أقامت وزارة الأوقاف ندوة علمية كبرى بمسجد الفتح تحت عنوان: ” هذا هو الإسلام ” ويأتي هذا في إطار دور وزارة الأوقاف ورسالتها الدعوية التي تهدف إلى تبصير الناس بأمور دينهم، وغرس القيم الأخلاقية والمجتمعية الراقية التي أتى بها ديننا الحنيف، وحاضر فيها كل من الدكتور طارق محمد عبد الوهاب مدير الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة، والشيخ محمد الوجيه البحيري إمام المسجد، والشيخ عبد الخالق صلاح إمام المسجد، وحضر الندوة جمع غفير من المصلين حرصا منهم على تعلم أمور دينهم، وأدار الندوة
وفي كلمته أكد الدكتور طارق محمد عبد الوهاب أن الإسلام هو الخضوع لله (عز وجل)، والانقياد التام لأوامره، والاستسلام لله (عز وجل) برغبة اختيارية للفرد وليس قسرا، فجوهر الإسلام هو الخضوع الاختياري للمسلم وبناءً عليه يكون الثواب والعقاب، كما أن الإسلام منهج رباني كامل أنزله الله على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) يحتوي على الأنظمة والقوانين الإلهية التي تقتضي مصلحة العباد، فوضح الرسول (صلى الله عليه وسلم) أحكام هذه العقيدة، وأخلاقها، وآدابها، وعباداتها من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية.
كما بين فضيلته أنه عندما جاء جبريل (عليه الصلاة والسلام) بهيئة أعرابي إلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) يسأله عن الإسلام حتى يعلم الحاضرين أمور دينهم، فقال: أخبرني عن الإسلام فقال (صلى الله عليه وسلم): ” الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ”، فالإسلام مبني على خمسة أركان أساسية يجب على المسلم الإتيان بها لتحقيق أهدافها السامية من تزكية النفس، والبعد عن الفحشاء والمنكر، وحب الناس، وعمارة الكون.
كما أشار إلى أن رسالة الإسلام خاتمة ومتممة ؛ لما فيها من تكامل وشمول بالأحكام والقوانين لجميع الاحتياجات الدينية والدنيوية ولا ينحصر في زاوية أو أمر معين، فالإسلام منهج رباني متكامل يصلح لكل زمان ومكان، فهو دين الفطرة، والتحرر من العبودية لغير الله (عز وجل)، ويمتاز بالسماحة، واليسر، والسهولة، ويأمر بالإحسانِ في كل الأوقات، وينهى عن الغلظة والتشدد، وسفك الدماء، ويدعو إلى التسامح والعفو.
وفي كلمته أكد الشيخ محمد الوجيه البحيري أن الإسلام هو الدين المتين، ومنبع الخير العميم، عدل شامل، ورحمة واسعة، وحضارة راقية، أصلح الله به الحاكم والمحكوم، والأغنياء والفقراء، وأرشد الصناع والتجار، حدد ما يجب على الإنسان نحو خالقه، ونحو نفسه، ومن هم تحت ولايته، كما حدد العلاقات التي يجب أن يسير عليها الناس فيما بينهم، ومع غيرهم حتى ولو كان مخالفا لهم في عقيدتهم، قال تعالي: ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ”، وقال (صلى الله عليه وسلم): ” إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ”.
وأضاف أن الإسلام دين سلم وسلام، وأمن وأمان، والسلام اسم من أسماء الله تعالى، قال سبحانه: ” اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ”، وتحية الإسلام السلام، يقول جل شأنه: “وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا”، وتحية أهل الجنة في الجنة السلام، حيث يقول الحق سبحانه: “وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ”، وكان من دعاء النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) عقب كل صلاة: “اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، وَمِنْكَ السَّلاَمُ، تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ”.
اقرأ أيضًا.. الأوقاف: اختيار شاب لأمانة "الشئون الإسلامية" لم يكن عشوائيا
كما ذكر أن الإسلام دين يحفظ للإنسان كرامته، فينهى عن الغيبة، والنميمة، والتحاسد، والتباغض، والاحتقار، والأذى في أي صورة كانت، يقول الحق سبحانه: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”، مبينا أن الإسلام منهج حياة مستشهدا بما روى عن جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) لما وقف أمام النجاشي – ملك الحبشة – موضَّحًا ومبينًا شيئًا من هذه القيم، وتلكم الأخلاق بأسلوب راقٍ، وكلمات واثقة، قائلًا: “أيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ، نَعْبُدُ الأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، وَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا، نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ، مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، عَنِ الْفُحْشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنَّ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَلا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ “.
وفي كلمته أكد الشيخ عبد الخالق صلاح أن المسلم الحقيقي لا يكذب، ولا يغش، ولا يخون، والمسلم الحقيقي من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن الحقيقي من أمنه الناس على دمائهم وأعراضهم وأموالهم وأنفسهم، والمسلم الحقيقي هو الذي تظهر عليه أخلاق الإسلام.