شهد موسم عيد الأضحى المنقضي تحقيق فيلم "الكنز 2" لإيرادات ضعيفة وضعته في المركز الرابع بين إيرادات الأفلام الخمس التي تتنافس، المركز الأول كان من نصيب "ولاد رزق 2"، وجاء ثانيا فيلم "الفيل الأزرق"، الذي نال نصيبه من إيرادات أفلام عيد الأضحى رغم طرحه قبل الموسم بأسبوعين، وثالثا حل فيلم "خيال مآتة" الذي يعود به أحمد حلمي للسينما بعد غياب حوالي 4 سنوات، وفى المركز الخامس جاء فيلم "انت حبيبي وبس"، وأوضح الناقد الفني طارق الشناوي الأسباب التي أدت إلى عدم تحقيق فيلم "الكنز 2" للنجاح المطلوب وحصد الايرادات.
قال الناقد الفني طارق الشناوي لـ "أهل مصر"، أن أسباب عدم نجاح فيلم "الكنز 2" يعود لكون الفيلم ليس بفيلم عيد بالمواصفات التقليدية لهذا النوع، ولذا لن يضعه الجمهور ضمن اولوياته ولن يضحي بالعيدية من أجله، كما أن الجزء الأول من الفيلم لم يحقق إيرادات كبيرة ولم يحقق طموح الجمهور كي يتم عمل جزء ثاني له، مضيفا أن الجزء الثاني من الفيلم يعتبر استكمالا للفيلم لا فيلم قائم بذاته، فتوصيف جزء ثان ليس دقيقا، لكنه أقرب إلى استراحة داخل الفيلم استراحة تخطت العام، مؤكدا على أن الفيلم كمحتوى ومضمون يسبح فى مياه فكرية ودرامية وجمالية تختلف عن تلك التي تعود عليها جمهور سينما هذه الأيام.
وأوضح «الشناوي»، أن فيلم «الكنز 2»، يتحدث عن ثلاثة عصور مختلفة، العصر الفرعوني، والعثماني، والمعاصر، وفي العنصر الأخير المعاصر يرصد مصر قبل وبعد ثورة 52، والرؤية تفرض الكثير على كل التفاصيل، ملابس وديكورات وموسيقى وإيقاع خاص لكل حقبة، لافتا إلى أن الرابط المشترك الذى تسير الدراما على قضبانه في عبورها الزمني بين تلك العصور هو «الكنز»، الذى يحمل وجهين متناقضين بين «الحلم والكابوس»، «العشق والخيانة»، «العدل والظلم»، مشيرا إلى أن رجل الدين الكاهن يبيع ذمته مقابل مكاسبه الدنيوية، ويريد الحفاظ على حياته وسطوته، ولا يخدم الدين ولا يطبق شرع الله، ولكنه يستجيب لما يريده الحاكم أو من يملك القوة، فالدين هنا صلصال يتم إعادة صياغته وفقا لما تريده السلطة الحاكمة، وفي كل العصور، حتى قبل نزول الأديان السماوية، لافتا إلى أن الكاتب عبد الرحيم كمال عاش الفكرة، لكنها في أحيان كثيرة لم تعايشه، فالسرد السينمائى كان أقرب في عدد من المشاهد لمن يعطي درسا مباشرا فى التاريخ، وكأنه يعيد حصة فى التاريخ، مؤكدا أن هذا الانتقال الصارم بين الحقب الثلاث، اضر بالتلقائية التي تعد سر السحر الإبداعي، لافتا أن الفيلم افتقد فى أحيان كثيرة شفرة التواصل بمجدافى الدفء والنعومة.
وأشاد طارق الشناوي بالمنتج وليد صبري، بسبب تحمسه لهذا العمل الذي يعتبر مكلف من الناحية المادية وغير مضمون تجاريا، موضحا أن الرابح الأكبر فى الفيلم هو محمد سعد، وشريف عرفة راهن على سعد، وقدمه هذه المرة للجمهور كممثلا وليس «اللمبي»، الذي اعتاد عليه وتحول من طريق للنجاح إلى حبل خنقه فى النهاية وأطاح به من سلم النجومية، مؤكدا على أن سعد للأسف لم يستفد من التجربة، وعاد فى موسم عيد الفطر الماضي وقدم شكل اخر من اشكال اللمبي وهو فيلم «محمد حسين» الذي لم يجني سوى الفشل الجماهيري.
واختتم «الشناوي» حديثه قائلا، إن محمد رمضان يعتبر الاسم الأكبر على الأفيش ولكن فى سينما المخرج شريف عرفة لا يتم وضع هذا فى الاعتبار، فالفيلم ينتمى لمخرجه، ورمضان مثله مثل باقي النجوم ينتظر الرقم فى شباك التذاكر، فهو يتابع نجوما مثل كريم عبد العزيز وأحمد عز وأمير كرارة يحصدون الأرقام، وفى «الكنز» يقدم رمضان شخصية تاريخية، عكس ما تعود عليه جمهوره، وهو ما يحسب له قطعا مع مرور الزمن، مشيرا إلى أن هند صبرى لم تكن موفقة فى العمل وليست في أفضل حالاتها وتلك مسؤولية المخرج، أما حضور روبى فهو طاغيا، وموهبة كبيرة لم يتم الاستفادة منها حتى الآن، لافتا أن محيى إسماعيل عاد للسينما بعد طول غياب، فى دور الكاهن الأكبر الذى يبيع كل شىء، مستغلا أنه يملك مفتاح باب الرب، وأكد الشناوي، على أنه مهما كانت ملاحظات عن فيلم «الكنز 2»، إلا أنه يظل فيلما يحمل فى طياته الكثير من الفكر والفن والإبداع، مشيدا بالديكور والتصوير والموسيقى والعناصر البصرية والسمعية.
ومن ناحيته قال الناقد الفني سمير الجمل، إن فيلم "الكنز 2" فيلم ذو قيمة فنية، ومحمد رمضان اعتاد فى أعماله السابقة أن يكون النجم الأوحد للعمل والجميع يخدم عليه، لكنه فى هذه التجربة يعد جزء من الموضوع، والمخرج شريف عرفة غير من رمضان وسعد واظهرهم في أسلوب وطريقة جديدة، وحاول أن يصنع منهم شئ جديد وجميل، وأضاف أن الكاتب عبدالرحيم كمال يعتبر أهم مؤلف حاليا في الساحة الفنية، وشريف عرفة أهم مخرج، مؤكدا أن الفيلم به مجهود وقيمة فنية وعودة للسينما الحقيقية سواء الجزء الأول او الثاني.
وأوضح «الجمل»، أن تحفظه فقط ينصب على مسألة عمل أجزاء من الافلام، لافتا إلى أنه يرى أن الفيلم حالة قائمة بذاتها اما الاجزاء فهي استثمار للنجاح، وفي موسم عيد الأضحى هناك 3 افلام بأجزاء ثانية "الكنز، و ولاد رزق، و الفيل الأزرق» فالأمر تحول لظاهرة أشبه بالمسلسلات، وصناع الأعمال اصبحوا يفكرون بنفس الطريقة، وأضاف الجمل أن كون الفيلم يحقق إيرادات او لا فهذا لا يعتبر مقياسا للنجاح، ففيلم «الممر» حقق إيرادات أقل من فيلم «كازابلانكا» ورغم ذلك قيمته الفنية أعلى بكثير، فالإيرادات ليست مؤشرا للنجاح وإنما مقياس جماهيري، والعمل الذي يتضمن قيمة فنية يستمر ويعيش فترة اكبر.