تواصل محافظة الإسكندرية تحصين سواحلها من خلال إقامة حواجز خرسانية، حيث تواجه المدينة خطر التغيرات المناخية وارتفاع منسوب سطح البحر، وهو ما قد ينذر بتعرّضها للغرق، كما باتت قلعة قايتباي، والتي تقع في نهاية جزيرة فاروس بأقصى غرب الإسكندرية، هي الأخرى مهددة بالغرق، خاصة في ظل تآكل الصخرة الأم التي تحملها، والكهوف الكبيرة التي تحدثها الأمواج فيها منذ سنوات مضت.
اقرأ أيضًا.. قبل بدء نوة المكنسة.. الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد والطواريء القصوى
تقارير محلية وعالمية
وأثارت تحذيرات غرق مدينة الإسكندرية الكثير من المخاوف، حيث لم يعد الأمر مجرد تكهنات أو تنبؤات، وإنما حقيقة تثبت صحتها يومًا تلو الآخر بالتقارير العالمية والمحلية ودراسات الخبراء، حيث توشك المدينة على مواجهة كارثة طبيعية تهددها بالكامل بحلول عام 2100، حسب ما حذرت لجنة الأمم المتحدة حول التغير المناخي؛ وذلك بسبب موقعها الجغرافي الفريد، حيث يحيط بها البحر الأبيض المتوسط من ثلاث جهات وتقع بحيرة في جنوبها.
ويهدد الخط الساحلي المدينة التاريخية ببطء، مع ارتفاع مستويات سطح البحر بسبب الاحتباس الحراري العالمي، وبحسب تقرير لجنة الأمم المتحدة حول التغير المناخي، فإن التغيرات المناخية من ارتفاع درجات الحرارة وذوبان جليد القطبين المتجمدين، تهدد بارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط بين 25 و98 سنتيمترًا مع انتهاء القرن الحالي، وبحسب ما أفادت به الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، فإن شواطئ الإسكندرية ستُغمر حتى مع ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 0.5 متر، في حين سيُهجّر 8 ملايين شخص بسبب الفيضانات في الإسكندرية ودلتا النيل، إذا لم تُتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
اقرأ أيضًا.. الإسكندرية تواصل أعمال رفع كفاءة الطرق بأحياء المحافظة (صور)
كارثة كبرى
ووفقًا لتقرير اللجنة الأممية، فإنه ومنذ عام 2012، فإن الأراضي التي أقيمت عليها الإسكندرية ودلتا النيل المحيطة بها تغرق بمعدل 3.2 مليمترات سنويًا، وهي نسبة كافية لتهديد أساسات المباني والتسبب بكارثة كبرى، كما أوضحت دراسة نُشرت عام 2018 أن نحو 734 كيلومترًا مربعًا من دلتا النيل قد تغمرها المياه بحلول عام 2050، وأن تزيد هذه المساحة مع نهاية القرن إلى 2660 كيلومترًا مربعًا، ما سيؤثر على نحو 5.7 مليون نسمة.
ونتيجة للعواقب الوخيمة التي تهدد المدن الساحلية ودلتا الأنهار والدول الواقعة تحت مستوى سطح البحر، تعمل الحكومة المصرية على تنفيذ مشروع لتعزيز التكيف مع تغير المناخ في منطقتي الساحل الشمالي ودلتا النيل والممول من صندوق المناخ الأخضر بمنحة تقدر بحوالى 31.5 مليون دولار للتصدي لظاهرة التغيرات المناخية وتأثيراتها الضارة على المناطق الساحلية والدلتا، وتشهد الإسكندرية إقامة 4 مشروعات كبرى تنفذها الإدارة العامة لحماية الشواطئ لحماية سواحل المدينة من الغرق والتغيرات المناخية، بدءً من خليج أبي قير شرقًا وحتى قلعة قايتباي غربًا، وذلك بتكلفة إجمالية تقدر بمليار و674 مليون جنيه.
