ذكر تقرير لصحيفة "ذا تايمز" البريطانية أن حركة طالبان الأفغانية تواجه حالات انقسام داخل صفوفها، مع استعداد الآلاف من مقاتليها للانشقاق إلى تنظيم داعش الإرهابي؛ وذلك بسبب محادثات السلام التي تجريها الحركة حاليا مع أمريكا.
حيث استأنف المسؤولون الأمريكيون وطالبان، اليوم الثلاثاء، المحادثات في دولة قطر لمحاولة إنهاء الحرب التي دامت 18 عامًا، والتي هي الأطول في التاريخ الأمريكي. فيما لا يزال يتعين حل التفاصيل الرئيسية للصفقة، بما في ذلك توقيت الانسحاب الأمريكي ووقف إطلاق النار من جانب طالبان.
وأضاف التقرير أنه بالرغم من أن المتمردين يبدون واثقين جدا من تلك المحادثات، إلا أنهم في خطر الانشقاق والانقسام.
ويرى التقرير أن تلك المحادثات تعكس حرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التخلص من وجود قواته في أفغانستان، الأمر الذي يعني أن إنهاء "الاحتلال" الأجنبي بات قريبا.
ووفقاً لتقرير الصحيفة البريطانية، فإن هناك خلافات بين قيادة الحركة والقادة العسكريين المتشددين الغاضبون من قرار الجلوس مع المسؤولين الأمريكيين؛ حيث أعلنت جماعة منشقة عن حركة طالبان مسؤوليتها عن محاولة اغتيال مشتبه بها استهدفت المولوي هيبة الله آخوند زاده، أمير الحركة، قبل أسبوعين.
اقرأ أيضاً: صحيفة تكشف عن انشقاقات داخل "طالبان" بسبب مفاوضاتها مع أمريكا
وأكد التقرير على أن هناك حديث عن الانشقاق بين قادة طالبان العسكريين، الذين لديهم الآلاف من المقاتلين المتشددين تحت قيادتهم؛ لأنهم يخشون من أن القيادة على وشك تبديد مكاسبهم التي تحققت بشق الأنفس في ساحة المعركة.
وقال أحد قادة طالبان في مقاطعة كوندوز الشمالية لصحيفة "التايمز": "لقد قاتلنا لسنوات حتى وصلنا إلى نقطة هزيمة القوات الأجنبية والتخلص من الحكومة الأفغانية العميلة. والكثير من القادة يريدون مواصلة القتال؛ لأن هذه المحادثات وما قد يتولد عنها من اتفاق هو لمجرد حفظ ماء الوجه للأمريكيين لتجنب شعورهم بالإذلال".
وأفاد تقرير الصحيفة البريطانية أن داعش يتودد إلى متشددي حركة طالبان الذين أعلنوا عن عودتهم إلى المعركة عن طريق تفجير حفل زفاف في العاصمة الأفغانية كابول في 17 من أغسطس الجاري. حيث فجر المهاجم متفجراته وسط قاعة رقص، مما أسفر عن مقتل 63 شخصًا، من بينهم عدة أطفال، وإصابة ما يقرب من 200.
اقرأ أيضاً: أفغانستان: طالبان تكبدت خسائر فادحة في شمال البلاد
إن أحد الشروط الأمريكية للتوصل إلى اتفاق سلام هو أن تنكر طالبان تنظيم القاعدة ولا تسمح باستخدام أفغانستان كقاعدة لشن هجمات على الغرب. ومع ذلك، وفقا للتقرير، على الرغم من تأكيدات طالبان، يبدو من المحتمل أن تظل أفغانستان ملاذاً إرهابياً، حيث لا يزال تنظيم القاعدة نشط، فضلاً عن أن داعش يعمل أيضاً ليحل محله.
أخبر كلا من مقاتلو داعش وطالبان والمسؤولون الأفغان والدبلوماسيون الغربيون المشاركون في عملية السلام، صحيفة "التايمز" أن الصفقة يمكن أن تفكك طالبان، بانشقاق المتشددين وانضمامهم إلى تنظيم داعش. ففي الوقت الذي تقدم فيه حركة طالبان نفسها كحكومة منتظرة، إلا أن هناك قلقًا عميقًا من أنه في لحظة انتصارها يمكن أن تنجرف الحركة إلى حرب أهلية أخرى.
