أماكن لها تاريخ.. "فندق بالاس" ببورسعيد من استقبال المشاهير والأمراء في الماضي إلى حديقة مهملة بالحاضر

فندق وكازينو بالاس ببورسعيد، هو قبلة المشاهير والأمراء خلال القرن الماضي، فقد استقبل الإمبراطورة "أوچيني"، والشاعر حافظ إبراهيم، وتم فيه بعض مشاهد لأفلام شهيرة للفنانين فاتن حمامة وأحمد رمزي، فهو سجلا حافلا للذكريات التاريخية، ولكنه أصبح الآن حديقة مهملة لا يخرج منها أية رائحة للزمن الجميل غير أنها تقع على المجرى الملاحي لقناة السويس .

منذ افتتاح قناة السويس في 17 نوفمبر 1869، وتخصصت مجموعة من الأجانب لاسيما الإيطاليين في بناء الفندق، وكان علي رأس هؤلاء عميد أسرة سيمونيني (المسيو سيلفيو سيمونيني) الذي تقدم لشركة قناة السويس بطلب منحه أرض لإقامة فندق كبير فوقها واختار قطعة ذات موقع فريد ومتميز تقع في الركن الشمالي الشرقي للمدينة وتطل مباشرة على قناة السويس وأيضاً على شاطئ البحر المتوسط الذي كانت أمواجه تتلاطم على هذه الأرض وقتها.

ونشرت الصفحة الرسمية لمجلس التراث ببورسعيد، أنه بالفعل وافقت قناة السويس، للمسيو سيمونيني على بناء هذا الفندق من الحجارة والخشب وأطلق عليه "فندق وكازينو بالاس"، على أن يتم سداد إيجارا سنوياً عن حق انتفاعه بتلك الأرض .

بنى "سيمونيني"، مصدات من الأحجار الكبيرة في الجهة الشمالية للفندق الذي يطل مباشرة في ذلك الوقت على البحر المتوسط، وذلك لوقاية الفندق من تلاطم الأمواج باعتبار أن هذا الفندق يطل على رصيف ديليسبس الذي افتتح للتريض والتنزه أمام أهل بورسعيد يوم إزاحة الستار عن تمثال ديليسبس في 17 نوفمبر 1899 في العيد الثلاثيني لافتتاح قناة السويس للملاحة العالمية.

كما أنشأ تراس بجمالون من الخشب في الجهة الشمالية من الفندق ليقي رواد الكازينو من الشمس، وبتقدم الزمن أنشأ في منتصف هذا التراس حجرة زجاجية تعزف داخلها أشهر الفرق الموسيقية العالمية التي كانت تأتي من أوروبا وأمريكا، فعلى سبيل المثال حضرت للعزف فرقة أوركسترا paul tine التي قامت بإحياء ليالي الأحد من كل أسبوع عام 1949 وعزفت أشهر المقطوعات الموسيقية من التانجو والرومبا والسامبا.

ويعتبر كازينو بالاس سجلا حافلا للذكريات التاريخية ببورسعيد، فحل فيه كبار الشخصيات الرسمية من ملوك وأمراء ورؤساء وزارات ووزراء وكان أيضاً مقرا لإقامة الحفلات الرسمية لبورسعيد فإذا عين محافظ جديد أقام له أعيان المدينة حفل استقبال، وكذلك إذا نقل المحافظ إلى منصب أعلى-غالبا كان ينقل محافظوا القنال كمحافظين الإسكندرية والقاهرة، حيث كانت محافظة القنال تعتبر الثالثة، فكان الأعيان يقيمون فيه وداع لهذا المحافظ، بالإضافة لصالات الاحتفال هناك صالة الأفراح كان أعيان بورسعيد يقيمون فيها حفلات زفاف أبنائهم .

واستقبل كازينو بالاس، الإمبراطورة أوجيني عام 1905 كمواطنة عادية بعد أن غلبها الشوق والحنين لزيارة بورسعيد والتي حضرت فيها افتتاح قناة السويس منذ أكثر من 35 عام مضت، كما حل في الفندق 1910 الشاعر حافظ إبراهيم بمناسبة الاحتفال أول مدرسة للبنات في بورسعيد وهي مدرسة الجمعية الخيرية وألقى فيها 46 بيتا أشهرها (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق)، وفي 1919 أقام فيه الزعيم سعد زغلول باشا وذلك أثناء رحلته إلى منفاه في جزيرة مالطا، ومثلا فاتن حمامة وأحمد رمزي في تراس كازينو بالاس ببورسعيد، لقطة من فيلم "حب ودموع" عام 1955 .

وفندق وكازينو بالاس يطل مباشرة على البحر المتوسط ومدخل القناة، موقع مميز استحق أن يكون فندق عالمي ينزل فيه المشاهير وتصور فيه الأفلام، واختلف المكان الآن فالفندق أصبح حديقة التاريخ أما المدخل فقد تقدم مئات الأمتار بعد أن تراجع البحر .

وباتت حديقة التاريخ مساحة مهملة رغم أنها تقع على قناة السويس وفي اتجاهها الجنوبي أحد آثار المحافظة وهو البيت الإيطالي، هذا بالإضافة إلى أنها في مواجهة البوابة الرئيسية لميناء بورسعيد السياحي وأول ما ترى أنظارهم، وبالرغم من ذلك إلا أنها لا تخضع للصيانة والتطوير أو بها ما يعبر عن الزمن الجميل وذكرياته التاريخية التي شهدت عليه هذه القطعة من أرض بورسعيد .

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً