وفقا لقانون الرقابة علي المعادن الثمينة والأحجار الكريمة فإن الجهة الوحيدة المنوطة بها تحديد العيارات القانونية للذهب التي يتم تداولها بالسوق المصري هي مصلحة الدمغة والموازيين،وبناء علي ذلك ووفقا لقوانين المصلحة، فإنه من حق المصنعين وتجار الذهب أن يتداولوا في أسواق الذهب مشغولات ذهبية ذات العيار المتدني ( 9 - 12 -14 ).
حيث يقتني الناس الذهب بدافع مستقر في أذهانهم علي أنه أفضل وعاء إدخاري في المقام الأول، لذا يفضلون منه المشغولات ذات العيار المرتفع كعيار 24، 21، 18، ويجعلونه مهرا في زواجهم ونسبهم، ويكون عونا لهم في نكبات الدهر.
في حين يري البعض أن سوء الأضاع الأقتصادية ربما يدفع إلي تغير الصورة الذهنية لدي طبقات المجتمع عن المشغولات ذات العيار المتدني، فيقبلون عليها، في وقت ارتفعت فيه أسعار الذهب بصورة قياسة، إذ استقر سعر جرام الذهب عيار 21 عند 450 جنيه.
ومن ثم فقد طالب الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية في لقائاته مع أعضاء الشعبة العامة للذهب بالغرفة التجارية، تجار ومصنعي الذهب بضرورة طرح مشغولات ذهبية ذات العيار المتدني بالسوق المصري، خاصة بعد إقرار الدولة لها، حيث تشير بعض المصادر أنها لم تكن ضمن العيارات التي يسمح بتداولها بالسوق المصري قبل عام 2004، وذلك للتغلب علي سوء الأوضاع الإقتصادية التي يمر بها المجتمع المصري، وكمحاولة لإنهاء حالة الركود التي تسيطر علي سوق الذهب.
بينما يوضح العميد محمد حنفي رئيس مصلحة الدمغة والموازيين، إلي أن المشغولات الذهبية ذات العيار المتدني مدرجة بقوانين دمغ المصلحة من بداية إنشأ مصلحة الدمغة والموازيين،ولكن المجتمع المصري لم يقبل عليها، لأنه ينظر للذهب كوعاء إدخاري في الأساس.
وأشار " حنفي " إلي قلة المطروح من المشغولات الذهبية ذات العيار المتدني بالأسواق، والتي تتضح من خلال عمليات الفحص والدمغ بالمصلحة،حيث أنها تقوم بدمغ المشغولات الذهبية بالعيارات القانونية بناء علي ما يُنتجه المُصنعين، ليتم فحصها ودمغها قبل طرحه بالأسواق.
في حين لم تلقي فكرة طرح مشغولات ذهبية ذات عيار متدني إتفاق بين جميع أعضاء شعبة الذهب، حيث تحمس لها البعض ورفضها أخرون، فيري " إيهاب واصف "، عضو شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة، أنه مؤيد لفكرة طرح مشغولات ذهبية ذات العيار المتدين ( 9 – 12 – 14 ) في السوق المحلي.
كما أوضح " واصف "، إلي أن الفكرة تحتاج أولأ إلي إقناع الشعب المصرى قبل تداولها بالأسواق، مثلما حدث في فترة الستينات عندما تم طرح مشغولات ذهبية من عيار 18، حيث استغرق الأمر وقتا طويلا حتي إقتنع الناس بها، مشيرا إلى أن الاختلاف بين كل عيار وآخر، يعني " تخفيض في السعر "، مما يتيح الفرصة للمستهلكين لشراء مشغولات ذهبية بقيمة مادية أقل، بالإضافة إلي أنها محاولة للحد من ظاهرة ما يسمي عرفا " الذهب الصيني ".
وأضاف " واصف "، إلي أن قانون الدمغة يسمح للتجار بتداول المشغولات الذهبية ذات العيار المتدني ( 9 و12 و14،) إلا أن المستهلك المصرى لم يكن يرغب من قبل فى شراء المشغولات الذهبية من عيار 18، مؤكدُ أن تدول مشغولات ذهبية ذات العيار المتدني يكون فى نطاق محدود، لكنها تتوافر بالمحافظات الساحلية لإقبال السائحين على شراء هذه المنتجات بسبب إنخفاض أسعارها.
كما يتوقع " واصف "، إقبال المستهلك المصري علي المشغولات الذهبية ذات العيار المتدني، في حالة تسويقها كبديل للإكسسوار أو بما يسمي عرفا " الذهب الصيني "، ففي النهاية سيكتشف المستهلك أنه اشتري ذهبا بأسعار منخفضة،بالإضافة إلي إدخاره قيمة مادية مقارنة بالاكسسوار.
