post".
وقال حميد قطيني، أحد متطوعي البحث والإنقاذ: "لقد كان الأطفال خائفين للغاية، فقدمنا لهم هوياتنا الشخصية وحاولنا أن نؤكد لهم أننا سنأخذهم بعيدًا عن أصوات الانفجارات".
وأضاف "قطيني" أن من كان يرغب من الأسر والعائلات في الخروج من المدينة والإجلاء، كان يرفع علم "الخوذ البيضاء" في أحيائهم، أو يتصل بهم على خدمة الرسائل عبر الإنترنت "واتساب". وتابع: رأيت عشرات الأطفال الخائفين، وكثير منهم من الأيتام، وهم يمسكون ببطانياتهم ووسائدهم.
واستطرد: "هذا ليس خطأهم، شعرت بالعجز لأنني لم أستطع إيقاف التفجيرات من أجلهم".
وتحت غطاء الظلام، قاد "قطيني" ومتطوعون آخرون هذه الأسر إلى قريتي الدانة وعتمة المجاورتين، فضلاً عن نقل البعض إلى مدينة إدلب، مركز المحافظة.
ومع إغلاق الحدود التركية القريبة أمام اللاجئين، يعيش العديد من النازحين الآن في بساتين الزيتون ويتخذون من الأشجار ملجأ لهم. فيما يتم تعبئة آخرون في مخيمات النازحين المكتظة
من جانبه، قال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن إن القوات الحكومية اقتحمت أمس الأحد قرية تل النار والأراضي الزراعية القريبة منها شمال غربي خان شيخون قبل توغلهم داخل المدينة.
ثم تقدموا إلى المناطق الشمالية الغربية من المدينة وسط "مقاومة شرسة" من المسلحين والمتمردين المتحالفين معهم.
وأضاف عبد الرحمن أن جماعة "هيئة تحرير الشام" المتشددة، التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، نفذت عدة تفجيرات انتحارية لإبطاء تقدم القوات الحكومية.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على معظم محافظة إدلب وكذلك أجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة.
كان من المفترض أن يحمي اتفاق المنطقة العازلة، الذي توسطت فيه روسيا وتركيا العام الماضي، سكان منطقة إدلب البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة من أي هجوم من قبل القوات الحكومية، لكن هذا الإتفاق لم يتم تنفيذه أبداً.
ووفقًا للمرصد، الذي يعتمد في معلوماته على مصادر من داخل سوريا، فإن الغارات الجوية التي أطلقتها القوات الحكومية وحليفتها الروسية منذ أواخر أبريل الماضي أسفرت عن مقتل أكثر من 860 مدنيًا.
وقال المرصد إن غارات جوية شنتها الحكومة السورية وحليفتها روسيا أمس الأحد قتلت شخصين أحدهما طفل في جنوب إدلب.
خسائر فادحة
وقتل أكثر من 1400 متمرد و 1200 من القوات الموالية للحكومة منذ أبريل الماضي، وفقا للمرصد.
أخبر ناجي مصطفى، وهو نقيب في جماعة جيش التحرير الوطني المتمردة، صحيفة الشرق الأوسط، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أنه على الرغم من مكاسب الحكومة السورية ، فإن قوات بشار الأسد تكبدت خسائر فادحة.
من جانبها، تقول الأمم المتحدة إن العنف أدى إلى نزوح أكثر من 400 ألف شخص.
كانت مدينة خان شيخون تعرضت لهجوم كيميائي أودى بحياة أكثر من 80 شخصًا في أبريل من عام 2017، نسبته الأمم المتحدة فضلاً عن الخبراء الدوليين إلى الحكومة السورية.
اقرأ أيضاً.. الكشف عن مصير 3 من أبرز قادة الإرهاب المصريين في سوريا
ورداً على ذلك، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن ضربات على قاعدة شعيرات الجوية الحكومية.
وأسفر الصراع في سوريا عن مقتل أكثر من 370 ألف شخص وتشريد الملايين في الداخل والخارج منذ بدء القمع الوحشي للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت عام 2011.