باستخدام مركباتهم المتواضعة ذو الثلاث عجلات من أجل تقديم الإسعافات الأولية والمياه والخوذات ونظارات مكافحة الغاز المسيل للدموع للمتظاهرين، أصبح سائقو الـ"توكتوك" رمزًا وأيقونة للاحتجاجات التي تشهدها دولة العراق حاليًا، ما دفع المحتجين إلى معاودة النظر في الصورة النمطية التي كانت شائعة عنهم فور اجتياح وسيلة المواصلات هذه للبلاد، مقدرين جدًا دور سائقي التوكتوك أيضاً في نقل المصابين مع تأخر عربات الإسعاف.
"إذا انتظرنا سيارة الإسعاف الحكومية، فإن نصف المصابين سيموتون"، هكذا تقول رندة، 29 عاماً، وهي متظاهرة بساحة التحرير في العاصمة العراقية بغداد لموقع "Vice News" الأمريكي، واصفة "التوكتوك" بأنه "العمود الفقري" للمظاهرات التي اندلعت منذ أكتوبر الماضي ضد الفساد الحكومي وتدهور الخدمات الأساسية. رندة، التي كانت تساعد المحتجين المصابين أيضًا، تضيف أن المهمة ستكون مستحيلة بدون التوك توك؛ "وعندما أرى شجاعة سائقي التوكتوك ومخاطرهم وتضحياتهم من أجل مساعدة الآخرين، أكون سعيدة لأنني هنا معهم".
وخلال الشهر الماضي، اصطف مئات من مركبات التوك توك في شوارع بغداد، مركز الاحتجاجات العراقية. وفي حين أن سيارات الطوارئ تستغرق ساعات للوصول، يمكن للمركبات ذات العجلات الثلاثة أن تنقل المتظاهرين المصابين بسرعة، بمساعدة المتطوعين الذين يمشون أمامهم لتفريق الحشد. ويقوم التوكتوك أيضًا بتوصيل الطعام والماء والإسعافات الأولية والأقنعة والخوذات ونظارات مكافحة الغاز المسيل للدموع للمتظاهرين بالشوارع، حسبما ذكر "Vice News".
وكان أحد الأسباب الرئيسية وراء تحول سائقي التوكتوك إلى رمز مهم للاحتجاجات هو قيامهم بكل هذا مجانًا.
ومنذ بدء الاحتجاجات، قُتل أكثر من 260 متظاهرًا، بينما أصيب أكثر من 11 ألف متظاهر. وهذه واحدة من أكبر الاحتجاجات في تاريخ العراق المعاصر، والتي تطالب بفرص عمل ووضع حد للفساد، في بلد غني بالنفط يعيش 22 بالمائة من شعبه في فقر و 25 بالمائة عاطلون عن العمل، وفقًا للبنك الدولي.
من جانبه، أكد لؤي، وهو سائق توك توك يبلغ من العمر 24 عاماً من منطقة طارق في شرق بغداد، إن قرار الانضمام إلى الاحتجاجات والتخلي عن دخله لم يكن صعباً؛ ويقول: "لقد تغيّر انطباع الناس تجاهنا خلال الثورة"، ولقد أدركنا أننا أيضًا ضحايا للنظام، مضيفا "أنا سعيد لوجودي في ساحة التحرير مع إخواني وأخواتي".
لم يرحب العراقيون بالتوك توك عندما غزى الشوارع منذ حوالي عامين؛ كونه أرخص بكثير من السيارات، ما سمح بانتشاره بسرعة كوسيلة نقل منخفضة التكلفة في الأحياء الشعبية.
اقرأ أيضاً: مظاهرات العراق.. ارتفاع حصيلة ضحايا الرصاص الحي إلى 6 قتلى و38 مصابًا
أحمد رعد، 27 عاماً، وهو سائق توك توك آخر، يقول إنه كان يساعد المحتجين في ساحة التحرير منذ 25 أكتوبر الماضي: "أقسم أن التوك توك هو مصدر رزقي ومعيشة أسرتي"، ولكن ما يهم الآن أكثر هي المكاسب العامة وليست الشخصية، مضيفا أنه وزملائه من السائقين لن يقبلوا أبدًا مقابل نظير عملهم بساحة الاحتجاجات؛ "فهذه ليست وظيفة، إنها واجب"، لكن ولكي نكون صادقين، فإن بعض المحتجين يقدمون لنا الهدايا التي نرفضها، لكنهم يصرون... ولكني أقسم أن هدفنا الرئيسي هو خدمة المتظاهرين".
اقرأ أيضاً: العراق يحرك قضايا فساد ضد مسؤولين كبار.. ويعمل على توزيع عادل للثروة
أصبح الآن التحول بشأن الصورة النمطية تجاه التوكتوك واضحا جدا؛ حيث بات التوك توك الآن جزءًا من الثقافة الشعبية العراقية، بأغانيه التي تتهاوى إلى الأسماع فور مروره بالشوارع.
اقرأ أيضاً: 23 قتيلًا و1077 مصاب حصيلة ضحايا قمع مظاهرات العراق خلال 5 أيام
شاركت وفاء، 22 عامًا، في الاحتجاجات وتأسف للطريقة التي اعتادت بها أن تعامل سائقي التوك توك، وتقول: "أعتذر عن كل كلمة أو نظرة سيئة؛ فإنهم شباب يثورون ضد الظلم. وأشعر بالأسف دائمًا على انتقادهم، لكنني تعاملت معهم عن طريق إرسال وجبات معدة خصيصًا لهم إلى ساحة التحرير.