يزعم بعض الدعاة أنا من أصول أهل السنة والجماعة اعتقادهم بفرضية الجهاد وبقاء الجهاد إلى قيام الساعة؛ سواء للدفاع عن دين المسلمين وأرضهم أو لغزو غير المسلمين، وقد استغلت كثير من الجماعات الإرهابية هذه الفكرة وروجت بين الشباب أن الجهاد أصل من أصول الدين، وزعمت هذه الجماعات أن الجهاد بمعنى القتال هو من أفضل القربات، ومن أعظم الطاعات، وادعت هذه الجماعات وبعض الدعاة أن هذا هو معنى قول الله تعالى في سورة العنكبوت: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)، فهل الجهاد هو أصل من أصول أهل السنة والجماعة؟ وهل الجهاد مفروض على المسلمين إلى يوم قيام الساعة؟ وهل يظل المسلمون في حالة حرب مع غير المسلمين للأبد ؟ وما هو تفسير قول الله تعالى : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)؟
اقرأ ايضا : هل الجهاد هو القتال ولماذا خصص الله آياتاً بالجهاد وآياتاً أخرى للقتال ؟
هل الجهاد مفروض على المسلمين إلى يوم قيام الساعة؟
قول الله تعالي (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)جاءت في ختام سورة العنكبوت، وهى سورة مكية نزلت قبل أن يكون على المسلمين أن يقاتلوا سواء دفاعا عن أرض أو دين، أو لغزو غير المسلمين، فما هو معنى الجهاد في هذه الآية، قال البغوي في تفسيره: (الذين جاهدوا المشركين لنصرة ديننا)، أن الجهاد هنا بمعنى جهاد النفس ومكابرتها عن المعاصي، وقال ابن القيم في ص 59 من كتاب الفوائد: (قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا} علق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا، وأفرض الجهاد جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا؛ فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد، فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد، قال الجنيد: والذين جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة، لنهدينهم سبل الإخلاص. ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنا، فمن نصر عليها، نصر على عدوه، ومن نصرت عليه، نصر عليه عدوه)، وقال ابن عطية في تفسيره: (هي قبل الجهاد العرفي، وإنما هو جهاد عام في دين الله وطلب مرضاته).