بين الحين والآخر، يتجدد الجدل بين أبناء محافظة بورسعيد حول عودة تمثال "فريدناند ديلسيبس" إلى قاعدته بمدخل المجرى الملاحي لقناة السويس، وبينما يتمنى البعض بشدة عودة التمثال، يتمسك آخرون بالرفض، ولكل من الفريقين أسبابه ووجهة نظره، حيث يعتبره الرافضون رمزا للاستبداد والسخرة والتسبب في وفاة آلاف المصريين خلال حفر القناة، فيما ينظر إليه المرحبون باعتباره أحد عباقرة الهندسة، الذين خلقوا لمصر شريان حياة يربط بين دول العالم من خلال مجرى ملاحي جلب لها ثروات عديدة ولازال، بالإضافة إلى أن التمثال سيكون مصدر جذب للسياحة لاسيما الفرنسية.
طارق إدريس، أحد أهالى بورسعيد، قال إن عودة تمثال ديلسيبس إلى قاعدته مرة أخرى يمثل أهمية سياحية كبرى، خاصة في ظل ما تشهده المحافظة من ركود سياحي استمر لسنوات عديدة، مضيفا أن بورسعيد تحتاج إلى عودة التماثيل ذات الطابع التاريخي لإعادة الشكل الحضاري تزامنا مع عمليات التطوير التي تتم بها.
وقال إبراهيم الجباس، تاجر ببورسعيد: لابد من عودة التمثال لما يمثله من أهمية سياحية خاصة للفرنسيين، فالمحافظة افتقدت للسياحة والسياح منذ سنوات ونتمنى عودتها مرة أخرى نظرا لوجود فئة من البورسعيدية يعملون كتجار للبحر وأيضا البمبوطية الذين يعتمدون على السياحة فقط.
اقرأ أيضا: بالحنطور وسيرًا على الأقدام.. 400 سائح يتجولون في شوارع بورسعيد (صور)
من ناحية أخرى، أكد البدري فرغلي نائب مجلس الشعب السابق، أن حِجة عودة التمثال لجذب السياحة حجة واهية، فالسياح القادمون إلى مصر لديهم الكثير من الآثار والمعالم التراثية التي تحكي عظمة التاريخ المصري مثل أبو الهول، بالإضافة إلى المعابد بالأقصر وأسوان وغيرها من شواهد التاريخ الفرعوني، وبالتالي فهم ليسو بحاجة لمشاهدة تمثال كان ومازال رمزاً للاحتلال الفرنسي لمصر وعنوانا على الحقبة الاستعمارية.
وكان اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، قد عقد منذ ما يقرب من عامين، اجتماعا مع جمعية أصدقاء ديليسيبس الفرنسية، بالديوان العام للمحافظة لبحث إمكانية تطوير التراث الفرنسي الموجود بالمحافظة، مستعرضاً خطة لتطوير المقتنيات والتراث الفرنسي ببورسعيد وعلى رأسها قاعدة تمثال "دليسيبس".
وطالب "الغضبان"، الجانب الفرنسي بتصميم تمثال المارد المصري "الفلاح" أمام باب 8 بالميناء السياحي، ورغم كل هذه اللقاءات والاجتماعات لا يزال التمثال حبيس المخازن حتى هذه اللحظة، فيما قال "ارنو راميير" رئيس جمعية أصدقاء ديليسيبس الفرنسية، إن قناة السويس نتاج للتعاون بين البلدين، ووجه تحية للعامل المصري الذي قام بالحفر.
ويظل تمثال المهندس الفرنسي "فريديناند ديليسيبس" حائراً بمخازن الترسانة البحرية لهيئة قناة السويس بين آراء تنادي بعودته وأخرى لا ترغب في ذلك منذ أن أسقطه الأجداد أثناء العدوان الثلاثي على مصر كرمزا للعدوان.
يذكر أن المهندس الفرنسي "فريديناند ديليسيبس" هو الذي قام بتنفيذ مشروع المجرى الملاحي لقناة السويس وتم حفره بأيادي المصريين، في الفترة من 1856 إلى 1869، وأثناء هجوم فرنسا مع إسرائيل وإنجلترا إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 قام بعض الفدائيين من بورسعيد بهدم وتكسير تمثاله الذي أقيم على مدخل القناة الشمالي ولكن تركوا القاعدة التي لا تزال موجودة حتى الآن.