انتشرت داخل محاكم الأسرة ظاهرة لجوء الفتيات لرفع دعاوى ضد آبائهم للمطالبة بتجهيزهن للزواج، وحسب أرقام وإحصائيات محاكم الأسرة، كشفت عن لجوء 1240 فتاة تتراوح أعمارهن ما بين الـ21-33 عاما إلى تقديم دعاوى لمطالبة الآباء بتجهيزهن للزواج بعد أن شكون أنهن عاطلات عن العمل ولا يملكن مصدر دخل وأمهاتهن عاجزات عن مساعدتهن، وبينت الإحصائيات أنه تم الحكم بأحقية الفتيات في أداء آبائهن جهاز الزواج في 340 دعوى، فيما تم رفض الدعاوى المتبقية في حكم أول درجة والاستئناف.
لم تقتصر ظاهرة تخلى الآباء عن تجهيز بناتهن للزواج على محافظتي القاهرة والجيزة فقط، بل وصلت لأقصى الصعيد، حيث سجلت محاكم الأسرة عام 2017 في محافظة أسيوط والمنيا وسوهاج 90 دعوى، ومحافظة الإسكندرية أيضًا كان لها نصيب من دعاوى جهاز الزواج في محاكم الأسرة بالرمل والمنشية والدخيلة وبرج العرب ووصل عدد القضايا بها إلى 134 دعوى.
واختلفت الآراء حول دور الأب في تجهيز ابنته، بين من يرى أن الأب ملزم بتجهيزها، وآخرين يرون أن العادات هي التي فرضت ذلك وأن الزوج هو الذي يتحمل فرش الشقة بأكملها.
اقرأ أيضا.. رحلة البحث عن الطرف الثالث في مسلسل "ذبح الزوجات".. "أهل مصر" تفتح ملف جرائم القتل العائلي بالمحافظات.. 70% منها وقائع شرف.. "المباحث الجنائية": الزوجة هي السبب .. ونفسيون: الشهوة كلمة السر
«سابني طول عمري مع والدتي ورفض يساعدني في جهازي»
تقول "أماني .م": والدي تركني لسنوات طويلة أنا وأمي، وعلى الرغم من حالته المادية الميسورة إلا أنه لا ينفق على ولا يرسل لي أي شيء أو ملابس، كنت دائما أشعر بالغربة نحوه، وكانت والدتي تعمل وتشقى طول اليوم حتى توفر لنا النفقات وتستطيع أن تشتري المأكل والملبس، حتى تقدم إلى خطبتي شخص ولكن ظروفنا المادية لم تسمح بتجهيزي، مما جعلني أذهب إلى والدي ليتحمل مسؤولية تجهيزي للزواج بعد أن عجزت والدتي عن شراء بقية متعلقاتي.
وتابعت حديثها: طلبت منه فقط أن يعطيني مبلغ 15 ألف جنيه لأستطيع شراء بقية احتياجاتي، ولكنى فوجئت به يرفض فلم أجد أمامي سوى محكمة الأسرة لرفع دعوى ضده مطالبة إياه بتجهيزي للزواج.
أريد حلا: تجهيز الأب لابنته محل خلاف فقهي وقضائي
محسن السبع، المستشار القانوني لحملة "أريد حلا"، قال إن تجهيز الأب لابنته محل خلاف فقهي وقضائي وشرعي، وذلك في ظل غياب وجود نص مادة صريحة بإلزام الأب بدفع نفقات تجهيز ابنته للزواج، وامتد هذا الخلاف إلى أحكام القضاء ذاتها حيث صدرت بعض الأحكام بإلزام الأب بدفع مبالغ لتجهيز ابنته استنادا إلى أن ذلك من قبيل رعاية الأب لابنته، وصدرت أحكام أخرى برفض إلزام الأب بتجهيز ابنته باعتبار أن الأمر شرعا يقع على عاتق الزوج.
وأكد السبع أنه في ظل هذا الخلاف القضائي الذي يستند إلى خلاف فقهي امتد إلى دار الإفتاء المصرية التي أصدرت في هذا الأمر عدة فتاوى بعضها يلزم الأب والأخرى لا تلزمه وفي ظل غياب النص التشريعي الصريح حول هذه المسألة، فإن الأمر يستدعي نصا صريحا على إلزام الأب بتجهيز ابنته في حدود ما جرى عليه العرف في الوسط الاجتماعي الذي ينتمي إليه مادام يستطيع ويقدر على ذلك ويعفي من ذلك في حاله عدم الاستطاعة.
وقالت دار الإفتاء، إن الأصل في تجهيز منزل الزوجية يقع على الزوج؛ لأنه ملزم شرعا بنفقات زوجته مِن طعام وكسوة ومسكنٍ وغير ذلك من جهات النفقة الثابتة عليه شرعًا، وإنه ليس واجبا على الزوجة؛ لأن مهرَها حق خالص لها ليس لزوجها أو غيره أنْ يطالبها منه بشيءٍ، إلَّا إنْ كان الزوج قد قَدَّم لها مالًا زائدًا عن المَهر بغرض إعداد جهاز الزوجية، وهذا هو الذي اعتَمَدَه قَدْرِي باشا في كتابه “الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية” (1/ 193)؛ حيث نص في المادة (112) على أنه: [ليس المالُ بمَقصودٍ في النكاح؛ فلا تجبر المرأة على تجهيز نفسها مِن مهرها ولا مِن غيره، ولا يجبر أبوها على تجهيزها مِن مالِهِ، فلو زُفَّتْ بجهازٍ قليلٍ لا يليق بالمهر الذي دفعه الزوج، أو بلا جهازٍ أصلًا، فليس له مطالبتها ولا مطالبة أبيها بشيءٍ، ولا تنقيص شيءٍ مِن مِقدار المهر الذي تراضيا عليه، وإنْ بالغ الزوجُ في بذله رغبة في كثرة الجهاز.
وأكدت دار الإفتاء أن الزوجَ هو المكلف بتجهيز مَسكَنِ الزوجية؛ لأنه هو الملتزم شرعا بنفقات زوجته، ومنها مسكن الزوجية وتجهيزه.
في انتظار قانون الأحوال الشخصية الجديد
المحامية سلوى جميل، قالت إن الزوج هو المكلف بتجهيز منزل الزوجية بالكامل وأن الأب غير ملزم بتجهيز ابنته شرعا وقانونا ولا يوجد نص قانوني يلزم الآباء بذلك، وإنما هو عرف بين الأفراد والمجتمع جعله إلزام على الآباء، ومن المحتمل أن يكون هناك تنظيم قانوني لذلك في قانون الأحوال الشخصية الجديد المنتظر صدوره.