في حين يري " السيد الشرقاوي " عضو شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالاسكندرية، أن هذه الفكرة مرفوضة تمام لأنها تُكبد المُصنع والتاجر خسائر كبيرة نظرًا لصعوبة المشغولات الذهبية ذات العيار المتدني، عكس عيار 21 و18 الذان يتميزان بسهولة التشكيل، كما أن المجتمع المصري لن يقبلها فإلي الأن هناك مشكلة لدي البعض في عيار 18، فكيف سيقبلون عيار 9 او 12 ؟!
وأضاف "الشرقاوي " أن هذا الأمر سيخضع للطلب فقط، فلن يستطيع صُناع الذهب إنتاج مشغولات ذهبية منخفضة العيارات إلا بناء علي طلبات مسبقة من المستهلك لتجنب الخسارة، وهذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن أن يُتداول بها مشغولات ذهبية ذات عيار متدني.
كما أوضح " نادي نجيب "، سكرتير شعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية،إلي أن العيارات القانونية للذهب هي 23.5 و21 و14و 12و 9، ولكن العيار المتداول منها والمعروفة للمستهلك هو 21 و18، ويشير إلي أن العيار المتدني 14و12و9، موجودة منذ إنشأ مصلحة الدمغة، لكن المستهلك المصري لم يُقبل عليها.
وأشار " نجيب "، إلي أن طرح المشغولات الذهبية ذات العيار المتدني بالأسواق، لن يلق أى رواج بالسوق المحلى، لأن ثقافة المستهلك المصري مقتصرة علي إعتبار الذهب قيمة إدخارية وإستثمارية بصورة كبيرة.
وأوضح أيضا، أن المشغولات ذات العيار المتدني ترتفع مصنعيتها، لأمرين، أولهما وجود صعوبات في عملية التصنيع، لإرتفاع نسبة النحاس بها، وثانيهما إضافة قيمة مادية كتعويض لقلة الطلب عليها، لأنها تدخل تحت بند " طلبات التصنيع الخاصة ".
ولكنه بين إلى أن المصدر الأساسي لرواج المشغولات الذهبية ذات العيار المتدني هو السياحة، فالمجوهرات السياحية هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها تداول هذه العيارات، لأن السائح الأوربي يستخدم مشغولات ذهبية ذات عيار متدني، كما أنه يعتبرها كهدايا سياحية يشتريها لأصدقائه من مصر، ومع تراجع السياحة في مصر في السنوات السابقة تراجع انتاج هذه العيارات.
وكما اختلف المصنعين وتجار الذهب في قبول المشغولات الذهبية ذات العيار المتدني، أيضاَ اختلف جمهور المستهلكين، بين معارض ومؤيد للفكرة، فبعضهم يري أنها مناسبة لهم خاصة إذا كانت كبديل للإكسسوار الصيني، والبعض الأخر يري أن أهم ما يميز الذهب أنه وعاء إدخاري.
حيث تقول " أسماء سُليمان " موظفة، أنها ترحب بفكرة طرح مشغولات ذهبية متدينة العيار، خاصة 9 – 12، إذا كانت بديلة للإكسسوار الصيني، فإستخدمها سيكون أفضل كثيرًا من الإكسسوار الصيني الذي يسبب أمراض وحساسية ".
وتشير " هند علي " طالبة، أن الفكرة جيدة وأنها متحمسة لها، خاصة إذا كانت للتخفيف من أعباء الزواج علي الشباب، أو تماشيا مع الموضة، فمعظم المشغولات الذهبية من العيار المتدني لأنه يُستخدم كموضة ووسيلة سهلة للمرأة في تغير مجوهراتها".
بينما يختلف معهم أحمد فتحي " محاسب، " أنا غير متقبل فكرة إني أشتري ذهب عيار 9 او 12 مثلا، أنا بحب أشتري ذهب علشان أقدر في اي وقت أبيعه وأكسب منه، الذهب في ذاته قيمة مادية مدخرة،يعني استثمار".
جدير بالذكر أيضا أن بعض الدول العربية أقرت مؤخرا تداول مشغولات ذهبية ذات العيار المتدني بأسواقها، كمحاولة للتغلب علي إرتفاع أسعار الذهب مثل لبنان والاردن، ويشار أيضا إلي أن المجتمعات الغربية والأوربية لا تنتج إلا المشغولات الذهبية ذات العيار المتدني مثل 12 – 10 – 9، فثقافة هذه المجتمعات تنظر للذهب علي أنه موضة في المقام الأول، بغض النظر عن كونه وعاء إدخاري، غير أن المجتمع المصري ذو نظرة مختلفة ومغايرة بالنسبة للذهب، نظرة موروثة ونابعة من تقاليد وموروث ثقافي قديم، فالذهب لديهم زينة وخزينة...علي رأي المثل.