في الذكرى الـ46 لحرب يوم الكرامة تظل انتصارات أكتوبر المجيدة محفورة على صخور ورمال سيناء، والحديث عن بطولات أهالى سيناء فى حرب أكتوبر لا ينتهى، فقد شهدت تلك الحرب نضال الأبطال سواء من جيشنا العظيم أو من أهالى سيناء الذى ضحوا بدمائهم فداء للوطن، فكانوا على خط النار دائما مدافعين عن الأرض.
تحت وقع غارات الطائرات ليل نهار وأزيز المدافع وأصوات اطلاق النار ووسط الموت تجلت بطولات أبناء سيبناء، وجسدوا ملاحم وبطولات ستبقى مر الزمن.
ملحمة تاريخية خاضها الشيخ موسى رويشد، أحد المجاهدين الذين ضحو بالغالى والنفيس ابان احتلال سيناء فى العام 1976، يقول الشيخ رويسد إنه عندما بدأ صوت الطيران الإسرائيلى يخرق الأسماع صبيحة الخامس من يونيو كانت عائلته تقطن بمنطقة الخروبة، التى تضم أكبر عدد من المواقع العسكرية، من قلب هذه المواقع قامت المدفعية المصرية المضادة للطائرات والدبابات بمقاومة قوات العدو، فى دحرها على أعقابها مما اضطر قادة العدو إلى تكثيف هجومها، لكنها خسرت معدات من أكثر الأنواع تقدما، ولم تستطع دخول العريش إلا بعد إنزال مظلات خلف الخطوط العسكرية.
يضيف الشيخ رويشد": فى ليلة مظلمة بعد نكسة يونية كنت أسير أنا وأخي محمد فسمعنا صوتا ينبعث من تحت شجرة عنب، فاتجهنا نحوه بحذر حتى تأكدنا أن صاحب الصوت رجل من رجالات قواتنا المسلحة هو العميد مجدى محمد على، قائد المنطقة، والذى نجا بأعجوبة، لكنه أصيب بطلق نارى فى فكه الأيمن، فقدمنا له الإسعافات الأولية، ثم سألناه عن الطريقة التى نستطيع بها منع العدو من الاستفادة من الأسلحة المصرية فطلب منا أن نحضر له لغما، وعلى هذا اللغم علمنا القائد المصاب كيفية فك وتركيب الألغام".
يتابع الشيخ السيناوي شهادته، أن ذلك الدرس كان مقدمة لأول عملية لهم حيث قاموا بوضع لغمين متوازيين على طريق ترابى يمر بالقرب من أربع دبابات مصرية، وقال: كم كان المشهد رائعا عندما جاءت ثلاث سيارات صهوينة فى اليوم التالى فانفجر اللغمان وقتل كل ركاب السيارة الأولى بينما أصيب الباقون فى السيارات الأخرى، وعلمنا فيما بعد أن جنرالا فى جيش العدو لقى حتفه فى هذه العملية الأولى، وتم التأكد من ذلك بعدما كتبوا اسمه «شموئيل آررام» على مشاهد قبره.
بعد الانتهاء من معالجة القائد قام والد البطل موسى رويشد من نقله فى رحلة شاقة من الخروبة شرق العريش حتى وصل إلى بحيرة البردويل ومنها إلى بورسعيد ويعود إلى أهله سالما معافى.
-بطولات البدو
دور البدو فى حرب أكتوبر كان يقتصر على استطلاع خطوط العدو ومد القوات المصرية بمعلومات تفيدهم، حيث تم تدريبهم على أنواع المعدات العسكرية من خلال مشاهدة صورها بالإضافة إلى تدريبهم على الاحتفاظ بالمعلومات العسكرية في أذهانم دون كتابتها وخصوصًا أن من بينهم من يجهل القراءة والكتابة.
المهمة الملقاة على عاتق مجاهدي سيناء كانت هى الدخول في عمق الصحراء خلف خطوط العدو في مناطق وسط سيناء والكونتيلا وحتى العريش مستقلين الجمال متخذين امتداد القبائل البدوية وأماكن تواجدها في مختلف أرجاء سيناء حجة للتحرك، وفور حصولهم على المعلومات يقومون باستقلال اللانش من مدينة أبورديس في مياه ساحل خليج السويس إلى منطقة الأتكه بالسويس لإرسال المعلومات التي يحصلون عليها إلى مكتب مخابرات السويس أو القاهرة.
بطولة "الشيخة فرحانة"
محطمة كل العادات والتقاليد البدوية التى تحتم على النساء الظهور أمام الرجال، كانت السيدة "فرحانة" إحدى المجاهدات الفدائيات فى سيناء، والتى وقفت أمام آلة الحرب دون مهابة أو خشية أحد فسجلت اسمها من نور فى سجلات التاريخ.
التحقت "فرحانة" بمنظمة سيناء العربية التي شكلتها المخابرات لضرب العدو الإسرائيلي في سيناء، وتم تدريبها ضمن آخرين من أبناء سيناء المهاجرين على حمل القنابل وطرق تفجيرها وإشعال الفتيل وتفجير الديناميت ونقل الرسائل والأوامر من القيادة إلى خلايا المنظمة.
نفذت "فرحانة" أول عملية وهي تفجير قطار في العريش، فقد قامت بزرع قنبلة قبل لحظات من قدوم القطار الذي كان محملًا ببضائع لخدمة جيش الاحتلال وبعض الأسلحة، وعدد من الجنود الإسرائيليين، وفي دقائق معدودة كان القطار متفجرًا بالكامل.
لقبت فرحانة حسين بـ "تاجرة القماش"، حيث كانت تغيب عن أولادها وهم صغار لمدة طويلة قد تصل إلى أكثر من شهر وتقول لهم إنها كانت تشتري قماشًا وتسافر لبيعه في سيناء، لكي توفر لهم المصاريف وتلبي احتياجتهم، وهي في الحقيقة كانت تخفي عليهم عملياتها الفدائية.
عيد مقيبل، أحد "الأقمار الاصطناعية" التى كان تعتمد عليها القوات المسلحة فى رصد تحركات المدمرة إيلات، فكانت القوات تعطيهم الجهاز اللاسلكى لرصد تحركات المدمرة إيلات لحظة بلحظة والتى تم تدميرها من قبل قوات البحرية في عام 1969، حتى تم اعتقالة في يوم 2531970 من قبل القوات الاسرائيلية وحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات وقضي منها ثلاث سنوات في السجون الاسرائيلية من سجن سرفنت الحربي إلى اشكلون وصولا لسجن السبع إلى غزة حتى استبدل هو و62 من أبطال القوات المسلحة حين ذاك.