وقال أحد الدبلوماسيين بعد "حوار داخل أفغانستان" ضم مسؤولين من طالبان ونشطاء في مجال حقوق المرأة عُقد بدولة قطر الشهر الماضي: "إنهم قلقون حقًا من أن أي صفقة، بأي شكل من الأشكال، ستقسم الحركة، إنهم يعملون باستمرار لبيع الصفقة في الوطن، لكنهم يعلمون أنها قد تسبب موجة من الانشقاقات لصالح مجموعات مثل داعش".
وبحسب "ذا تايمز"، فإن الخط الرسمي للحكومة الأفغانية هو أن داعش قد هُزمت، وطُردت من معاقلها في شرق أفغانستان بهجوم جوي وبرّي واسع النطاق شنته القوات الأمريكية والأفغانية خلال العامين الماضيين. ولكن لا يزال يعتقد أن المجموعة لديها ما يصل إلى 5 آلاف مقاتل، ومع ذلك، تستمر في استبداد المناطق الخاضعة لسيطرتها.
أكد تفجير كابول الأسبوع الماضي أن التنظيم لا يزال يشكل خطراً على المدن الكبيرة. وطالبان تضع نفسها الآن كمدافع حقيقي عن الشريعة والجهاد، حيث تتفاوض على حل وسط مع "الصليبيين" الأمريكيين. ولكن إذا أدى انسحاب أمريكي سريع إلى الفوضى في البلاد، فإن داعش تستعد لملء الفراغ. وفقاً لتقرير الصحيفة البريطانية.
اقرأ أيضاً: طالبان تعلن مسؤوليتها عن هجوم استهدف رتلا للقوات الأمريكية
حيث قال أحد مقاتلي داعش في شرق البلاد: "طالبان ليسوا المقاتلين الحقيقيين لتطبيق الشريعة في أفغانستان؛ لأنهم يتفاوضون من أجل السلام مع الأميركيين الذين دمروا البلاد. ولكن داعش خراسان هي المجموعة الجهادية الحقيقية. فلن نتبع أي اتفاق أو نلتزم بأي وقف لإطلاق النار. ولكن هذه الصفقة بين الولايات المتحدة وطالبان ستفيدنا نحن؛ لأن بعض قادة طالبان سيغادرون الحركة عاجلاً أم آجلاً ويمكنهم الانضمام إلينا".
إلى ذلك، ذكر تقرير "ذا تايمز" أن المكتب السياسي لحركة طالبان في قطر، الذي افتتح لأول مرة محادثات مع الأميركيين، لم يُحترم احتراماً جيداً من قبل معاقل البشتون القبلية. وفي محاولة لسد تلك الفجوة، أضافت القيادة كبار المسؤولين إلى فريق التفاوض، الذي يقوده الآن الملا عبد الغني برادار، المؤسس المشارك لحركة طالبان مع الملا محمد عمر، زعيمهم السابق الذي توفي في عام 2013. وكان الملا برادار نائب القائد العسكري في حكومة طالبان التي أطيح بها عام 2001.
على "برادار" الآن أن يمنع انقسام الحركة، ولكن هذه المهمة ستكون ضخمة، حيث تم التأكيد على الخلافات بين الفصائل المتنافسة عندما تم تفجير مسجد يرتاده آخوند زاده بالقرب من مدينة كويتا الباكستانية. حيث كان من المفترض أن يؤم زعيم طالبان الناس في صلاة الجمعة لكنه لم يصل.
قتل الانفجار أخيه حافظ أحمد الله إمام المسجد، كما أصيب ابن آخوندزاده، حسب التقارير. وأعلنت جماعة منشقة من حركة طالبان موالية للملا محمد رسول، وهو رجل دين انفصل عن الحركة عام 2015 بعد أن تم نقله للقيادة بعد وفاة الملا عمر، مسؤوليتها عن الهجوم.
ووفقا لـ"ذا تايمز"، فإنه حتى عندما يتم التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وتبدأ القوات في المغادرة، فإن المحادثات حول تقاسم السلطة في أفغانستان قد تستغرق سنوات.
وقال قائد بارز في فصيل الملا رسول: "قاتلنا ضد القوات الأمريكية لفرض الشريعة في الإمارة الإسلامية"، مضيفاً: "لقد علّمَنا الملا عمر الكفاح وليس التفاوض، لكن القيادة المزعومة لهبة الله أخوند زاده فقدت أيديولوجية طالبان. قتل الأمريكيون قيادتنا العليا، فلن ننسى دمائهم أو نجلس مع قتلة قادتنا لتوقيع اتفاق".