تصادف هذه الأيام مرور 3 سنوات، على قرار تحرير سعر صرف الجنيه، والذى تم تطبيقه في الثالث من نوفمبر 2016، وتبنت الحكومة المصرية ممثلة في البنك المركزي المصري تحرير سعر الصرف، والذي كان له آثارًا إيجابية وأخرى سلبية.
قال الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، إن هناك آثارا إيجابية تحققت جراء التعويم أهمها، خفض عجز الموازنة والدين العام، واستكمال إصلاح منظومة الدعم، وتنفيذ أحد أهم اشتراطات صندوق النقد الدولي في حينها حتى يتسنى للحكومة المصرية الحصول على ثقة الصندوق وموافقته على القرض الذي حصلت مصر بموجبه على 12 مليار دولار والذي كان بمثابة شهادة ثقة في الاقتصاد المصري.
أضاف في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن قرار التعويم أيضا أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بعد ساعات من قرار تحرير سعر الصرف حيث ارتفع من 8،87 جنيه إلى نحو 13 جنيه كسعر استرشادي من البنك المركزي ثم واصل الصعود حتى آخر نوفمبر 2016 ليصل نحو 18،16 جنيه، ثم تلا ذلك ارتفاعات أخرى ليصل نحو 19،52 جنيه مصري.
رفع أسعار الفائدة
وقام البنك المركزي المصري برفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 14،75%، و15،75 % على التوالي ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 300 نقطة أساس ليصل إلى 15،25 %.
وشهد الاقتصاد المصري على مدار الثلاث سنوات الماضية تحولات هامة وهيكلية، والتي جاء من أبرزها ارتفاع احتياطي مصر من النقد الأجنبي ليصل إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، ليسجل حاليًا أكثر من 45،4 مليار دولار، مقارنة بـ 19 مليار دولار فى نهاية أكتوبر 2016، بزيادة تقدر بنحو 26 مليار دولار، بفعل المخطط الذي وضعه البنك المركزي المصرى والذي يعتمد على ترشيد استخدامات العملة الصعبة وتقليل الاستيراد من الخارج، وتنويع مصادر العملة الأجنبية من القروض الدولية بدعم مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي.
تحسن أداء الجنيه
أوضح الخبير الاقتصادي أن تحسن أداء الجنيه خلال الأشهر الماضية أمام الدولار الأمريكي، والذي يكاد يلامس الآن مستوى 16 جنيهًا، وفي المقابل كان عقب تحرير سعر الصرف 18 جنيهًا حيث فقد الدولار الأمريكي أكثر من جنيه وتسعون قرشًا، وقد أدى حدوث ذلك إلى اتجاه الأفراد لتحويل ودائعهم للجنيه بعد ارتفاعه أمام الدولار والاتجاه لشراء الشهادات ذات العائد المرتفع، وهناك توقعات بخفض الفائدة خلال الفترة القادمة نتيجة انخفاض معدلات التضخم.
إلغاء الدولار الجمركي
أشار إلى أن الحكومة ألغت العمل بسعر الدولار الجمركي الذي كان يتم تحديده شهريًا وبسعر متحرك للسلع غير الأساسية، والذي كان قد بدأ تطبيقه في يناير عام 2017؛ بهدف تقليص موجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، التي كان أهمها تقنين عملية الاستيراد وضبط الواردات.
الآثار الإيجابية لتحرير سعر الصرف:
خفض الواردات ووقف الاستيراد العشوائي حيث كانت مصر تستورد حوالي أكثر من 80 % من احتياجاتها، بينما جاء تحرير سعر الصرف ليشجع زيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، وتمكين البنك المركزي المصري من الالتزام بتوفير الدولار لسد الفجوات الاستيرادية في السلع الأساسية والاستراتيجية.
وألمح الخبير الاقتصادي أن تحرير سعر الصرف ساهم في القضاء على ظاهرة الدولرة والمضاربة على الدولار في السوق السوداء، انعكس أيضًا على البورصة المصرية وشجع على عودة المستثمرين الأجانب إلى السوق نتيجة التقييمات المتدنية للأسهم، مما شجعهم على الشراء وقد ارتفع مؤشر EGX30 المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية، ووفقًا للنظرية الاقتصادية فإنه كلما قل معدل التضخم زاد معدل الاستثمار، وفي المقابل فإن زيـادة تدفق الاستثمارات يؤدي إلى زيادة عرض النقود، وكذلك فإن تحسن مستوى الـ صرف واستقراره يزيد مـن فـرص الاسـتثمار على الأجل القصير والمتوسط.
منوها أنه في الوقت نفسه ارتفع إجمالي تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتسجل نحو 26 مليار دولار خلال عام، وهو ما يعكس ثقة المصريين بالتعامل مع الجهاز المصرفي المصري كنتيجة إيجابية لقرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري.
والجدير بالذكر أن تحرير سعر الصرف أثر على قطاع السياحة حيث جاء في مصلحة السائح الأجنبي حيث شجع تراجع العملة المصرية على جذب السائحين مما زاد من عوائد قطاع السياحة فمثلًا السائح الذي كان يملك ألف دولار بما يعادل 8000 جنيه مصري قبل التعويم أصبح يستطيع أن يشتري بها بما يعادل 18000 جنيه بعد تحرير سعر الصرف.
الآثار السلبية لتحرير سعر الصرف:
أكد إسلام جمال الدين شوقي، أن ارتفاع معدلات التضخم من 14% إلى حوالي 35 % تقريبًا في حينها، وتقليل المستوى المعيشي للأفراد حيث ازدادت أسعار جميع المنتجات والتي من بينها المواد الغذائية والأدوية والأجهزة الكهربائية والسيارات وغيرها، لافتا أنه في الوقت نفسه حدث تأثير على الطبقات الاجتماعية خاصة في ظل وجود نسبة فقر مرتفعة تتجاوز 30 %، ولكن مع الوقت تم احتواء هذه الآثار وبدأ الوضع الاقتصادي في التحسن والتعافي مقارنة بالسابق.
وتابع: "لاشك أن الاقتصاد المصري قد تحسن بصورة ملحوظة نتيجة للإصلاحات التي اتخذتها الحكومة المصرية مما دفع العديد من المؤسسات المالية الدولية مثل وكالات فيتش و موديز وستاندرد أند بورز و الإيكونوميست والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي للإشادة ببرنامج مصر للإصلاح الاقتصادي، والذي استطاع أن يحقق أعلى معدل نمو في الشرق الأوسط حيث وصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5،6 % وهو الأفضل منذ 11 عام مضت".
وأضاف:"زادت الاستثمارات العامة والخاصة لتصل إلى 942 مليار جنيه خلال عام 2018 – 2019، وانخفاض معدل التضخم إلى 4،8 % في سبتمبر 2019، كما انخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ 30 سنة مضت محققًا 7،5 % خلال الربع الثاني من عام 2019، كل هذا بالإضافة إلى تخفيض عجز الموازنة والعجز التجاري والحساب الجاري للدولة".