تعد مستشفى العباسية الراعي الرسمي للحالة النفسية للمصريين، والتي يلجأ إليها جميع المصابين بالاضطرابات النفسية من جميع الأعمار والفئات لتلقي الخدمة الصحية النفسية خاصة مع زيادة المشكلات النفسية في المجتمع المصري، وحالات الانتحار التي شهدتها الفترة الأخيرة وإطلاق حملات تحث المواطنين على زيادة الوعي بأهمية العلاج النفسي، كل هذا دفع لأهمية إجراء حوار مع الدكتور أحمد صلاح الدين، أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، مدير وحدة الرجال المطورة بمستشفى العباسية للصحة النفسية، ونائب مدير المستشفى.
ــ هل تعتقد أن الاضطرابات النفسية لدى المصريين زادت في الفترة الأخيرة؟
نعم.. لقد زادت الاضطرابات النفسية لدى المواطنين في الفترة الأخيرة بشكل كبير، وهذا يظهر واضحًا في التقييم والرصد لأعداد المترددين والذي تعلنه الأمانة العامة للصحة النفسية عن أعداد الذين يعانون من مشكلات نفسية وتستقبلهم مستشفيات الصحة النفسية في مصر وذلك بشكل دوري وتحديدًا في شهر ديسمبر من كل عام، وبحسب مسح الأمانة العامة للصحة النفسية الذي تم 2017- 2018 أوضح إن أكثر الاضطرابات النفسية الحاصلة في المجتمع المصري هي الاكتئاب، حيث وصلت نسبة الأعراض الاكتئابية إلى 40% يليها مباشرة اضطرابات التعاطي والإدمان.
ــ هل ترى أن البرامج التي تطلقها وزارة الصحة والسكان ممثلة في مستشفيات الصحة النفسية فعالة؟
لوحظ فعاليتها مؤخرًا خاصة مع زيادة الاضطرابات النفسية لدى المصريين وإقبالهم على المستشفيات بأنفسهم لتلقي العلاج وهو ما يكشف عن زيادة الوعي لديهم بالاضطرابات النفسية وأهمية العلاج النفسي، فبدأنا نستقبل شرائح جديدة من المواطنين يعانون من القلق والاكتئاب.
ــ كم عدد المترددين على مستشفيات الصحة النفسية في مصر عموما ومستشفى بالعباسية خصوصا؟
نصف الذين يعانون من أعراض اكتئاب يلجأون إلى العلاج سواء الاضطرابات الخفيفة أو المتوسطة أو الخطيرة، فالاضطرابات النفسية تزيد، والأعداد التي تلجأ لمستشفى العباسية تزيد، ومستوى الوعي لدى المرضى بدأ في الزيادة، وأعتقد في تعداد شهر ديسمبر القادم سيكون هناك زيادة سنوية والوصول إلى 600 ألف متردد على مستوى مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية في مصر، لأن عدد المترددين على مستشفى العباسية للصحة النفسية حوالي من 100- 110 ألف متردد في السنة وذلك على مستوى الاضطرابات النفسية وجميع الأعمار والإدمان.
ــ ما سبب انتشار البلطجة حاليًا في الشارع المصري وأشهرها قضية شهيد الشهامة المتهم فيها محمد راجح؟
المشكلة الحقيقية في الصورة الإعلامية وتأثير الأفلام والمسلسلات التي تعرض هذا النوع من تصور أخذ الحق بالقوة والذراع والسماح بالتحرش والبلطجة وارتكاب الجرائم، وهو ما يجعل الصورة تصل وتترسخ في ذهن الشباب، فبالتالي يمكن تصور تصرف المتهم محمد راجح وقتله لمحمود البنا، من خلال 3 أمور رئيسية يمكن الاستناد إليها هي طبيعة شخصيته، والبيئة المحيطة، والنمط الإعلامي المقدم حاليا على الساحة للأطفال والشباب والذي يحتاج إلى الكثير والكثير من التعديل لمنع ترسخ هذه الصورة الذهنية السيئة في ذهن الشباب والتخلص منها.