حماية الشواطئ
وقالت المهندسة عزة عبد الحميد، مدير عام حماية الشواطئ بالإسكندرية، إنه من بين مشروعات حماية الشواطئ التي يتم تنفيذها بالمدينة؛ مشروع حماية منطقة السقالات أمام القوات البحرية بخليج أبو قير، والذي يهدف إلى حماية المنطقة أمام الكلية البحرية وخاصة في موسم النوات والذي من المقرر الانتهاء منه في 16 أكتوبر الجاري، واستغرقت مدة تنفيذه 24 شهر، وتبلغ تكلفته 67 مليون جنيه.
وأضافت مدير عام حماية الشواطئ بالإسكندرية، أنه يتم أيضًا تنفيذ مشروع حماية السواحل من بئر مسعود وحتى حاجز السلسلة بالميناء الشرقية، والمشروع يتكون من سلسلة من الحواجز الغاطسة يتم تنفيذها على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تمتد من بئر مسعود وحتى المحروسة وتبلغ أطول الحواجز 1600 متر وتحمي حوالي 2 كم من الشواطئ بتكلفة تقديرية 189 مليون جنيه، ومدة العمل المقررة للمشروع 40 شهر ومن المقرر الانتهاء من تنفيذه في نهاية عام 2021.
وتمتد المرحلة الثانية من المحروسة وحتى سان استيفانو ويبلغ طول الحاجز 570 متر بتكلفة تقديرية 180 مليون جنيه، أما المرحلة الثالثة فتمتد من سيدي جابر وحتى حاجز السلسلة بالميناء الشرقي وتبلغ أطول الحواجز 3700 متر وتحمي حوالي 4 كم من الشواطئ بتكلفة تقديرية 900 مليون جنيه وتغطي المرحلة الثالثة 9 شواطئ هي "أبو هيف، وسيدي بشر، والسرايا، وسيدي جابر، وكليوباترا، وسبورتنج، والإبراهيمية، وكامب شيزار".
حماية سور الكورنيش
وحول مشروع تدعيم وتطوير حماية الكورنيش تجاه المنشية ومحطة الرمل، أوضحت أن المشروع يهدف إلى حماية سور الكورنيش الأثري وطريق الكورنيش بمنطقة المنشية ومحطة الرمل، وتبلغ قيمة المشروع ما يقرب من 103 مليون جنيه ومدة تنفيذه 18 شهر ومن المتوقع الانتهاء منه بنهاية عام 2020.
وأشارت عبد الحميد، إلي المشروع الرابع الذي يتم تنفيذه وهو حماية وتطوير المنطقة أمام قلعة قايتباي لحماية القلعة من الأمواج العالية والنحر المستمر في الصخرة الرئيسية المقام عليها القلعة بالإضافة إلى تنمية وتطوير المنطقة أمام القلعة لجذب وتنشيط السياحة ودعم الاستثمار وذلك بقيمة تقديرية 235 مليون جنيه، ومدة العمل المقررة للمشروع 20 شهر، ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذ المشروع بنهاية عام 2020.
وقال محمد متولي، مدير عام آثار الإسكندرية والساحل الشمالي، إن مشروع حماية الشواطئ الذي يتم تنفيذه حول قلعة قايتباى يعد من أهم المشاريع المقامة لحماية موقع أثري على سواحل الشواطئ المصرية، وتقوم بتنفيذه الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ بالتنسيق مع وزارة الآثار ووفقا للموافقة الصادرة من اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية، مضيفًا أنه تم إنجاز ٣٠٪ من المشروع والذي تم البدء في تنفيذه في أغسطس ٢٠١٨.
وأضاف متولي، أن مدة المشروع ٢٠ شهر بخلاف النوات وتم تنفيذ حاجز الأمواج داخل البحر وبعيدًا عن مواقع الآثار الغارقة، مشيرًا إلى أنه تم تشوين كميات كبيرة من الأحجار على يمين ويسار الممشى بطول ٣٠٠ م بأحجام مختلفة ما بين ٣ طن، و٧طن، و١٥ طن وسيتم عمل خوازيق خرسانية بقطر ٥٠ سم حول القلعة وحقن لكافة الفجوات الصخرية لحماية قلعة قايتباي.