ثمن الدكتور محمد راشد أستاذ الاقتصاد بجامعة بني سويف، قرار محافظ البنك المركزي بتعويم الجنيه المصري، واصفًا إياه بأنه :"من افضل القرارات الاقتصادية التى تم اتخاذها خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي"، مشيرًا إلى أن هذا القرار جاء "متأخرًا".
وتحل اليوم مرور 3 سنوات على أصعب قرارات خطة الإصلاح الاقتصادي في مصر والتي وصفوها بالتدخل الجراحي العاجل من قبل المركزي المصري لمعالجة الضغوط التضخمية وارتفاع الدين العام الداخلي والخارجي، وهروب رؤوس الأموال الأجنبية، ووجود أكثر من سعر للدولار في الأسواق السوادء.
أوضح الخبير الاقتصادي، أنه لو تم اتخاذ هذا القرار في وقت مبكر لما وصل سعر صرف الجنيه إلى هذا المستوى عند التعويم بعد أزمة الثقة وعدم اليقين التى طالت سوق الصرف.
إيجابيات القرار
أكد "راشد"، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن استقرار سعر صرف الجنيه أدى إلى إنهاء أزمة الثقة تدريجيا، واختفاء السوق السوداء، وتوافر العملات الأجنبية تدريجيا بالبنوك وعلى رأسها الدولار، وهو ما يمثل عودة الدولار للظهور مرة أخرى داخل القطاع المصرى، بعد تطبيق آليات السوق من خلال ميكانيكية العرض والطلب.
ونوه أستاذ الاقتصاد، أنه لا توجد أية عواقب أو عرقلات أمام البنوك في توفير وتأمين العملات الأجنبية لعملائها أو لتغطية ما لديها من اعتمادات الاستيراد، لافتًا، أن هذا القرار ساهم في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، أو من خلال الاستثمار فى أذون الخزانة المصرية، و التى يصل حجم استثمارات الأجانب بها الآن أكثر من ٢٠ مليار دولار للاستفادة من سعر الفائدة المرتفع الذى وضعه البنك المركزى لمحاربة التضخم والدولرة على السواء.
وذكر "راشد"، أن سعر الفائدة المرتفع ساهم فى تحفيز الأفراد المحليين على شراء شهادات إيداع أو ربط ودائع بالبنوك من خلال تحويل ما معهم من عملات أجنبية للجنيه، وهو ما دعم استقرار الجنيه وساهم من ناحية أخرى فى زيادة تدفقات تحويلات العاملين فى الخارج عبر الجهاز المصرفى، وكذلك ارتفاع حجم الصادرات من ٢٣ إلى ٢٨ مليار دولار نتيجة ارتفاع قدرتها التنافسية بسبب التعويم وانخفاض قيمة الجنيه على مدار الثلاث سنوات الماضية.
فترة التعافي
قال الخبير الاقتصادي، إنه بعد تعافى الاقتصاد حدث تحسن ملحوظ فى قيمة الجنيه المصرى بكافة القطاعات المولدة للنقد الأجنبى والاستثمار الأجنبى والصادرات وتحويلات العاملين فى الخارج.
الآثار السلبية للتعويم
ورغم وجود إيجابيات شهدها السوق المصري، إلا أنه لم تخلو الساحة أيضا من التداعيات السلبية لهذا القرار، حيث أدى إلى رفع سعر الفائدة لمحاربة "الدولرة" بغرض عودة الاستقرار لسوق الصرف، وهو الأمر الذي أدى إلى انعكاس سلبى على تزايد أعباء فوائد الدين العام بشكل كبير والتى وصلت هذا العام لنحو ٥٧٠ مليار جنيه تقريبًا.
كما أثر سعر الفائدة المرتفع على الاستثمار الخاص وخلق فرص العمل، علاوة على الانعكاس الأهم على ارتفاع تكاليف المعيشة حيث مثل التعويم العامل الأكثر تأثيرًا فى ارتفاع الأسعار ولا سيما أسعار الأدوية والسلع الغذائية وكذلك المساكن وبالتالى زيادة مستويات الفقر لتقترب من ٣٣% بالرغم من حزم الحماية الاجتماعية التى خصصتها الدولة لدعم هذه الفئات مثل برنامج تكافل وكرامة والذى بلغ حجم مخصصاته نحو ٢٠ مليار جنيه.