أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أنه في إطار الحملة العالمية (هذا هو الإسلام) التي أطلقتها وزارة الأوقاف بعشرين لغة ، وبمشاركة واسعة من الباحثين وبحضور وزراء ومفتين من مختلف دول العالم ، وتحت هذا المفهوم الواسع تأتي هذه ندوة حول موضوع في غاية الأهمية وهو الصحة ، وبصفة أخص عن موضوع :”رفع الوصمة عن المريض النفسي بصفة خاصة وعن المريض بصفة عامة.
و ذكر جمعة، أن للإسلام معنيين: معنى خاص وهو شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان ، وحج البيت ، وله معنى عام أعمق وأوسع: وهو ما بينه النبي (صلى الله عليه وسلم ) في قوله : ” الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الناس مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ” ، فالمسلم الحقيقي لا يمكن إلا أن يكون سلمًا مع نفسه ، ومع أهله ومع زملائه، سلمًا للحجر والشجر وللكون كله ، وهذا مقياس صحة الإسلام .
وقال إن كان الإنسان يكف أذاه عن الناس فهو مسلم صحيح الإسلام ، فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتتصدق إلا أنها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “لا خير فيها ، هي من أهل النار”.
وأكد أن من يتسم في مظهره بشكل يتصور منه أنه شكل الإسلام ليظهر بمظهر المتدين ، وأخلاقه لا تتسق مع أخلاق الإسلام ، فهو يصد عن سبيل الله ، إذ المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
وبين أن الأذى الذي يتوجه للغير إما أن يكون بالقول أو الفعل، والقول من خلال اللسان ، لذا لما سأل سيدنا معاذ بن جبل (رضي الله عنه ) سيدنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وإنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فقالَ : “ثَكِلَتكَ أمُّكَ يا معاذُ ، وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وجوهِهِم أو على مَناخرِهِم إلَّا حَصائدُ ألسنتِهِم ” فشطحات اللسان من أخطر الأمور على العبد ، وأما الفعل فاليد رمز له، فكل من لم يسلم الناس من لسانه ويده فليس بمسلم صحيح الإسلام ، ولا بكامل الإسلام بل يكون صادًا عن سبيل الله .
وأردف أن الصحة نعمة عظيمة من نعم الله على الإنسان ، وهي تاج على رؤوس الأصحاء لا يعلم حقيقتها إلا من افتقدها ، ولهذا إذا أصيب الإنسان بأذى في عينه قال : كل شىء يهون إلا أذى العيون ، وكذا إذ أصيب في سمعه يقول إلا السمع ، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم ) : (نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ) والنعمة تزيد بالشكر وتزول بالحجود والكفران ، قال تعالى :” وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” وقد علم النبي الأمة كيفية شكر النعمة فقال (صلى الله عليه وسلم ) :” يصْبِحُ عَلى كُلِّ سُلامَى مِنْ أَحدِكُمْ صَدَقةٌ: فكُلُّ تَسْبِيحةٍ صدقَةٌ، وكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وكُلُّ تَكْبِيرةٍ صدقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمعْرُوفِ صَدقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنكَرِ صدقَةٌ. وَيُجْزِيءُ مِنْ ذلكَ ركْعتَانِ يَرْكَعُهُما منَ الضُّحَى”، وشكر النعمة ينبغي أن يكون من جنس النعمة ، فشكر المال بالإنفاق ، وشكر العلم أن تنشره للمحتاجين، وشكر نعمة الصحة أن تعاون الضعيف ، وأن تسير مع المحتاج بقوة ساقيك ، وترفع معه بقوة ذراعيك ، والضعيف ينبغي أن يدعو له، وعلى الأقل الدعاء بالمعافاة.
واضاف، أن وقديمًا قالوا : لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك وصحيح اليوم قد يكون مريض الغد ، والأيام متقلبة، ومريض اليوم قد يكون صحيح الغد، ومن الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان الرضا وعدم التعرض للنيل من الآخرين من خلال السخرية، قال تعالى :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ” أو من خلال الهمز واللمز يقول :” وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ” وقد ساوى القرآن الكريم بين من يأكل أموال الناس بالتطفيف في الميزان وبين من يتعرض للناس بالهمز واللمز ، فحري بالمسلم أن يتحلى بالآداب التي حث عليها الإسلام ، فالإسلام فن صناعة الحياة لا صناعة الموت.