"صنع لوالده تابوتا من الاسمنت".. جسدت تلك الكلمات واقعًا أغرب من الخيال، بمنطقة صفط اللبن ببولاق الدكور، فكانت كافية لتشهد على أبشع الجرائم الإنسانية، حيث تجرد فيه ذئب بشري من فؤاده واضعًا مكانه حجرا من الصوان الصلب، امتلك بداخله شيطانًا راوده بأفعال لا تعرف أى نوع من الرحمة غير مبال بعقابه.
جريمة بطلها ابن"عاق" تجرد من الإنسانية، شهد فصولها عقار بشارع الوحدة المتفرع من شارع التحرير بصفط اللبن وراح ضحيتها "الأب" الذي لم يقترف أى ذنب، لكن هكذا دائما طريق المخدرات شائك وغير مأمون، فهوس المال وقلة الجرعة كانت دوافع أقدم من خلالها الابن على قتل والده، بل وحفر مقبرة له أسفل السرير ودفنه بها ووضع كمية ضخمة من الأسمنت فوقه حتى لا ينكشف أمره.
تكشف كاميرا "أهل مصر" كواليس الواقعة من خلال شهود العيان
في البداية قال "أحمد" شاب عشريني وشاهد عيان: فوجئت بسيارة الشرطة داخل الشارع في حوالي الساعة 10 مساء، وذهبت لأعرف سبب وجودها، وعلمت منهم بالحادث ودخلت مع رجال المباحث، وشاهدت الحفرة التي دفن فيها والد المتهم وكانت تحت سرير المتهم، وبعمق تقريبا 2 متر وعرضها حوالي 60 سم، والجثة كانت منتفخة ورائحة التعفن لم أقدر على تحملها فخرجت مسرعا".
وتابع: عم محمود كان عمره 70 سنة ومتزوج من امرأتين، الأولى تعيش في شقه بمنطقه امبابه وكان يذهب إليها من حين لآخر ولديه منها 3 رجال وبنت من بينهم "عمرو" 51 سنة فني هندسي، والثانية كانت تقيم معه في هذا البيت، والزوجة الثانية اسمها "نجاح" ولديه منها ابنة متزوجة وتعيش في بيت زوجها، و"محمد" المتهم 31 سنة.
واستكمل الشاهد لـ"أهل مصر": كانت أقصى طموحات الأب حصاد ثمرة صالحة، لكن دوام الحال من المحال، فالنبتة التي بذرها أصيبت بداء التعاطي، بل ووصل به الأمر إلى التشاجر مع والده لتوفير المال له من أجل شراء المخدرات، ولم يحصد الأب طوال حياته أسوأ من ابنه الذي صار يقسم ظهره يوما بعد يوما ولا يلقى منه غير الأسى والجروح التى باتت تفطر قلبه.
والتقط طرف الحديث "محمد" أحد أصدقاء المتهم وشاهد عيان على الواقعة: المتهم يعمل مبيض محارة، ويعمل أيضا على توك توك، ويسكن بالدور الارضي للمنزل وكان دائم الشجار مع زوجته، ومنذ ثلاثة أشهر تقريبا قام بتطليقها ولديه منها طفلان "بسملة وعبده"، البنت عندها 13 سنة، ومريضة بالسرطان وبتتعالج في مستشفى 57357، والطفل 8 سنوات والأم تعمل في أعمال النظافة داخل مستشفى القصر العيني وهى التي ترعاهما وتنفق عليهما.
وتابع: علمت أن "عمرو" ابن المجني عليه من زوجته الأولى هو من قام بإبلاغ الشرطة عن اختفاء والده من يوم الأربعاء الماضي، وعلمت أن "نجاح" زوجة المجني عليه كانت في زيارة لابنتها المتزوجة من 3 أيام، وعندما جاءت للمنزل لاحظت عدم وجود زوجها، وعندما سألت ابنها "محمد" المتهم قال إن والده خرج ولم يره وبعدها خرج من المنزل لتشاهد الزوجة آثار أسمنت ورمال تحت سرير نجلها وبفتح حفرة الأسمنت كادت رائحة التعفن أن تخنقها.
واستكمل: كان الأب دائما يحث ابنه على السير بطريق الصلاح، لكن لا حياة لمن تنادي، فبات الأب يتضرع لعل الله يصلح حاله وكان دائما يلازمه وينتابه إحساس بأن جدرانا تكاد تنطبق على صدره بعد سماعه عن أفعال ابنه العاق، احتدم الموقف بين الابن "العاق" وأبيه ووصلت الخلافات بهما إلى طريق مسدود بعدما نشبت بينهما مشادة كلامية وبخ فيها الأب ابنه ببعض الكلمات التي تفطر بها قلبه ليالٍ، كلمات من الأب صنعت شرخًا في قلب الابن ليعزم على الانتقام من أبيه.