شاركت النساء العراقيات بأعداد كبيرة خلال الاحتجاجات الحالية المناهضة للحكومة، متجاهلات الأعراف المجتمعية والخطر الذي يشكله الرد العنيف من قبل قوات الأمن، مؤكدين على ضرورة التخلص من فكرة أنه ليس من المناسب أن تشارك المرأة في العمل السياسي، معتبرين أن العنف الذي مورس ضد المتظاهرين هو الذي دفعهم للخروج.
وتواجدت حشود من النساء، صغارا وكبارا، بين جموع المتظاهرين الذين تجمعوا بساحة التحرير وسط بغداد، حيث لقي عشرات الأشخاص مصرعهم منذ استئناف الاحتجاجات في 24 أكتوبر الماضي ضد البطالة والفساد وتردي الخدمات.
وقالت دعاء محمد خضر، 17 سنة، تلميذة بالصف الثانوي والتي خرجت للمشاركة في الاحتجاجات لموقع "ذا ناشيونال": "من المهم أن تخرج النساء حتى تتمكن شرطة مكافحة الشغب والأحزاب السياسية جميعها من رؤية ما يمكننا القيام به، هؤلاء هم العراقيون، نحن قلب واحد".
من جهتها، أكدت والدتها، سناء غراني، 50 عامًا: "يجب على جميع النساء الخروج، حتى لو متنا، لسنا خائفين".
من جانبها، رأت متظاهرة أخرى باسم "شيماء": "نحتاج إلى التخلص من فكرة أنه ليس من المناسب أن تشارك المرأة في كل شيء، يجب أن تشارك المرأة في كل شيء، ولو كانت النساء داخل الحكومة سيكون ذلك أفضل".
كانت "شيماء" قد دخلت ساحة الاحتجاجات لأول مرة الليلة الماضية، حيث أحضرت معها ابنتها وأخواتها. وأضافت أن المظاهرات الحالية كانت مختلفة عن الاحتجاجات السابقة التي شهدتها البلاد عام 2011؛ لأن الشعب من جميع أنحاء المجتمع العراقي يشارك بقوة.
وتزايد زخم الاحتجاجات التي بدأت في الأول من أكتوبر الماضي، حيث انضم الطلاب والمدرسون والمجموعات المهنية إلى المظاهرات في بغداد والمحافظات الجنوبية على الرغم من الحملة الأمنية التي أودت بحياة أكثر من 250 شخصًا حتى الآن. وأكثر من 100 شخص لقوا حتفهم في الجولة الأخيرة من الاحتجاجات، وفقا للمفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان.
منال جبار، 30 سنة، وهي ناشطة في مجال الحقوق المدنية والمرأة، قالت إنه بالنسبة للعديد من النساء، فإن العنف ضد المتظاهرين جعل البقاء في المنزل مستحيلاً، مضيفة أنه في بداية الاحتجاجات، كان وجود النساء رمزيًا، وكان محدودا، معللة ذلك بقولها: "بالطبع، كانت هناك تهديدات وكان هناك خوف في ساحة الاحتجاجات، لذلك لم يرغبن في الخروج بالقوة".
واستدركت: "لكن بعد اضطهاد شبابنا والقتل الواسع النطاق، شعرت النساء أنه يتعين عليهن الحضور إلى جانب آبائهن وإخوانهن وأبنائهن حتى تنجح احتجاجاتنا".
وقالت شيماء، المتظاهرة في ساحة التحرير: "لدينا تقاليد، للأسف، أعاقت النساء قليلاً، ولكن الآن، خرجت المرأة في جميع الحافظات، وحتى لو لم تخرج، تراها واقفة عند بابها وهي تحمل العلم العراقي، وهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها".
وتعتقد شيماء أن الشباب الذين يشكلون غالبية المتظاهرين قد بدؤوا في تغيير موقفهم من النساء اللائي ينضمين إليهن؛ وقالت: "يرى الشاب والدته وشقيقته يحملان العلم العراقي ولا يرفض ذلك؛ لأنه يرى أن هناك شيئًا قويًا بداخلنا".
بدورها، وقفت حنان سعود جبار، 35 عامًا، في صف من المتظاهرين الذين كانوا يزيلون القمامة من الشوارع في ساحة التحرير. وكانت ترتدي القفازات المطاطية ووضعت الزجاجات البلاستيكية والعلب الفارغة وأقنعة الوجه المهملة في أكياس بلاستيكية سوداء.
اقرأ أيضاً: العراق.. المتظاهرون يحاولون اقتحام المنطقة الخضراء بطريقة جديدة
ومثلها مثل العديد من النساء المشاركات، قامت "بدور حيوي" في تنظيم الاحتجاجات، وقالت "هذا هو اليوم الثالث الذي خرجت فيه، وأواصل هنا حتى الساعة الرابعة صباحًا، ثم في الصباح سأعود إلى عملي كموظفة حكومية".
اقرأ أيضاً: العراق.. انتشار كثيف لقوات الأمن بعد محاولة المتظاهرين اقتحام المنطقة الخضراء (فيديو)
وأكدت السيدة سعود أنها لن تتوقف عن المجيء إلى أن تنتهي الاحتجاجات، وقالت: "عندما تأتي إلى هذا المكان، يمكنك أن تتوقع كل شيء"، مضيفة أن "الشعب العراقي، بشكل عام، لا يخاف، حتى الشباب والأطفال، يشاركون جميعًا دون خوف وبعزم وإرادة".
اقرأ أيضاً: قوات الأمن العراقية تعتدي على إعلاميين خلال تغطيتهم تظاهرات بغداد
وترى سعود أن وجود النساء في ساحة الاحتجاجات أثبت أن كل قطاعات المجتمع العراقي تقف وراء التظاهرات، وأنه يتعين على النساء المشاركة حتى ينجح هذا الحراك، معتبرة أن "لا أحد يمثل أصوات النساء، لا أحد يمثلني؛ فإذا خرج أخي للاحتجاج فإنه سيمثل صوته فقط، مختتمة "نريد أن يعلو صوت كل العراق".