بمناسبة اليوم العالمي للانتحار، أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الانتحار حرام شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين على حرمته، وعلى الرغم من وقوع المنتحر في كبيرة من الكبائر؛ إلا أنه لا يخرج عن الملة (ليس كافرًا)، ويظل على إسلامه، وبالتالي يغسل ويكفن ويدفن في مقابر المسلمين، وذلك لأنه مسلم داخله في عموم أحكام موتى المسلمين، مؤكدةً أن المسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومته للظلم قدر استطاعته، وغير مأمور بالانتحار وقتل النفس خروجًا من البلاء أو هروبًا من المشاكل.
وأوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن الإسلام أمر بالحفاظ على النفس، وجعل هذا من الضروريات الخمس التي يجب رعايتها، وهي: الدِّين والنَّفس والنَّسل والمال والعقل، وأضاف المركز في بحث له بعنوان: «التنفير من جريمة الانتحار»، أن المقدِم على هذه الجريمة ظالم لنفسه، مهما حاول أن يلقي باللائمة على الظروف المعيشية والحياتية فهذا ليس مبررا للانتحار، ولا بالعذر المقبول، وقتل النفس من أكبر الكبائر فهي إزهاق للروح التي حبنا الله إياها، وعدم صبر على اختبار الله: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" واستعجال ما قُدر، ولذلك توعد الله سبحانه وتعالى المنتحر بالعقاب الأليم، قال تعالى "وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا".
وأضاف مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع، فأخذ سكينا فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا».
قال الدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، جامعة الأزهر: إن حالات الانتحار لا يمكن وصفها بالظاهرة؛ لأن الظاهرة هي التي تتفشي في المجتمع ويكثر حدوثها، وهذا أمر غير صحيح، مؤكدًا أن إقدام الشباب والفتيات على الانتحار يرجع إلى قلة الوازع الدين، والإهمال في تربية الجانب الروحي والإيماني لدى الفرد.
وأضاف العواري في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أن المسئولية في قضية الإنتحار مشتركة؛ فالمنزل عليه دور في غرس القيم والأخلاق والعقيدة الصحيحة، والمدرسة عليها دور آخر في تربية النشء على معرفة الحلال والحرام وأن النفع والضر كله بيد الله، والمسجد والكنيسة عليهما دور في ترقية الجانب الإيماني للفرد، وإيضاح أن الروح ليست ملكًا له، وإنما هي ملك لله عز وجل ، مشيرًا إلى أن الله تعالى نهى عن قتل النفس ولا بد من احترام حدود الله «تلك حدود الله فلا تعتدوها»؛ ولذلك فإن من يتعدى حدود الله فهو آثم، ومن يقتل نفسه سواء أكان بإحتساء السم أو حقن قاتله أو إلقاء النفس من مكان شاهق أو الضرب بحديدة أو ما شابه ذلك كله حرام ولا يجوز شرعًا.
نقلا عن العدد الورقي.