ــ ما أكثر الاضطرابات النفسية بين كل فئة عمرية ونسبتها بين النساء والرجال؟
الاضطرابات النفسية تختلف نسبتها حسب الفئات العمرية والنوع، فمثلا الاكتئاب يكون الغلبة لدى السيدات بنسبة أكبر من الرجال بنسبة 4: 1، والقلق 3: 1 في الرجال أكثر من السيدات، ومن ناحية الفصام فالنسب متساوية، والمرضى الذين يترددون على مستشفى العباسية فالرجال أعلى نسبيًا بسبب الفكرة المجتمعية والفروق الاجتماعية خاصة أن الرجل يعمل وأي مشكلة تؤثر على الدخل والأسرة بالكامل فيلجأ للعلاج، ومن ناحية أخرى فالاضطرابات النفسية تظهر لدى السيدات بشكل متأخر عن الرجال.
ــ حدثنا عن الاضطرابات النفسية الأكثر ترددًا على مستشفى العباسية
90% من المترددين على المستشفى يعانون من الفصام، الاضطراب الوجداني، الوسواس القهري، الاكتئاب، وقليل من يخرج عن هذه الأمراض.
ــ هل هناك حملة للتوعية بالمرض النفسي وأهمية تلقي العلاج؟
المفترض وجود جزء آخر من الحملة التي بدأت في 2015 "حملة التوعية بالمرض النفسي"، ومن المفترض تفعيل موجة ثانية، ولكن بسبب عدم وجود تمويل واضح بنفس الجهد لعمل محاضرات في الجامعات والتجمعات الشبابية، فمستشفى العباسية ترحب كثيرا بالأمر، وعندما يكون الأمر في شكل حملة فالموضوع يختلف، ولكن منشورات الحملة القديمة موجودة.
ــ هل تعاني مستشفى العباسية من نقص في عدد الأطباء؟
نعم.. فهناك نقص على مستوى مستشفيات الصحة النفسية بمصر كلها ولكن مستشفى العباسية موقع جذب للأطباء بسبب موقعها في وسط القاهرة، فمثلا هناك 30- 35 طبيبا بمستشفى الخانكة، وفي العباسية لدينا تقريبا بين 150- 200 طبيب وهو عدد تقريبي يختلف شهريا لكن العدد الأساسي حوالي 100-110 طبيب مقيمين خاضعين للتدريب، وهناك 40 أخصائي، وحوالي 10- 12 استشاري، بالإضافة إلى وجود أطباء من تخصصات أخرى كالباطنة والجلدية والنساء والولادة والجراحة، وهم حوالي 50 طبيبا والعدد الأكبر للأطباء المقيمين النفسيين.
ــ التمريض أساسي في العلاج النفسي.. ماذا عن عدد التمريض في المستشفى؟
إذا كنا نعاني من نقص واضح في الأطباء بنسبة تتراوح بين 30- 40%، فهناك نقص في التمريض بنسبة تصل لـ 50% وذلك على مستوى مصر، وإن كانت مستشفى العباسية أفضل من المستشفيات الأخرى، فلدينا التمريض نوعا ما لا يوجد نقص رهيب، ولكن حسب تعليمات المجلس القومي للصحة النفسية فكل 4 مرضى لديهم ممرض ولكن ما يحدث هو أن 2 ممرضين على 50 مريضا ومريضة، فهناك مشكلة في تدريب التمريض، ومشكلات مالية منذ فترة، فضلا عن التعنت الإداري، والسفر، كل هذا يتسبب في حدوث نقص، ويتم الاستعاضة عن النقص بزيادة عدد الخريجين وتدريبهم وإلحاقهم سريعًا بالمستشفيات بعد فترة الامتياز وخاصة خريجي كليات التمريض والمعهد الفني.
ــ ماذا عن عيادات مكافحة الانتحار بمستشفى العباسية؟
عيادة الصحة النفسية المخصصة لمواجهة ومكافحة الأفكار الانتحارية تم توقفها في الفترة الأخيرة بسبب بعض المشكلات الإدارية والمالية خاصة أنها كانت عبارة عن عيادات تعمل فترة مسائية بعد الظهر بجانب العيادات الاقتصادية، ولكنها توقفت فجأة لعدم وجود أطباء بشكل يكفي عدد المرضى والمترددين عليها.
نقلا عن العدد الورقي.