"أغاني السمسمية"، عشق البورسعيدية يرقص عليها الشيخ الكبير والطفل الصغير، تمثل الحبل الموصول بين الأجيال على مر عشرات السنوات، فلقد استمد منها الأجداد "رجال المقاومة الشعبية"، الروح الوطنية لمحاربة الأعداء ومجابهتهم، كما يستخدمها الصيادون إلى الآن في الحماسة للعمل والجد والاجتهاد، فلم تعد للفرحة وأوقات السمر فقط .
وتنتشر حفلات السمسمية بشوارع وشواطئ بورسعيد حتى أن الأهالي اعتادوا أن تكون فقرة رئيسية في جميع الاحتفالات أو أن تكون هي الوحيدة في الأفراح، الافتتاحات، ليالي السمر على الشاطئ، النجاح، وغيرها، ويردد كلماتها الصغير والكبير رجالاً ونساءً، حتى أصبحت جزءً منهم لما تقصه من تاريخ المدينة الباسلة لعادات وتقاليد وحرب ضد العدوان .
ومن أشهر الأغاني الوطنية لآلة السمسمية : "ولكل إيد قوية.. حاضنة زنودها المدافع .. غني للمدافع .. وللي وراها بيدافع .. ووصي عبدالشافع .. يضرب في الطلقة مية"، "في بور سعيد الوطنية .. شباب مقاومة شعبية .. دافعوا بشهامة ورجولية .. حاربوا جيش الاحتلال .. مبروك يا جمال"، و"في بور سعيد شباب ورجال .. حاربنا جيش الاحتلال .. سبع ليالي وصبحية .. اه يا سلام يا سلام" .
وقالت فاطمة المرسي – إحدى عازفات السمسمية ببورسعيد، إنها توارثت هذه المهنة عن والدها وأصبح المنزل كله يعشق الآلة والأغاني الخاصة بها، فأخوها جابر المرسي، أحد العازفين أيضا والمغنيين للسمسمية، مضيفه أنها تُعلم نجلها أيضا أن يمارس المهنة من عزف وإلقاء للأغاني والرقص عليها .
وأكدت "المرسي"، أن ليالي السمسمية تملأ كل مكان في بورسعيد والحفلات الصيفية بالشوارع وعلى ساحل الشاطئ ليستمتع بها الأهالي والمغتربين أيضا من المحافظات الأخرى .
وأوضح محمد غالي – أحد صُناع آلة السمسمية ببورسعيد، أن أصل الآلة مصري قديم وسوداني، وتم تناقلها من خلال المدن الساحلية عن طريق المراكب والسفن القادمة عبر سواحل البحار، ولذلك انتشرت بكثرة في مدن القناة الثلاثة "بورسعيد – الإسماعيلية – السويس"، ويعود تاريخها لأيام حفر "قناة السويس"؛ حيث جاءت على أيدي اثنين من النوبيين "عبد الله كبربر ومحمد عثمان النجيب" تحت اسم الضمة التي كانت تحتوي على الإنشادات والتواشيح بإيقاع أعلى .
وأكد صانع السمسمية، أنه قد أتت مع أصحاب الطبيعة السمراء "النوبيين" وكان اسمها حينها الطنبورة، وقاموا بتقليل حجمها وأطلق عليها في ذلك الحين اسم "المسمسمة" وتوارثها أجيال مثل "أبو خلف - محمد الشناوي – غندر – أبو المرسي وغيرهم"، وهي عبارة عن 5 أوتار وعلبة صوت و3 "خشبات" و"دراعين"، ووصفها "غالي" في القدم قائلاً "كانت آلة السمسمية عبارة عن طبق صاج ومشدود عليه حتة جلد ودراعين وحاجه اسمها "حوي" بتتلف على الفرمان وتتشد عشان تعمل صوت والكرسي "الفرسه" وحلقه بيتربط فيها السلك - سلك صلب، وهي آله خماسية" .